الاغلبية الوطنية التي ابتدعها السيد مقتدى الصدر كذبة كبيرة ومشروع اهدافه واضحة، ولا يمكن الاقتناع بانها ولدت لتغيير طريقة الحكم او إدارة البلاد من التوافقية إلى الأغلبية التي تفرض سيطرتها على المؤسسات وتكون مسؤولة امام الشعب والجهات الرقابية حتى لا تكون المسؤولية ضائعة بين المكونات السياسية.. لكنها بالحقيقة إعادة صياغة لمشروع التوافقية بثوب جديد، تتقاسم فيه الاطراف التي يريدها السيد الصدر فقط، من خلال شركاء يطلق عليهم زعيم التيار الصدري بالحلفاء او الشركاء.. وهي الطريقة نفسها التي أُستخدمت خلال الحكومات السابقة في تقاسم المناصب، مثلا.. القوى الكردية التي يمثلها مسعود البارزاني والقوى السنية التي يقودها خميس الخنجر ومحمد الحلبوسي موجودة في التحالف الذي يسميه السيد الصدر بالأغلبية إضافة إلى جزء من الشيعة وهم التيار الصدري، وهذه الجهات ستتقاسم المناصب الحكومية والبرلمانية فيما بينها كما تخطط، فأين الأغلبية؟.
وهذا يعني بان الطرف المستبعد فقط هم بقية المكون السياسي الشيعي الذي يمثل الاطار التنسيقي، فكيف يكون شكل التوافقية؟، واكثر ما يثير الغرابة بان التيار الصدري والشركاء يسعون للسيطرة على اللجان البرلمانية التي من المفترض أن تكون جهة رقابية على الحكومة التي يسعى التحالف الثلاثي لتشكيلها، فهل يعقل في نظام الاغلبية أن تكون الحكومة والجهة الرقابية من الأطراف نفسها، كيف يمكن حينها محاسبة الحكومة؟.
ولعل أفضل مثال على ذلك.. تشكيل اللجنة المالية التي أختير الأعضاء فيها قبل يومين، تخيل أن من يقودها النائب عن تحالف السيادة مشعان الجبوري ونائب رئيس الكتلة الصدرية حسن الكعبي، وهؤلاء من التحالف الثلاثي الذي يدعي أحقيته بتشكيل الحكومة، فهل هناك خديعة اكثر من هذه التي يريد التيار الصدري إقناع عباد الله بانها أغلبية وطنية تسعى لمحاسبة الفاسدين ، في حين ترتكز حينها أركانها على قواعد مشكوكة في نزاهتها، بدايتها من زعيم الحزب الديمقراطي مسعود البارزاني، مرورًا بخميس الخنجر ومحمد الحلبوسي ولا تنتهي عن قيادات التيار الصدري ومكاتبهم الاقتصادية.
الخلاصة:.. إن مشروع السيد الصدر هو إقصاء طرف شيعي معين يعتبره العدو الاول له، لعدة اسباب ابرزها “الضغينة” الشخصية مع زعيم دولة القانون نوري المالكي، ومحاولة فرض نفسه على بقية الاطراف “الضعيفة” امامه، فهو يجد في الإطار التنسيقي وقياداته “قوة” لا يمكنه السيطرة عليها او اخضاعهم بالطريقة التي يستخدمها مع الكرد والقوى السنية، وهناك العديد من الامثلة التي تؤكد حقيقة تفكير السيد الصدر تجاه المالكي او قيادات الاطار، نذكر منها ما وصلنا من كواليس اجتماع بين السيد الصدر وجهة سياسية عرضت نفسها كوسيط لانهاء الخلاف بين الطرفين، فحين ما وجهت سؤالها للسيد الصدر عن أسباب تأخر الصلح، رد عليها بالقول “المالكي لا يحترمني”…. ولك يا عزيزي القارئ أن تتخيل حجم الازمة التي يؤمن بها التيار، لكن هذا لا يعني بأن الإطار التنسيقي “منزه” من الاتهامات، فهو الاخير يحتاج “الغربلة” تحاسب “الفاسدين”.. أخيراً.. السؤال الذي لابد منه… متى يدرك “المخدوعون” بان اغلبية السيد الصدر “كذبة”؟.