23 ديسمبر، 2024 10:01 ص

كربلاء الفداء الغارقة في نفاياتهم !

كربلاء الفداء الغارقة في نفاياتهم !

من يسمع توصيف احد اعضاء مجلس محافظة كربلاء لوضع المدينة الحالي كسبب لتفعيل تشريع محلي مشبوه المرامي حول قدسية المدينة, يضع يده على قلبه لهول المصيبة التي تعيشها المدينة.
فقد ورد في حديثه المنشور في وسائل اعلام الكترونية متعددة : انه ” تم وضع ملصقات للحد من ظاهرة الاباحة في الشوارع وشرب الخمر والزنا…” وتحذر هذه الملصقات ايضاً من عقوبات بحق المخالفين تشمل ” لعب القمار والجهر بالاغاني وبيع الافلام المخلة بالآداب وعرض الملابس النسائية في واجهات المحلات بشكل فاضح “.
الملصقات هذه ليست مذيلة بتوقيع جهة رسمية معروفة بل بأسم ” لجنة رعاية تطبيق المرسوم الخاص بقدسية كربلاء “. ليس معلوماً, هل لهذه اللجنة أب راعي اوهل لها وجود فعلي قانوني, وممن تتكون ؟
من مضمون الملصقات, تتوضح طبيعة اللجنة والمهام المنوطة بها, التي تبدو انها مستنبطة من ” هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ” السعودية, فكراً وعملاً, وان فلسفتها مشابهة, لسوء الصدف لفلسفة ” الشرطة الاسلامية ” للدواعش.
وبحسب مارسمته مخيلة السيد عضو مجلس المحافظة لمستوى الرذيلة المتفشية في المدينة فأن الف قانون قدسية وجيش من ميليشيا الأخلاق الحميدة غير قادرة على ارجاعها الى جادة الورع والتقوى ونبذ الظواهر المسيئة والغير مشروعة والجريمة المنظمة من دون اجراءات حقيقية تكافح البطالة بتشغيل المعامل وتفعيل النشاط الزراعي ووأد الامية والجهل بتعليم متطور وتطمين حاجات الناس من الخدمات واحترام كراماتهم ومكافحة الفساد… وهذا بالتحديد ما يتعفف عن سماعه القائمين على صلاحها.
وبغض النظر عن كل شيء, فأن هذا التوصيف المعيب للسيد حامي الفضيلة, والحال التي وصلت اليه محافظته حسب تقييمه, وكذلك نشر الملصقات يدينان هذه الأحزاب الحاكمة في المحافظة ويحملانها مسؤولية الاساءة الى قدسية المدينة بدل ان يبرآنها.
فهي التي جرت المدينة الى هذا الوضع المتدهور بسبب عدم اهلية ممثليها في سلطة المحافظة, اضافة الى انشغالهم بما هو اهم من التفرغ لشؤون الناس واداء واجباتهم الوظيفية كل هذه الفترة منذ 2003, بأنغمارهم في جني مغانم السلطة.
في الوقت الذي يستميت فيه زملاؤهم في مجلس النواب على تمرير قوانين نكاح القاصرات وتشجيع الزيجات خارج محاكم الدولة الشرعية والطلاق العشوائي, ثم يستغربون وجود مظاهر الرذيلة والفساد وتفشي الجريمة, في مدينتهم المقدسة.
التساؤل المشروع الذي ينبغي ان يطرحه كل مواطن من اتباعهم وكل المواطنين: لماذا تخدش حيائهم رؤية ملابس نسائية على واجهة فترينات المحلات وتثيرهم المانيكانات ولا تخدش حيائهم ونظرهم اكوام النفايات والمياه الآسنة التي تغرق بها المدينة ومظاهر الفقر المدقع لمواطنيهم وانتشار المتسولين وغياب الخدمات وتفشي المتاجرة بالمخدرات وتعاطيها ؟ هل مدينة كهذه, يحكمها اسلاميون تليق بمقام سيد الشهداء ؟
ان ما تدره الزيارات المليونية لأضرحة شهداء الطف على المدينة من اموال هائلة اضافة الى التخصيصات الاتحادية من الخزينة العامة للدولة, كانت ستحل الكثير من مشاكل المواطنين بل تقلب حالهم البائس الى حال رفاه لو كانت في ايدي امينة عفيفة… هذا ما يردده المواطن الكربلائي.
ليس من الصعب كشف سبب التوقيت المفاجيء لتفعيل هذا المرسوم المحلي والغرض منه, فالانتخابات البرلمانية والبلدية على الابواب, وهم يحاولون اثارة ازمة قدسية في المدينة وتسويق ذواتهم بأعتبارهم المدافعين عن حياض الشريعة وحاملي مفاتيح جنانها لفرض نمط فكري وحياتي متخلف على المواطنين بدعوى تدنيس قدسية المدينة, لعل ذلك يحقق لهم عودة ثانية الى قدس اقداسهم, كرسي السلطة الوثير… بقرتهم الحلوب.
كرب وبلاء المحافظة يكمن في اسلامها السياسي الذي يحاول فرض دَجله عليها وسلبها قدسيتها الشعبية الفطرية المترسخة منذ قرون, من حب مواطنيها لها ومن وجود رمزي الفداء الحسين بن علي واخيه العباس في كنفها.