22 نوفمبر، 2024 11:12 م
Search
Close this search box.

كربلاء حرة أكثر مِن سجانها!

كربلاء حرة أكثر مِن سجانها!

(أبرز معالم منهج أهل البيت في الوحدة، هو تبني قضايا الأمة الكبرى، بدلاً من القضايا الجزئية والفئوية)،هذه العبارة الرائعة لشهيد المحراب، السيد محمد باقر الحكيم (قدس سره)، حول قضية كربلاء، فهو لم يتعامل مع العبادة ظاهرياً، كما لو أنها مجرد طقوس وشعائر، بل من خلال جوهرها ومضمونها، الذي جعل من رسالة الإمامة لأهل البيت (عليهم السلام تتمة لرسالة جدهم النبي (صلواته تعالى عليه وعلى آله) وإتماماً للنعمة، وإكمالاً للدين، نعم إنها القضية الكبرى، ونتائجها الأكبر!
كربلاء عرس إستشهادي آمن سرمدي، رغم أنه مخثن بالجراح والمصائب، حيث إنتصار الدم للألم الإنساني، والذي خلاله ولادة نشيد الحرية الأزلي، على يد فتية آمنوا بربهم فزنادهم هدى، إنهم إشارة نصر حلقت في سماء الكرامة، ورفضت الذل، الذي حاول الطغاة رسم ملامحه على القضية الحسينيةن لكن الباريء عز وجل يأبى ذلك ورسوله والمؤمنون، والسبب هو أن تراب كربلاء حرُّ أكثر من سجانه، فلبوة الطالبين زينب الحوراء (عليها السلام) تخاطب يزيد وأزلامه: هيهات منا الذلة.  كُثر هم ممَنْ حاول طمس معالم الشعائر الحسينية، لكنهم عبثاً حاولوا، لأن الإمام الحسين (عليه السلام) أنجز مهمته في كربلاء، وفق مسميات الشغف بالشهادة، الذي تحرك حباً للباريء عز وجل، والعمل لأجل قضية كبر،ى للحفاظ على الوحدة الإسلامية، والتركيز على إصلاح الأمة، والثورة على الظلم والطغيان الأموي، ولم يقاتل سيد الشهداء طمعاً بالسلطة، لأنه لم يخرج أشراً ولا بطراً، وإنما لطلب الإصلاح لأمة جده، فكان عطاء الدم أفضل عنوان للتواصل مع العالم، ماضياً، وحاضراً، ومستقبلاً.
القلوب يعتصرها الألم، والعيون يتقاطرها الدمع الدفين، لكن هذا حال العشاق، أما هو فلم ولن ينقطع عنده غيث الإبداع، لأن صانع الحرية بكربلاء الحسين، لم يكن يعمل لفئة وعشيرة وطائفة، بل لأجل أمة باتت الحرية فيها مهددة، على يد يزيد إبن آكلة الأكباد، الذي لن يستطيع أحفاده الصعاليك سجن قضيته، فقصة إنتصار الدم على السيف، لم تتكرر إلا مع الحسين، نعم إنه من أبناء السماء، صنع ثورة عالمية الوجود برأس خضيب، وجسد تريب ورداء سليب!
أحرار وطغاة، ودماء وسيوف، ورؤوس أيعنت لقطف الشهادة، وضمائر أسودت لتقتل إبن بنت نبيها، حوار بين الأنصار وبني هاشم، وموت أبيض لا طعم له يلاحق شفاه العيال والأطفال، وساقي العطاشى يتلقى السهام في عينيه، ويقدم كفيه فداءً لأخيه، وما بين صولات الشيوخ وجولات الشباب، يتقدم المجانين واحداً بعد الآخر، ليذوبوا عشقاً في مرضاة الله عز وجل، فالإبداع له طرق رائعة، لتترجم معنى أن تكون كربلاء حرة، رغم أنوف الحاقدين، إنها كربلاء هي مَنْ أعطتني هويتي.

أحدث المقالات