23 ديسمبر، 2024 1:34 ص

كتلة عابرة وتظاهرات مسؤولة 

كتلة عابرة وتظاهرات مسؤولة 

لاشك ان الوضع في العراق يسير من سيئ الى أسوأ منذ 2003 الى يومنا هذا ولم تقدم الطبقة السياسية الحالية على خطوات جدية لتصحيح هذا المسار الخاطئ وكل المحاولات التي تطلقها بهذا الإتجاه لاتتعدى الدعاية والمهرجانات والتقاط الصور ولاشيء يتحقق على أرض الواقع وبتنا كعراقيين ندور في نفس الدائرة المغلقة التي ولدت الإرهاب والفساد والفشل ولم نتقدم خطوة واحدة للتخلص من هذا الواقع المرير
ماكان لهذا الواقع أن يحصل في العراق لولا التراكمات السياسية السابقة التي ورثناها من النظام السابق والتي عاثت في الرض فسادا وأنتجت بلدا محطما يعاني من أبسط مقومات العيش السليم إضافة الى الديون التي ترتبت عليه نتيجة حروبه العبثيةمعالجة هذا الوضع المأساوي تتطلب جهدا من جميع العراقيين الذين يتمنون لهذا البلد الخير ؛ وكل محاولة لتغييب هذا الطرف دون ذلك الطرف ستجعلنا ندور في نفس الدوامة
واحدة من أهم الأخطاء التي وقع بها حكام العراق الجدد هو عدم التمييز بين محبي العراق وبين كارهيه وإعتمادهم على شخصيات إنتهازية موغلة بدماء العراقيين وموالية لنظام البعث وصدام حسينالسؤال الأهم الذي يجب أن تكون إجابته دقيقة ومدروسة ولاتقبل التأويل هو كيفية معالجة الوضع الراهن بطرق صحيحة تؤدي الى نتائج ملموسة تنعكس إيجابا على العراق ؟
لقد جربنا التظاهرات السابقة ولم تنتج شيئا لأنها كانت بلا أهداف واضحة وبلا قادة وشعاراتها كانت مختلفة ومتناقضة وكل متظاهر يريد تحقيق أهدافه الشخصية وبالنهاية اندثرت تلك التظاهرات ! وجربنا صناديق الإقتراع وعاد الشعب لانتخاب تلك القوائم ونفس الأشخاص !يجب علينا الإستفادة من تلك الدروس لكي لانقع في نفس الأخطاء الماضية ؛ وواحدة من أهم الأخطاء التي ترافق التظاهرات الحالية هي تعميم حالة الفساد وإتهام جميع السياسيين بالفساد والإرهاب ودمار البلاد وهذا ليس إنصافا فهنالك الكثير من السياسيين الحاليين يمتلكون نوايا صادقة وهم تواقون لرؤية عراق ديمقراطي مزدهر لكنهم إبعدوا عن مصدر القرار لأن الفاسدين للأسف الشديد يمتلكون الكثير من أدوات الإبعاد وبإسطاعتهم إبعاد كل صوت يريد الإصلاحالآن بإمكان التظاهرات المسؤولة أن تضغظ على الفاسدين لإزاحتهم عن مصدر القرار والإتيان بأصحاب النوايا الحسنة حتى لو كانوا من ضمن العملية السياسية الحالية هذا المطلب هو أقرب للتطبيق من كل المطالب اللامسؤولة التي نسمعها من هنا وهناك ؛ الان بإمكان السيد مقتدى الصدر كأحد أبرز قادة التظاهرات أن يؤكد على ضرورة تجميع أصحاب النزاهة والكفاءة في قائمة واحدة ويعدهم بالتأييد الشعبي لكي يمرروا جميع القوانين الرامية للإصلاحنسف العملية السياسية سيؤدي الى إضاعة تضحيات الشعب الجسام وسيدخلنا في متاهات جديدة ربما ستكون أكثر سوءا مما نحن عليه الآن خصوصا وان اعداء العراق من البعثيين والدواعش يتربصون وينتظرون هذه اللحظة لاعادة ترتيب أوراقهم من جديد لذلك لابد من تصحيح المسار من ضمن أطر هذه العملية السياسية القابلة للتطوير لو إجتمعت جميع النوايا الصادقة ؛ علينا النظر في تجارب الدول المجاورة التي قلبت أوضاعها رأسا على عقب وماحل بها فما هو مصير ليبيا الحالي وماهومصير اليمن وسوريا ؟واحدة من أهم أسس الإصلاح تكمن في ضبط المتظاهرين لأنفسهم وإمتلاك الحس الوطني والأمني لمنع إندساس المغرضين وتشخيصهم والتعاون التام مع رجال الأجهزة الأمنية لنحصل على تظاهرات مسؤولة ومحترمة وهذه التظاهرات عندما تلتزم بمسؤوليتها ستحرج الفاسدين وتؤدي الى تحقيق أهدافها المرجوة وبعكسها ستحفر قبرها بيدها
نستنتج من هذا إن التظاهرات المسؤولة وتشكيل كتلة عابرة للحزبية والطائفية من أهم وسائل تصحيح مسار الوضع الحالي .

[email protected]