ما زالت أدبيات السياسة والقانون الدولي تفتش عن تعريف محكم وشامل لمفردة (( الارهاب )) لتخرجه من دائرة التوظيف السياسي في صراع الدول والجماعات الاجتماعية والاحزاب الحكومية والأخرى المعارضه , الا أن هذه الجهود الفكرية والقانونية ظلت في الدائرة المفاهيمية لمعنى العنف والقوة ونتائج استخدامها في مجتمعات العالم , وتراها خجلة مضمحلة في مناطق بسط وتنفيذ المفهوم , لاسيما في اشكاليات استخدام القوة ( المشروع ) والاخر ( غير مشروع ) .
والى جوار اصطلاح الارهاب الذي يعصف بالعالم ويحصد يومياً آلاف الارواح من البشر بالاستخدام المباشر للقوة والعنف يبرز مصطلح ( الفساد ) والذي يتردد كثيراً حالياً في العراق , وهو بلا شك الاب الواقعي والشرعي ( للارهاب ) , وهذا الاب الماكنه المنتجة لادوات الارهاب يجري اختزاله وحصره في ايقونات شعبوية بسيطة ليزاحم اصطلاحات الاختلاس والسرقة والاحتيال والنصب وغيرها من الجرائم وبذلك تسهل مهمة ( المفسدون ) في انجاز نواياهم واهدافهم الفاسدة الشريرة , وتذهب وتنشغل الناس كل الناس في مطاردة ابناء الزنا ولا تدرك الزاني الذي يولد هؤلاء اللقطاء , وهذا بحد ذاته هو النوع الاخطر من انواع الفساد والارهاب معاً بحسب ما تبسطة دراسات الفساد الحكومي .
ان هذه الدراسات من الاهمية بمكان أنها تقوم بتوصيف الفساد الحكومي وتحديد آليات حركته في دول العالم , ليجري فيما بعد تصنيف هذه الدول حسب حجم الفساد فيها , وموقعية العراق معروفة في هذا الجانب .
وتعرض هذه الدراسات الركائز الاساسية لانتاج واستشراء الفساد في الدولة المنخورة , ومن اهمها ركيزتين اساسيتين :
الاولى: هي التغلغل والنفوذ في المؤسسة الحكومية عبر السيطرة على الوظائف المهمة في التشريع والمراقبة والدوائر القانونية لتتمكن من تنفيذ مأربها الفاسدة بأليه ادارية متسلسلة الشكل , وبذلك تتحول المؤسسة اي مؤسسة عبر هؤلاء الافراد الى لص كبير , وكلما كان النظام السياسي في الدولة شمولياً ( مركزياً ) كلما انتظم
عمل هذا النوع من الفساد خلال النخبة الحاكمة ويتوزع على كامل الدولة ويصبح ( النظام الحاكم ) برأسه وحزبه ومنظومته فاسداً يتسلط على الشعب حد القهر والاضطهاد لحين الانفجار في ثورة أو تمرد أو أحباط أو أنحدار , وفي الانظمة الديمقراطية والتعددية الحزبية تتوسع دائرة الرؤوس الفاسدة ويتحلل النظام السياسي ومنظومة الدولة عبر رجالات الحكومة لتنتج طبقة سياسية كبيرة تعتاش على التخادم الفاسد بينها وتترك عنوان ( الدولة ) جانباً ومفقوداً مائعاً تعلو عليه اجراءات تنظيمية لتغطية الفساد , ومواجهة هذا النوع تحتاج الى وعي شعبي , ونخب شعبية خارج مؤسسة الحكومه قادرة على أنتاج البديل .
والركيزة الثانية في الفساد هي جماعات الضغظ والتأثير والتهديد ( العنف ) من خارج منظومة الحكم والحكومة لتمتد الى افراد وعناصر في مؤسسة الحكومة وتفتك بمقدرات الدولة والمجتمع .
ما موجود في العراق حاليا هو خليط من كلا النوعين من انواع الفساد , وحتى في دعوة حكومة العبادي للاصلاح واعتماد ( وزراء ومسؤلين ) من التكنوقراط لم تصمد أياماً في وجه النفوذ والتغلغل السايسي في مؤسسات الدولة وسلطاتها التشريعية والرقابية والتنفيذية , وبقاء هيمنة شخصيات كربتوقراط ( لصوص الحكومة ) متزوقة بقناع التكنوقراط .