7 أبريل، 2024 5:28 ص
Search
Close this search box.

كربلاء برؤية جديدة /الحلقة الثالثة 3

Facebook
Twitter
LinkedIn

الجيل الثاني من كتاب التاريخ

هناك شريحة أخرى كتبت التاريخ بعد الجيل الأول , يمكن أن نسميهم الجيل الثاني , غير أن هؤلاء اعتمدوا أولا وأخيرا على ما كتبه الأوائل , اخذوا منهم وأضافوا عليه ما حدث في حياتهم لغاية موت المؤرخ , ثم يأتي كاتب من بعده وهكذا … وللتوضيح فان كُتاب المرحلة الثانية عملوا وعاشوا في زمن الدولة العباسية التي رفعت شعار العداء والإقصاء لبني هاشم , ولا تقل الممارسات التي مارسوها ضد أئمة الهدى{ع} عن الدولة التي سبقتهم , بل زادت على دولة بني مروان في اغلب المواقف عداءً … منهم .

1- محمد بن جرير الطبري : صاحب التاريخ المشهور الذي أصبح من أهم مصادر التاريخ وهو اكبر موسوعة تاريخية لان تاريخه جمع أحداث ثلاثة قرون , وختم تاريخه سنة – 302 هـ – وتوفي سنة 310 هجرية , بذلك أصبح تاريخه مصدرا يرجع أليه جميع من كتب في التاريخ الإسلامي , لذا توقف بعض الكتاب عند الطبري واعتمده تاريخا كاملا ولم يتعداه إلى غيره .. ومنهم ابن الأثير في كتاب { الكامل من التاريخ} وابن خلدون في تاريخه , وعدد آخر من الكتاب ..

2- المدائني .. علي بن محمد بن عبد الله : ولد في بداية الدولة العباسية سنة 135 هـ وتوفي سنة 225 هـ .. وهو صاحب الموسوعة التاريخية ” تاريخ الخلفاء ” وكتاب الأحداث ..وكتب عن السيرة النبوية , وحياة الرسول {ص} والخلفاء الذين جاءوا من بعده ..يقول عنه الذهبي : كان عجيبا في معرفة السيرة والمغازي والأنساب وأيام العرب , صادقا فيما ينقله , عالي الإسناد.. وكان من أهم شيوخه عوانه بن الحكم , وأشهر الرواة عنه خليفة بن خياط والزبير بن بكار ذكره الطبري في تاريخه 290 مرة .. أول ما كتب عن معارك الردة التي حدثت في زمن أبي بكر , في أحداث سنة 11 هـ , وأخرها في أحداث سنة 198 هـ ..وكان من كتاب الدولة العباسية …

3- ابن قتيبة الدينوري : صاحب كتاب الإمامة والسياسة .. توفي سنة 276 هـ .. زمن العباسيين.

4- احمد بن يعقوب الكاتب .. صاحب كتاب تاريخ اليعقوبي , من أعلام القرن الثالث الهجري ….

ثم جاءت مجموعة من الكتب والمؤلفين تدعمهم الدولة العباسية , كما دعمت الدولة الأموية الطبقة الأولى , وكانت فترة ازدهار الكتابة والتدوين حيث شجع الخلفاء العباسيون التأليف وكتابة الكتب .. فخرجت كتب للتاريخ في زمان الدولة العباسية وهي أمهات المصادر اليوم ..منها .

1- فتوح البلدان : للبلاذري المتوفي سنة 279 هـ

2- الفتوح …ابن اعثم الكوفي المتوفي سنة 304 هـ

3- مروج الذهب : المسعودي المتوفي سنة 346 هـ … وكتاب آخر له بعنوان ” أخر الزمان ” وصفه المسعودي في كتابه مروج الذهب , بأنه كتاب كبير ولكنه لم يصل ألينا , فقد لأسباب لا يعرفها الجميع وربما تم تلفه وعدم ترويجه ….

المحصلة النهائية:…

يتبين إن التاريخ الإسلامي لم يكتبه رجال مستقلون يكتبون للإسلام, ولا يتأثرون بالدولة, أو إنهم لا سلطة عليهم من قبل الخليفة , فكانوا تابعين للدولة في كل الاحوال , والنتيجة المأساوية على الإسلام أن ورثنا تاريخا مزاجيا غير دقيق خاضع لرأي السلطان ومطابقا لأهوائه , فوقع المجتمع الإسلامي كله تحت العاطفة الدينية , والنصوص المزورة الحاكية عن رأي السلطان وموقفه من الأحداث السياسية , فالإنسان يحب الأشياء العاطفية التي يرتبط بها , خاصة الدين , سواء كان هذا الارتباط حقيقيا أو وهميا , المهم انه وجدها تتلاءم مع مخيلته , فاعتقد بها وهذا من اكبر الأسباب التي شطرت الأمة , ولا زلنا نعاني منها اليوم أكثر من الماضي بحكم الفتاوى التي تصدر من بعض الجهات المتشددة في الوسط الإسلامي ..( ) ..

ليس تاريخ المغازي والأحاديث فقط .. فرسول الله {ص} أقدس الوجود وأحبها على الإطلاق , وقد فاق حبه الأهل والأبناء , وسرى حبه إلى قلوب المسلمين , ولا بد أن تكون لذريته نصيبا من ذلك الحب , والقران الكريم أشار إلى ذلك:{ قل لا اسالكم عليه أجرا إلا المودة في القربى } , فتحول ذلك المفهوم المقدس إلى ذنب يقتل من اجله المسلم شيعيا أو سنيا, هذا بسبب التاريخ المزيف الذي كتب ضد رسول الله {ص} الذي يصفه احد شيوخ التيار الوهابي السلفي ” إن عصاي أفضل من محمد”..!! ( ) أما أتباع مذهب أهل البيت {ع} فقد استحلت دمائهم وصاروا يذبحون كالنعاج من قبل التكفيريين ..!

من جانب آخر ,نجحت الأجهزة الإعلامية التي كتبت التاريخ أن توجد قرين للنبي {ص} يكون رأيه بديلا لقوله وقول القران الكريم , وهم الصحابة , فقد صورا أن تلك الفترة هي أحسن الفترات وأفضلها لوجود رسول الله {ص} كونهم عايشوا النبي {ص} وسمعوه , وهي كلمة حق بحاجة إلى قراءة وتحقيق ولا يمكن أطلاقها مع وجود آيات قرآنية تدينهم وتبين نفاقهم .. ونؤكد إن تلك الفترة من أفضل الفترات ولكن لا يعني إن المسلمين في ذلك الزمان وصلوا إلى درجة العصمة يحق لهم رسم هيكلية الدين , ” وهم براء من هذه الفرية ” ولكن السياسة والمصالح التي استغلها الخلفاء من تجارة الدين حتمت أن تعطي للصحابة هذا التقديس , فجعلوا قداسة النبي {ص} تنسحب على جميع الصحابة, بل أكثر …

رغم تعلق الآخر بهذا المفهوم إلا انه لا يعطي للمفهوم بعدا عاما شاملا , فليس جميع الصحابة لهم اعتبار , ولا قداسة لهم بحكم عدم وجود مصلحة للخلفاء الاموين والعباسيين لمواقفهم , وهذا يعني أن التاريخ لا يمثل الإسلام بصورة دقيقة , والالتزام به جاء وفق المصالح الخاصة ..( ) .مثلا لا قيمة لعمار بن ياسر وسلمان والمقداد وأبو ذر الغفاري وأمثالهم …!.

ولأذكر لك رأيا لابن حجر ينتقد فيه رأي ابن عبد البر , عن إمكانية مجيْ شخصيات أفضل من الصحابة في الأزمنة الأخرى , يذكر رأيه , عن عبد الله بن المبارك الذي يصفه بأنه من أعلام الورى والفقه والمعرفة .. يذكر رواية عن ابن المبارك يقول : سئل عن معاوية بن أبي سفيان وعمر بن عبد العزيز , أيهما أفضل ..؟ فقال : إن الغبار الذي يدخل في انف حصان معاوية وهو في ركاب رسول الله {ص} أفضل من مائة من أمثال عمر بن عبد العزيز .( .) وهو يعني ان صحبة رسول الله {ص} لا يدانيها شيْ حتى لو سب عليا على المنابر 80 عاما .. وقتل الحسن وقتل الحسين .ع. وحارب ولي الله أمير المؤمنين {ع} .

هذا يبين أن مسالة تزوير التاريخ الحسيني أهون على الكتاب والمؤرخين من التزوير الذي وقع في الرسالة وفي حياة الرسول {ص} وتقديس الصحابة , وإعطاء الشرعية لمن حاربوا الله ورسوله أن يكونوا أصحاب رأي في رسم خارطة الدين , حتى لو جاءت آراءهم متعارضة مع القران والحديث النبوي ..

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب