23 ديسمبر، 2024 10:43 ص

كتلة عابرة للطائفية لا تبنى بطائفيين 

كتلة عابرة للطائفية لا تبنى بطائفيين 

برغم الفعل ورد الفعل بشأن الدخول الى البرلمان والحاق اضرار في مبناه والاعتداء على بعض نوابه ومحاولة اخافتهم وارعابهم للتأثير في ارائهم ، فأن هناك افكارا معقولة طرحت بين هذا الركام او نفخ الرماد عن بعضها الذي تداولته القوى السياسية في اوقات سابقة.
خلال البحث عن الكيفية التي يستعيد بها مجلس النواب والحكومة عافيتهما ، وهما المسؤولان عما جرى من احتفان كاد ان  يؤدي الى احداث لا تحمد عقباها ، وذلك عندما سمعنا قعقعة السلاح والحكومة عاجزة ان تضبط حتى الجهات التي تدعي انها تحت امرتها.
ما يهمنا الفكرة التي اعلنت عنها اكثر من قوة سياسية وهي تشكيل كتلة عابرة للمحاصصة الطائفية والاثنية للخروج من الازمة المتفاقمة ، وهو اجراء صحيح اذا ما تحقق على الاقل يوحي للمواطن بانعكاس جزء من رغبته في الفعل السياسي برغم صعوبة ذلك ، وبقاؤه قاصرا عن دفن نظام المحاصصة الى الابد، والانتقال بالعملية السياسية الى مرحلة جديدة وانتشال الدولة من الفشل الذي لفها منذ عام 2003 ولغاية الان.
ان كتلة عابرة للطائفية تتوقف على شيئين اساسيين الاول انشاء وبناء الاحزاب وفقا للقانون يحرم بقاؤها على اساس ومبادئ الطائفية ، والثاني ان تنتقد الكتل النافذة دورها في تكريس الطائفية وتمسكها بها واستعدادها الى ايكال هذه المهمة لحكومة انتقالية او لتسمى ما تشاء ، تكون مهمتها اعداد العدة خلال شهور للبدء في مرحلة جديدة. ان ذلك يتم بعد نبذ المحاصصة والاحتكام الى مبادئ المواطنة والمساواة والعدالة الاجتماعية وان لا يكون مكانا للحصص في التمهيد الى ذلك وعلى ما افرزته صناديق الاقتراع في الانتخابات السابقة ، وليس جمعا ميكانيكيا للاطراف  وانما تنسيقا وانسجاما وتقاربا الى اقصى درجة ممكنة  من توحيد الرؤى السياسية ، لان مثل هذه الحكومة لا مهام لديها سوى مكافحة الارهاب وتحقيق الامن والاستقرار واعداد مشاريع القوانين لعملية انتخابية نزيهة وعادلة ومن دون تزوير ، الى جانب تقديم حيتان الفساد الى القضاء الذي ينتظر شعبنا منه اصلاح نفسه ، فعدم مبادرته الى ذلك ستؤدي به الى مواجهة الغضب الجماهيري الذي سيلتفت اليه آجلا ام عاجلاً بعد ان ينتهي من اقرار الاصلاحات السياسية. رب قائل يقول هل فاقد الشيء يعطيه؟ ان هذه القوى مجبرة وليست مخيرة في ما تقدم عليه ، لانه يتم تحت الضغط الجماهيري ، والذي بدأ يحرك الحياة الراكدة في داخلها، فالطائفية التي تأسست بموجبها الكتل السياسية اخذ الغبش يملء صورتها ولا اصلاح مع استمرارها في بنائها الداخلي المتخلف عن الحياة العصرية والذي اكتوى شعبنا بنار التصويت له وانتج كل هذا الخراب والدمار الذي نعيشه الان. في هذه الكتل قوى حيّة تسعى الى ان تكون الحياة الحزبية على غير ماهي عليه الان ، صحيح انها ليست ملموسة ومؤثرة كفاية ، ولكنها تنمو ويزداد الوعي باهمية البناء السليم  والديمقراطي فيها ،  والتعامل مع الاخرين، ورفع الحواجز التي وضعت لمنع الاحتكاك بالاخر والتعامل معه على اساس الرؤى والقناعات المشتركة لبناء البلاد والدولة في طورها المدني. هذا التشجيع والتأييد للمشروع يستلزم الاسراع في انجاز هذه الكتلة قبل فوات الاون ولتكون الاساس الذي تنطلق منه الحلول لمشاكل البلاد ولمعالجة امتدادات المحاصصة في داخل القوى السياسية ذاتها وعبر الاطر القانونية والدستورية كي تخرج البلاد ومؤسساتها من العطل الذي يخيم على عملها. ومن المهم ان يكون لهذا التكتل برنامجاً واضحاً ومدداً للاصلاح الشامل الذي يلبي مطامح الجماهير ويحقق اهدافها التي تتظاهر من اجلها. ان برنامجاً واجراءات لا عصمة فيها لاحد مهما كان موقعه لابد ان يخضع الى القانون ويتقيد باحكامه ، هو الذي ينقذ البلاد من شفير الهاوية ويعبأ الطاقات على اساس الكفاءة والمقدرة وتتلاقح فيه الافكار والاعمار لأنهاء حقبة الطائفية والمحاصصة المقيتة.
واخيرا نكرر القول مرة اخرى كتلة عابرة للطائفية لايمكن بنائها بطائفيين ، وتقتضي الضرورة الوطنية والجدية في العمل ان تدفع الاحزاب والكتل نحو اصلاح اوضاعها الداخلية وتنقية اجوائها والانتقال للفضاء الوطني في مسار صحيح و واضح كي تكسب ثقة شعبنا بانها استفادت من دروس سنوات مابعد التغيير.a