بمناسبة الاحتفالات بأعياد إلام والمرأة ونوروز معاً في تواريخ متقاربة في بلادي، ولأننا نعيش في اجواء لا تمت بصلة للرومانسية الحالمة او الوردية، في ظل زحامات يومية مدمرة، وروتين حياتي وحكومي مزمن، واضطرابات الساسة والمرشحون وساحات الاعتصامات والتجاذبات وماشابهها، اقول بمناسبة كل ذلك لم يتبق لنا نفس لتناول كعكة الاحتفاء بعيد المرأة ، في وقت حرصت فيه معظم وزارات ومؤسسات الدولة( اشد الحرص) ان تخصص ساعة للاحتفال بالمناسبة كجزء من ممارسة بروتكولات شكلية للوزارة، او لاجل اكمال الخطة السنوية لها، وبشكل يضفي على شخصية السيد الوزير لمسات انسانية مميزة نحو الجنس اللطيف، وربما الجنس الالطف … بحسب تقديره!
المشكلة ان تلك الاحتفالات لا تتعد مساحتها أكثر من قاعة المناسبات، وما عداها يصبح التعامل الفوقي والمتعند تجاه المرأة، سواء في العمل او الشارع، او حتى البيت شيء من الواقع الحقيقي لطبيعة العلاقة مابين الرجل والمرأة في مجمعاتنا الشرقية.
بالأمس، لعنت كل تلك الاحتفالات، وكل اشكال البالونات والشرائط المعلقة كذباً على واجهة المقرات الرسمية، وكل كعكات الميلاد (وان لم اتذوق منها شيئاً)، أحتفالاً بعيد المرأة، لانها لم تمنع رجل الأمن القريب من نقطة التفتيش التابعة لوزارة المالية العراقية ان يوجه ثلاث نساء احداهن انا والاثنتان ضيفتان قدمتا من محافظة البصرة، لاجل اكمال معاملة رسمية، اقول ان تلك المناسبات لم تمنعه من اجبارنا على المشي اكثر من ثلاثة كيلومترات في منطقة خطرة في طريق جسر محمد القاسم السريع، وقرب خطوط السيارات العابرة بسرعة، لان المدخل القريب منا هو مدخل السيد الوزير والمدراء العامون؟؟ قلت له: والنساء، والمرأة العراقية، هل هي رجس من عمل الشيطان كي تضطر للمشي كل تلك الامتار ووسط طريق خطر، لتعبر حواجز عالية بعدها حتى تصل الى مكان دخول المراجعين؟
صمت ذلك الرجل، صمت طويلاً وقال متمتماً: لاتصدقي تلك الشعارات، وهذه اوامر جهات عليا..
الغريب ان معظم دوائر ومؤسسات الدولة صارت تتشاطر في تعذيب مراجعيها وتتخير لهم مناطق دخول ومراجعات غاية في التعقيد والصعوبة، كأنهم سجناء او متهمون بقضايا اربعة ارهاب وان لم يقترفوا ذنباً…. ، وعليهم المراجعة على الاغلب من الشباك، في حين ان مدخل السيد الوزير والمدراء والوكلاء مفتوح على مصريعه وهو مزدان بالورود والرياحين والسجاد الاحمر..، وبشكل يفضي الى ان المواطن وحده هو من دفع فاتورة اضطراب الامن في البلاد ، وصار عليه ان يجترع كل يوم ممرات ضيقة، وابواب مغلقة ويعبر وينط اسلاك شائكة وصبات كونكريتية متعالية… اصابتنا جميعا ً بثقل القلب واضطراب الاعصاب..
ختاماً…اقترح الغاء كعكات اعياد المرأة، وتخصيص اقيامها لبناء مداخل محترمة للمراجعين والمراجعات، مداخل تحترم الإنسان العراقي وحجم تضحياته على اقل تقدير.