استوقفتني مقولة لعالم الاجتماع العراقي المعروف الدكتور علي الوردي حيث يقول “لقد ضعفت نزعة التدين في اهل العراق وبقيت فيهم الطائفية حيث صاروا لا دينيين وطائفيين في ان واحد وهنا موضع العجب ” وحقيقة ان هذه المقولة على الرغم من مضي عشرات السنين على اطلاقها الا اننا نتلمس اثارها ومصاديقها يوما بعد يوم مع شديد الاسف واقول مع شديد الاسف لسببين اولهما من ناحية ضعف التدين عند العراقيين فهو مما لايحمد عقباه فهم “اي العراقيين” كما يقال جمجمة العرب وارضهم ارض الانبياء والاوصياء وهي ارض علي والحسين وابي حنيفة النعمان فكيف يصل بهم الحال الى هذا التدني بخصوص الدين والناحية الاخرى التي تدعو الى الاسف هي كون العراقيين اصبحوا طائفيين وهذا ايضا مما لايمكن قبوله لشعب عمره عشرات الالاف من السنين ضرب خلالها اروع الامثلة في التعايش السلمي بين طوائفه المتعددة وانا هنا ليس في محل لشرح الاسباب التي اودت بالعراقيين الى ان يكونوا بعيدين عن الدين وقريبين من الطائفية وانما اردت في هذا المقال مناقشة ما صدر عن مجلس الوزراء من قرار بتحويل بعض الاقضية الى محافظات وهذه الاقضية هي تلعفر وسهل نينوى وطوز خورماتو والفلوجة وبقراءة بسيطة للموضوع نخلص الى عدة استنتاجات منها :
1. قناعة رئيس الوزراء ومن سول له باستشارته الخبيثة في هذا التحويل الى حقيقة ان هذا الامر لايتم لان الامر منوط بمجلس النواب وليس للسلطة التنفيذية سوى رفع مقترح قانون او قرار لمجلس النواب وماتبقى من عمر البرلمان لن يسمح بتمرير هكذا قوانين في هذه المرحلة .
2. ان هذا القرار يجري بالطول مما تبناه الملعون الشرير “بايدن” من تقسيم العراق الى كانتوناتعلى اساس العرق او الطائفة واشاعة روح التناحر والتفرقة بين هذه الاقسام .
3. بعدما بدأت تلوح بوادر انفراج في الازمة السورية فيتحتم نقل (المجاهدين) الذين تم جلبهم من دول العالم الى مكان اخر ليقضوا فيه فترة معينة من القتل والتخريب واكيد ليس هنا أفضل من العراق فهو المرشح الساخن بعد سورية وفعلا بدأت تلك الطلائع في الانبار ثم تنتشر بالتدريج الى ان يتم البحث عن مكان اخر وهذا قد يستمر لعدة سنوات .
4. ضمان الحصول على تأييد لحزب السلطة الحاكم في الانتخابات القادمة وبالتالي الحصول على اغلبية تمكن دولة رئيس الوزراء من البقاء بمنصبه لولاية ثالثة خصوصا اذا علمنا ان المدنيتين المرشحتين للتحول الى محافظات – الطوز وتل عفر – ذات اغلبية شيعية .
5. خطوة في زيادة الاحتقان الطائفي الذي يستشري بين العراقيين يوما بعد يوم وترسيخ هذا الاحتقان بصورة عملية عن طريقة مناغمة عقول السذج من العراقيين .
6. توجيه رسالة ضغط للتحالف الكردستاني حيث ان الاكراد يحلمون بكثير من الامور اهمها كركوك والطوز وخانقين ومناطق اخرى فكيف سيكون حالهم امام هكذا قرار على الرغم من قناعتهم بان ذلك صعب التحقيق ولكن عليهم ان يفهموا الرسالة ان الحكومة جادة في موضوع المقايضة .
7. توجيه رسالة الى اهل الانبار ان الحكومة وعلى رئسها دولة رئيس الوزراء ماضية في ما يعتقدون به من اقصائهم وتهميشهم واستعدائهم ومحاولة عزلهم من خلال شق المحافظة الى قسمين وبالتالي تجذير التناحر والمطاولة في الخلاف وهو الذي تريده الحكومة والجهات المعادية للعراق واهله .
8. الحكومة وعلى رئسها دولة رئيس الوزراء ترفض رفضا قاطعا تحويل اي قضاء الى محافظة وانما ارادت بقرارها هذه دعاية معينة لا اكثر ولا اقل لأنهالوكانت صادقة في خدمة الشعب والمحافظات لأسرعت في كثير من القرارات والتي اخرها مشروع البترودولار الذي اخذت تماطل فيه .
9. الحكومة تحتاج الى التأييد الامريكي في موضوع تجديد الولاية لدولة رئيسالوزراء لذلك قامت بتوجيه هذه الرسالة للإدارة الامريكية بان الحكومة عازمة على تحقيق ماتريد ادارة أوباما وخصوصا بايدن .
10. كما يقول العراقيون في المثل الشعبي المعروف “يامغرب خرب” فدولة رئيس الوزراء احد المحتملات الراجحة عنده هو عدم التجديد الولاية له لذلك فهو يرغب بان تستلم الدارة التي تأتي بعده مشاكل عديدة ومن ضمنها هذه المشكلة فهو ان فاز وحصل على الولاية الثلاثة “لاسمح الله” وطبعا وهو لايرغب بتحويل الاقضية الى محافظات كما ذكرنا سيتحجج بان البرلمان رفض ذلك وان لم يفز وهذا المظنون يقوم وعن طريق اذنابه بتأليب اهل هذه الاقضية على الادارة والجديدة وهكذا .