18 ديسمبر، 2024 7:43 م

كتلوا ربعة وهو يتحزم!

كتلوا ربعة وهو يتحزم!

 يحكى قديماً أن خصومة قد إشتدت بين فريقين، وذات يوم هجم الفريق الأول على الثاني وبشراسة، فسرعان ما هب رجال الفريق الثاني، لرد العدو الغاشم بكل ما أوتوا، من قوة وشجاعة ووحدة، ولم يتخلف عنهم إلا رجل واحد، وكان جباناً فأخذ يفتعل التأخير عنهم بحجة إرتداء ملابسه، وكانت زوجته تحثه على اللحاق بجماعته بسرعة، إلا أنه لم يهتم لقولها وكلما نادوا عليه يجيبهم: آني أتحزم!موهبة القتل الجماعي، أبدع فيها إرهابيو القرن الحادي والعشرين، وهم في حقيقتهم يقتلون عقول أولادنا، ويغسلونها عندما يفسحون المجال، لكل مَنْ هبَّ ودبَّ للتجاوز والإعتداء على المعلم، فبالأمس حصلت في البصرة، واليوم في ذي قار، وغداً في محافظة أخرى، والنتيجة أن الوزير الشاب الوسيم، ما زال يشد الحزام لينطلق في عمله، وكأنه ذاهب في رحلة عمل الى عنوان مفقود، فمساوئ التعليم باتت أكثر من قبل!أشارت المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف، بخطبة الجمعة الموافق 7/ ربيع الثاني 1438 للهجرة، المصادف 6/كانون الثاني 2017 للميلاد، أن عملية التعليم تحتاج منا الى جهود كبيرة، ويقع على عاتق الدولة تذليل هذه الجهود، وتفعيلها على أرض الواقع، فما يتعرض له المعلمون اليوم، لايحتاج لشد الحزام وإرتداء الملابس، بل نحتاج لهجوم معاكس، ضد أجندات تقف بالضد من عملية بناء الأجيال، فنعم للبناء لا للهدم.
يجب أن يصار لتشكيل حشد تعليمي وتربوي، يقع على عاتقه درء المخاطر عن المعلم، والحفاظ على حياته، كذلك يصار لتفعيل قانون حماية المعلم، وإقراره بسرعة، لما يتضمنه من عقوبات رادعة وحازمة، مع الإشارة لضرورة قيام أجهزة الدولة الرسمية، بما تكلف به ومحاسبة المخالفين، فذلك يعيد هيبة الدولة، والمدير، والمعلم معاً، فكلنا يتذكر معلم العقد السبعيني والثمانيني من القرن الماضي، إنه شخصية فريدة ومتميزة في كل شيء.
يقوم بعض أولياء أمور التلاميذ حالياً، بسلسلة من التجاوزات والإعتداءات، والمشكلة أن مَنْ يقوم بها تجاه المعلمين، هم في الأصل موظفون بدوائر حكومية أخرى، وكأنهم يرتكبون حماقات صبيانية فاتتهم أيام طفولتهم، ولكن بطريقة الهروب الشرعي والقانوني لحضارة الدم، فتراه يزمجر بحرمة ضرب التلميذ، وممنوع العقاب منعاً باتاً، والضحية الآن المعلم، فالقوانين تطبق عليه بأصابع من حرير، فيعاقب، أو يوبخ، أو ينقل، والتلميذ هو المنتصر !
إن ما يحدث في العملية التربوية، من تجاوزات بحق المعلم الفاضل، الذي يكدح صباحاً ومساء لتعليم الأجيال معنى الكرامة، أمر مثير للإستهجان والإستنكار، فإننا اليوم نراه يفقد كرامته بل ومحتمل حياته، لذا وجب على الوزير المحترم، إتخاذ جميع التدابير اللازمة، للحفاظ على هيبة المعلم ومهنته الشريفة، وإلا فأن الأمور ستخرج عن السيطر،ة وسيقوم الفريق الأول بالهجوم مجدداً، لأن رجال الفريق الوزاري الثاني، منشغلون بربط أحزمتهم!