كتبت بضع مقالات منذ استيلائه الغير مشروع على رئاسة الحكومة 2010 فحواها سعي المالكي لأبديّة حكمه للعراق , هو الرجل نطقها بلسانه , نُشِرت جميعاً في هذا الموقع الأغرّ “كتابات” , ليس آخرها قبل سنتين تقريباً : “مبروك للمالكي ولاية رابعة أقصد ثالثة” عنيت بها انّها أبديّة ! , وللتاريخ , ذكرت في مقالة واحدة منها فقط “أنّ المالكي سيسقط ما أن تورّط عسكريّاً بالأنبار” , وقد حصل ! أو في طور الحصول , أو ستنتشله قوّات أميركيّة خاصّة كما انتشلته القوّات البريطانيّة من مأزقه المعاد والمكرّر في البصرة ب”صولة الفرسان” كما انتشلت من قبله , نوري السعيد والوصي عبد الإله مع الفارق بالطبع فلا إيجابيّة واحدة للرجل يمكن الاعتداد بها , لحين استقرار الأمور عسكريّاً لصالح “منفعة” وجودهما ! ..”التخمين” ذاك ليس صعباً بلوغه فبمجرّد عمليّة فحص واسترجاع سريعة “لملفّات المسلّمات” من بين أدراج خزين الذاكرة تقفز أمام العين سجلّات مقاصد هذا النمط من الناس , وتقفز معه أسباب ذلك بأسرع من البرق ومنها أرشيف بيئتهم الاجتماعيّة والتثقيفيّة “المخنوقة” الّتي لا مخرج لها غير تراكم احتقان رغبات لا حدود لها هي في حقيقتها عمليّة رفض لواقع مورّث غريب عن هذا العصر يكتنز حدّ العطش ينفجر بأقرب “فرصة” حتّى لو كانت “مدير مدرسة” لا فرصة دراسة في حوزة دينيّة مثلاً لأثار إعجابنا لوفائه بمعتقده ! والحمد لله أتت في شعب بعموميّة ولم تأت بخصوصيّة وإلاّ لأنشأ جيلاً مدمّراً بأكثر من مالكي لو وقع بأيديه تلامذة المدرسة ! , فماذا يتوقّع المرء من تثقيف تلقيني , شيعي أم سنّي , لا فرصة “لتأمّل” فيهما يدعان ضحيّتهما تختار بنفسها كما يفعل عادةً قادة الفكر الإنساني الّذين غيّروا مسار التاريخ وهم في المنافي ! من تلال من الرغبات الإنسانيّة في التغيير بدل أنتقامهم منه ! , فالرجل تسلسله الوظيفي في القانون الدولي “إرهابي” ! .. فقد سألت الصحفيّة الأميركيّة , لم اوفقّ في استذكار اسمها , صدّام حسين تعقيباً منها على خلفيّة حادثة محاولة اغتيال , مع رفاقه الزعيم عبد الكريم قاسم حين سألته مجيبة : “أليست هي عمليّة إجرام يعاقب عليها القانون الدولي” ! رغم أنّ الراحل إلى ربّه تلقينه كان “قومي” منطقي يعني وواقعي بسبب انتشار حركات التحرّر والفكر اليساري حينها بحسب قناعتي الشخصيّة بني على تراكمات استلاب حقوق مستمرّ , بحسب وجهة نظر القوميين , من أقلّيّات حكمت العراق بالنيابة عن الاتراك والبريطانيين وغيرهم في حين أنّ العرب “هم الاكثريّة” ! يوجد منطق في توجّهه العقدي لا ماضوي خيالي وهمي ! , ومع ذلك فلم تخلوا بنيته الاعتقاديّة للرئيس الراحل من تصفية الشيوعيين “بالنيابة” بغير وجه حقّ لتتوّج بتصفية خصومه في العقيدة ! لكنّ الرجل بنا هيكليّة تصريف قرارات مُحكمة لا مجال فيها لتقاعس عن أداء الخدمات للمواطنين أو تنفيذ الأوامر العسكريّة أو لسرقات أو نهب أو امتثال لأوامر دول تحمل الضغينة للعراق رغم حقارة بعضها , عربيّة وغير عربيّة ! وهنا انكشفت قدرات السيّد المالكي المتواضعة , بل المعدومة في السيطرة على الجيش أو الاصغاء لأوامره عكس الراحل , فالفرق شاسع , وجدّاً ..
خرج علينا السيّد المالكي , وهو لا زال “يتحزّم” بينما “رَبْعِهِ” يتقتّلون , بحسب المثل العراقي الشعبي المعروف , ليطلب من الشعب “حمل السلاح !” ويطالب البرلمان بإعلان حالة الطوارئ القصوى والوزارات برعاية الاسر المهجّرة ! ويطالب ويطالب ؟ .. نسي السيّد المالكي أنّه هو وحده لا غيره ولا قبله ولا بعده من أوصل البلاد إلى ما وصلت إليه من هلاك مبين , فهو من حرم الشعب المليارات ينفقها سلاحاً لا نفع فيه ولا نفع في جنوده بعد أن طوفنهم باسم يزيد ومعاوية وحرملة بينما والمواطن بسنّته وبشيعته يئنّ الحرمان ويغرق يوميّاً بأوحال فساد ساسة جهلة لؤماء منتفعون انتقاهم المحتل بعناية فائقة لتدمير البلد كي لا يقال عنه يوماً أو يُتّهم بأنّ الاحتلال يدمّر البلدان بل أبناءه ! , وأكثر ما يؤلم المواطن شعوره العميق بالظلم الفائق يتعمّق يوماً بعد يوم يقارن كلّ لحظة بين ثرواته الطائلة وبين حاجاته المعاشيّة والمعنويّة المتدهورة أو المعدومة ! .. فهو من حرم الشعب من الانعتاق من الدكتاتوريّة حين أعادها باسم “المختار” وحرم ولا زال مصرّاً أن يحرم الشعب العراقي من فرصة “التنافس السياسي الشريف” في خدمة العراق والشعب من منطلق وطني صرف لا مكان فيه للشمر أو لطلحة , وهو من لأجل منصبه يزايد على الحسين أكثر من الحسين نفسه لأنّه وبجدارة ينطبق عليه المثل “يردس حيل الماشايفهه” ! .. وعودةً “للسلوكيّات” الناتجة عن التلقين الّذي عادةً ما ينتج هذا النوع من النفر من هذا الطراز , فقد شكا منه الكثير , ففراسة “الرؤساء” مثلاً لا تُخطئ خاصّةً إن كان نوعهم نتاج بيئة مقوّماتها معاصرة أضف عليها نوعيّة الحاشية المتلازمة لهذا العصر بغضّ النظر عن نوايا أصحاب الثقل الدولي في فرض المتغيّرات السياسيّة العالميّة ونتائجها على الأرض .. حزره الرجل وأعلنها ولم يعر اهتماماً لمورّثه العقدي “المشترك” , بعقله رجّحه أنّه ماضوي راكد ! ..