18 ديسمبر، 2024 5:22 م

كذبة استقلال العراق في 3/10/1932؟!

كذبة استقلال العراق في 3/10/1932؟!

بالوقت الذي كانت الحكومة والأحزاب السياسية ومعهم الأعلام العربي والأقليمي مشغولين بهوسة الأنتخابات وصور المرشحين وحرب التسقيط فيما بينهم! وأنتظار ما ستؤول عليه نتائج الأنتخابات ، وأذا بالحكومة تفاجأ العراقيين بأعلانها بأن يوم الأحد الفائت الذي وافق 3/10/2021 عطلة رسمية وأعتبار هذا اليوم عيدا وطنيا! لكون العراق في هذا التاريخ حصل على أستقلاله من الأنتداب البريطاني وأصبح عضوا في عصبة الأمم المتحدة!0 ولا أحد يدري هل تم عرض الأمر على البرلمان العراقي وهل تم مناقشته؟ وهل هذا سيعني ألغاء ذكرى ثورة 14/ تموز/ 1958 الذي صار مفهوما لدى عموم العراقيين بأن الأحتفال بالذكرى السنوية للثورة يعد عيدا وطنيا للعراق منذ أنبثاق الثورة ولحد الآن! ، المهم عند العراقيين هو (أجتهم عطلة والحمد لله!) أما لماذا وهل هناك قصد أو شيء وراء هذا الأختيار والتاريخ؟ فهذا لا يهم الكثير من العراقيين ومع الأسف بما فيهم من يحسبون أنفسهم على الثقافة والمثقفين! 0وقبل الدخول في تفاصيل أختيار هذا الناريخ الشائك والمثير للجدل وبهذه المفاجأة التي لا تخلو من المخاتلة! ، أقول لو سألنا أي مواطن أيا كان عن الفرق بين الأحتلال والأستقلال ؟ فمن الطبيعي ستكون أجابته وبكل بساطة، بأن الأحتلال معناه وجود قوات أجنبية على أراضي دولة معينة يتم أحتلالها وتغير نظام حكمها بالقوة! ، كما حدث في العراق عام 2003 ، أما الأستقلال فهو يعني عدم وجود أية قوات أجنبية على أراضي تلك الدولة لا قواعد ولا مستشارين ولا أي شيء ولا حتى وجود جندي واحد! ، هذا بالمفهوم البسيط والعام والذي يعرفه الجميع ، وما دمنا نتكلم بهذا السياق فدعونا أن نوضح هنا أن كلمة (أنتداب) التي سمعنا وقرأنا عنها في المواضيع السياسية والتاريخية منها تحديدا ففي الحقيقة هي (بديل عن كلمة أحتلال ولكن بغطاء من الدبلوماسية والأدب في لغة السياسة وبنغيير الأسم لا أكثر!؟) ، فالأحتلال يخرج من الباب ولكنه يدخل من الشياك تحت مسمى الأنتداب! ، ويبقى المعنى واحد حيث وجود القواعد والمعسكرات الأجنبية والمستشارين والخبراء والمدربين! ، ويتم تنظيم وجودهم بمعاهدة تعقد بين الطرفين ، والأخطر فيها هو أن مواد وفقرات المعاهدة تصب لصالح المحتل من جميع النواحي! ، وهذا هو جوهر تاريخ 3/10/1932 الذي أقرته حكومة الكاظمي ليكون عيدا وطنيا للعراق!!0 ولندخل الى صلب الموضوع ونوضح بأن هذا التاريخ الذي أعتبر عيدا وطنيا للعراق ، جاء على خلفية معاهدة 1930 بين العراق وبريطانيا والتي وقعها عن الجانب العراقي المرحوم ( نوري السعيد) وتعتبر تلك بداية بزوغ وبروز نجمه السياسي على الساحة السياسية العراقية ، ووقعها عن الطرف البريطاني المندوب السامي البريطاني ( فرانس همفري) ومدة المعاهدة 25 سنة ، وقد منحت المعاهدة وأعطت للأنكليز حقوق غير محدودة ومشروطة لوضع قواتهم في العراق وتنقلها ونقلها من والى العراق!!، ومن المفيد أن نذكر هنا بأن معاهدة( 1930) لم يجر عليها أي تفاوض بل تم أملاؤها على حكومة العراق آنذاك التي كانت بريطانيا تسيطر عليها تماما! ، مثلما تفاجأ بها العراقيين الآن!!؟ 0 ويجمع ويؤكد كل المؤرخين ومن كتبوا عن تاريخ العراق السياسي الحديث أن المعاهدة أعطت استقلالا أسميا وشكليا وصوريا للعراق ، أذا ما قورنت بالوجود البريطاني في العراق وبالحقوق العسكرية والتجارية التي حصلت عليها بريطانيا بدون أي مقابل يحصل عليه العراق!0 ومن المعروف وحسب ما مؤرخ تاريخيا أن بريطانيا ومنذ أحتلالها العراق بعد أنتهاء الحرب العالمية الأولى ( 1914 – 1918) كبلت العراق بعدد من الأتفاقيات والمعاهدات التي تصب كلها لصالح بريطانيا تلك المصالح التي تقف على الضد من أرادة الجماهير وتطلعاتهم ، بدأ من معاهدة 1922 ثم معاهدة 1926 فمعاهدة 1927 ثم (معاهدة 1930 (موضوع مقالنا) ، ناهيك عن معاهدة (بورتسموث السيئة الصيت سنة 1948 ) 0 وهذا أمر طبيعي فسياسة المحتل هي واحدة وهو النظر لمصالحه فقط لا غير، ومن الطبيعي أن كل هذه المعاهدات لم تحظى برضا وقبول الجماهير العراقية التي كانت دائمة الثورات والتظاهر والأعتصامات على الحكومات أبان العهد الملكي بسبب تلك المعاهدات والأتفاقيات التي صبت لصالح بريطانيا المعروفة بدهائها ومكرها و خبثها وتاريخها الأستعماري المشين! ، حيث نستبعد تماما بأن بريطانيا عميدة وزعيمة الدول الأستعمارية في العالم أنها تعاملت بانسانية وكانت تحمل نوايا طيبة تجاه العراق ومصالحه وأرادت له الخير كما يدعي المحتل دائما! ، بقدر ما عملت على تأمين مصالحها الأقتصادية والعسكرية بالدرجة الأولى لكي تؤمن أستمرار بقائها بالعراق لما فيه من خيرات وثروات طبيعية كثيرة وعديدة وخاصة بعد أكتشاف النفط فيه عام 1927!0 ومن بديهيات السياسة أن أي محتل سواء البريطاني أو الأمريكي أو الفرنسي أو غيره! .
لا يمكنه أن يحقق مصالحه ألا بوجود حكومات عميلة! ، وشخصيات سياسية تداهن الأحتلال على حساب المصالح الوطنية وأرادت الجماهير، وأعتقد بأن الكعبة ( مكة المكرمة) لم تكن قبلة الزعيم السياسي المعروف (نوري السعيد) مثل بقية المسلمين! ، بل كانت بريطانيا هي قبلته وكعبته ومحرابه الذي يصلي أمامه وفيه!! 0 وأرجو من عشاق ومحبي (نوري السعيد) أن لا يزعلوا من هذه الحقيقة! ، ولا يمتعضوا ويختلقون الأعذار عندما يقال عن (نوري سعيد) بأنه عميل الأنكليز رقم واحد ورجلهم الأول والقوي في العراق حينها !، وبالتالي لابد من الجميع أن يفهموا، (بأنه ماكو عميل حباب وخوش أدامي وشريف ووطني!) ، وألا لماذا سمي عميل ولماذا أختار أن ينحاز الى جانب المحتل ضد أرادة الشعب!؟ فالأحتلال وعملاء الأحتلال هم متشابهون وموجودون في كل زمان ومكان وبنفس الجوهر والمضمون والصفات من الخسة والدناءة والأنقياد والذيلية ، فقط أختلاف في الشكل والأسماء والزمان والمكان! حيث لكل وقت آذان كما يقال (فأحتلال العراق عام 1917 من قبل الأنكليز هو نفس أحتلال العراق عام 2003 من قبل الأمريكان وبوجود الأنكليز معهم أيضا!!)0 نعود الى تاريخ 3/10/1932 ولمن قالوا وأعتبروه عيدا وطنيا لكونه يمثل أستقلال العراق وأنتماءه لعصبة الأمم المتحدة حيث اصبح أحد دول المجتمع الدولي ، وهنا نوضح بأن بريطانيا هي من رفعت مذكرة الى عصبة الأمم المتحدة حينها تطالب فيها بأنهاء الأنتداب البريطاني وأستقلال العراق!!!؟ ، ومثلما الأمم المتحدة الآن وبكل منظماتها هي مسيسة !! وبيد أمريكا بأعتبارها القوة الأعظم ، فأن عصبة الأمم المتحدة عام 1932 كانت بيد بريطانيا تتحكم بها وتملي عليها ما تريد لأن بريطانيا كانت حينها هي القوة الأعظم والأمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس!0 نعود لنؤكد بأن التاريخ المحتفى به كعيد وطني لأستقلال العراق ماهو ألا أستقلالا شكليا وصوريا وبالأسم فقط! ، حيث بقيت القواعد البريطانية موجودة في البصرة والحبانية! مع العديد من الجنود والقادة والمستشارين البريطانيين! وأستمرار نفاذ بنود وفقرات معاهدة عام 1930 التي ذكرناها آنفا! بكل تفاصيلها وأمتيازاتها التي هي لصالح الأنكليز! ، فأي أستقلال هذا؟؟ 0 ودعونا هنا نذكر بعض الحوادث المهمة التي وقعت وجرت بالعراق التي تدلل على أن الأستقلال كان صوريا حيث ظلت بريطانيا هي من تتحكم بسياسة العراق الداخلية وبكل مقدراته وتفاصيله! بوجودها القوي والفاعل الذي يلغي تماما موضوع الأستقلال الكاذب!0 ومن هذه الحوادث: أن (الفريق بكر صدقي) الذي قام بأنقلابه عام 1936 والذي هرب على اثره نوري السعيد خارج العراق خوفا من بطش بكر صدقي له ، فقد أغتيل الفريق بكر صدقي عام 1937 وكان الأنكليز وراء ذلك! ، وتم الأغتيال في دار أستراحة الموصل بتدبير من ضابط الأستخبارات البريطاني هناك!، حيث تم أغتياله عن طريق عريف تقدم نحوه بحجة تقديم المرطبات له، فقتله وقتل معه أيضا قائد القوة الجوية حينها العقيد محمد علي جواد الذي كان يحلس بجواره! وبعدها عاد نوري السعيد للعراق!!؟ ، كما أن الأنكليز هم أيضا من كانوا وراء أغتيال الملك (غازي) عام 1939 ، في قصة أصطدام سيارته بالعمود الكهربائي ليلا وهي قصة يعرفها غالبية العراقيين! ، وأيضا هناك شبهات قريبة من اليقين! ، بأن الأنكليز هم من كانوا وراء موت الملك فيصل الأول عام 1933 في مينة ( برن) في سويسرا عن طريق الممرضة التي كانت تشرف على علاجه هناك! ، وكذلك الأنكليز هم من كانوا وراء أجهاض ثورة رشيد عالي الكيلاني القومية الوطنية عام 1941 وأعدام العقداء الأربعة والذين يطلق عليهم ضباط المربع الذهبي ( العقيد صلاح الدين الصباغ ، العقيد كامل شبيب ، العقيد فهمي سعيد ، العقيد محمود سلمان) ، ويذكر أن نوري السعيد والوصي هربوا خارج العراق على أثر تلك الثورة! ، الى أن أستطاع الأنكليز القضاء على الثورة وأعادة نوري السعيد والوصي الى حكم العراق! ، وهنا لا بد من التوضيح بأن الأنكليز عادوا لأحتلال العراق بالكامل!! ، أثناء ثورة رشيد عالي الكيلاني مستفيدين من بنود معاهدة 1930 الآنفة الذكر والتي سمحت لهم بذلك التدخل للقضاء على الثورة وتوجهاتها الوطنية والقومية المناهضة لبريطانيا!!، ناهيك عن دعم الأنكليز وأسنادهم لنوري السعيد في كل الحكومات التي ترأسها (13 مرة أصبح رئيس وزراء العراق) وكذلك دعمهم وأسنادهم للوصي عبد الأله ضد أية أحتجاجات ومظاهرات شعبية كانت تخرج ضد أية معاهدات وأتفاقات مشبوهة تصب لصالح الأنكليز ومنها المظاهرات الشعبية العارمة على أقرار معاهدة (بورتسموث) عام 1948، والمظاهرات الحاشدة التي خرجت لنصرة الشعب المصري في حرب 1956 ضد العدوان الثلاثي على مصر من قبل (بريطانيا ، أسرائيل ، فرنسا )، وغيرها الكثير من الحوادث التي تدلل على سيطرة وتدخل الأنكليز السافر في الشؤون الداخلية والسياسية للعراق وفرض ما يريدونه!0 بعد كل هذه الوقائع والأحداث ، هل كان العراق فعلا بلدا مستقلا؟ وأي أستقلال هذا الذي تتدخل وتتحكم به بريطانيا بهذا الشكل؟!0 أخيرا نقول ونكرر ونؤكد ما قلناه بداية مقالنا وأستنادا على ماذكره كل المؤرخين ومن كتبوا عن تاريخ العراق السياسي الحديث ، بأن العراق نال أستقلالا شكليا أسميا صوريا عام 1932 والوقائع التي ذكرناها تؤكد ذلك ، وبالتالي لا يستحق أن يعتبر التاريخ أعلاه عيدا وطنيا للعراق!!؟ ، ولا أدري هل غاب كل ذلك عن دولة الرئيس ليفاجأ العراقيين بأقرار تاريخ 3/10/1932 عيدا وطنيا وبشيء من المخاتلة تثيرالجدل والتساؤل؟ ، ونسأل أيضا : هل هذا سيعني ألغاء العيد الوطني الحقيقي للعراق والمتمثل بثورة تموز الخالدة عام 1958؟0 أن منطق الأمور والوقائع والحوادث التي مرت على العراق منذ تأسيسه عام 1921 ولحين أنبثاق ثورة تموز عام 1958 تقول بأن الأنكليز والأمريكان وكل عملائهم يكرهون ثورة تموز 1958 ويكرهون كره العمى الزعيم عبد الكريم قاسم! ، لأنه ضرب مصالحهم ومصالح كل الدول الأستعمارية التي كانت تنهب بخيرات العراق وثرواته ، ولم يهدأ بال كل القوى الأستعمارية بالعالم وعلى رأسهم أمريكا وبريطانيا .
ألا بالقضاء على الزعيم عبد الكريم قاسم وثورته في أنقلاب 8/شباط/1963؟! ، ولا أدري هل نسي ام تناسى دولة الرئيس ذلك؟ وهل نسي دولة الرئيس أم تناسى ، بأن العراق يعيش الآن أحتلالا من أكثر من دولة منذ عام 2003 ولحد الآن؟؟! ، فماذا يقصد وماذا يعني ويريد بأعتبار تاريخ 3/10/1932 عيدا وطنيا لأستقلال العراق؟! وأي خلط للأوراق وأي تزييف للتاريخ وللحقيقة؟! 0 أخيرا أقول علينا أن نحرر العراق وأنفسنا أولا مما نحن فيه من أحتلال أمريكي وأقليمي وتدخلات خارجية بالشأن العراقي من قبل كل دول العالم!!؟ ، قبل أن نقرر ونحدد العيد الوطني للعراق ، أليس كذلك يادولة الرئيس ويا برلماننا الوطني!!؟0