في اللسان العربي ، وفي معاجم اللغة .. يسهل تعظيم الاشياء ، وتصغيرها ، تمجيدها ، وتفتيتها .. واول انتباهة لي في جدل الاسماء والمعاني ، وكنت حينها تلميذا في مدرسة المسعودي الابتدائية في منطقة الجعيفر ، اني سألت مدرس اللغة العربية ، استاذ موحان عن معنى كلمة ( الجعيفر ) … فقال حينها ( تصغير اسم جعفر ، وتعني النهر ) .
وعندما عدت الى البيت .. وجدت المرحوم والدي صاغيا الى حديث الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم ، وهو يتحدث عن حقوق العراق في ( الكويت ) التي كانت ضمن ولاية البصرة في عهد الدولة العثمانية ، واضاف والدي .. وكان كثير الاصغاء الى نشرة الاخبار من راديو بغداد/ ان الملك غازي طالب بعودة الكويت ، وتبعه نوري السعيد ايضا .. مات والدي .. ولم يشهد جنود صدام ، وهم يدخلون الدولة (الشقيقة ) دخول المحررين الفاتحين .
وفي متوسطة العطيفية كان زميلي هادي المياحي ، من اهل مدينة الكوت ، فقلت له بصيغة المستفسر ( يعني الكوت..اكبر من الكويت ) .
وبين مفردات الجعيفر ، والكويت ، والكوت ، توسعت الذاكرة بعد الاستعانة بقواميس اللغة ، ومناهج علم الكلام .. وفهمت بعدها ، الفرق الكبير بين الكتاب والكتيب ، والدولة ، والدويلة .. وان مفردة الكوت تعني القلعة ، وتتكون من سور وخندق.. وتصغيرها الكويت ، اي ( القليعة ) .
هذه ( القليعة) ..يا سادتي / امتدت اسوارها ، وخنادقها ، و وصلت الى مشارف البصرة ، مستفيدة من تقهقر الاوضاع السياسية ، والاقتصادية ، والاجتماعية في العراق ، بسبب الاحتلال الامريكي المدمر للدولة العراقية القوية .. وبسبب رخص العملاء وخيانتهم ، ووضاعتهم .
امارةالكويت تاريخيا .. كانت ( ارضا للوافدين ) وهي خليط من عوائل حجازية ، ونجدية ، ومن مدينة البصرة ، والزبير .. وغيرها .. وعندما قالت الشاعرة سعاد الصباح في قصيدتها ( انا نخلة ،من جنوب العراق ) في احد مهرجانات المربد الشعرية ،، ثارت ثائرة الوسط السياسي ، والاعلامي في دولة الكويت ، وتناسى هؤلاء ان شاعرتهم من مواليد مدينة الزبير العراقية .
في غزو الكويت .. لا اظن ان العراقيين فرحوا بالغزو وضم ( الكويت الى الوطن الام ) .. لان الكويت ، وبسبب تقاعس السياسيين العراقيين وغفلتهم ، لم تعد قلعة وخندقا وسورا.. بل هي امارة معترف بها عربيا ، واقليميا ، ودوليا ، وشركة استثمار عالمية .. ولهذا سارعت القوات الامريكية ، والبريطانية .. لاستعادة ابارهم النفطية ، و بنوگهم المالية .
وعندما سقط نظام صدام / قلنا سيرتاح الاخوة في الكويت ، وتنتهي احزانهم ، ويتنازلوا عن ديونهم ، ويبدأوا صفحة سياسية جديدة من العلاقات الاخوية ، والسياسية ، والدبلوماسية.. لكن واقع الحال اثبت انهم لم يكتفوا بسقوط نظام صدام .. بل استمروا في خنق وقتل العراق ، من الوريد الى الوريد .
سلسلة من الاجراءات والسياسات .. من ميناء مبارك ، والاستيلاء على خور عبد الله ، وضم جزيرة بوبيان التي كانت جزيرة مفتوحة للعراق والكويت .. ورسم خارطة حدودية جديدة بمعاونة الامريكان والبريطانيين ، و محاصرة الصيادين العراقيين ، والتشجيع لاقامة اقليم البصرة.. واخرها الرغبة في ربط سكك الحديد بالاراضي العراقية.. كل هذه السياسات ، لا تساعد على بناء علاقات ودية ، وبحسن نية .
لا ننتظر .. خيرا من وزراة الخارجية العراقية.. و وفودها المفاوضة ..فهذه الوزارة لم تات بوزير وطني ، ولا بموظف وطني ، ولا بموقف وطني ، معظم الموظفين ( اولاد محاصصة ) دخلاء على السلك الدبلوماسي ، غرباء على الشعور الوطني ..لاينظرون الى مصالح العراق ، بقدر حرصهم على مصالحهم الخاصة .
نقول للاخوة في الكويت.. الدول الذكية لاتبني مصالحها على حساب دول تعيش تقهقرا وتراجعا ، والذين يقرأون التاريخ جيدا .. هم رجال الدولة فقط ، من الذين يعرفون ، ان دول التقهقر ، والتراجع ، ستعود يوما قوية جبارة وستسترد حقوقها كاملة .
عندما سقطت الدولة العثمانية ، تم تكبيلها بمعاهدة سيفر ، ثم بمعاهدة لوزان ، ولمدة مئة عام .. وهاهو الرئيس التركي اردوغان ، يسعى اليوم للتخلص من قيود المعاهدات القديمة الجائرة التي ستنتهي في 2023.. فهل يستفيد اصحاب ( الكتيب) من قراءة كتاب التجربة التركية ..