23 ديسمبر، 2024 3:50 ص

كتلة المواطن.. وغلطة الشاطر

كتلة المواطن.. وغلطة الشاطر

يعتمد الإسلام, في تقييمه لأداء الإنسان, ومدى إلتزامه, بأوامر ونواهي الخالق, على مقاييس وتوصيفات محددة, لكنها ليست موحدة, فكما نقرأ في النصوص القرآنية إيرادها, عدم تساوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون, أو المجاهدين مع القاعدين.
عدم المساواة تلك, لا تستلزم تمييزا أو انحيازا, وإنما تقصد أن هؤلاء, يملكون ميزات وقدرات, تجعلهم بمحل عدم تساوي مع الأخرين, وتجعل مساواتهم ظلما لكليهما.. ورغم أن ظاهر القضية, يجعلها غير عادلة, إلا أن اختلاف الناس عن بعضهم, يستلزم وضع مقاييس مختلفة, لجعل التقييم عادلا.
رغم أن العملية السياسية في العراق, ولدت عرجاء مشوهة, إلا أن قصر عمرها النسبي, وأحادية تجربتها, تجعل من الحكم عليها, سلبا أو إيجابا غير عادل نسبيا, فعشرة سنوات, لأحزاب قضت أكثر عمرها, معارضة للنظام, تعمل على هدمه ومحاربته.. وتولي حزب الدعوة فقط للحكم, رغم عمله من خلال تحالف سياسي ظاهريا, إلا أن الواقع يقطع ,أنه حكم بشكل منفرد عمليا.. كل ذلك, يجعل تقييم تجربة الإسلاميين كلهم, على أنها فاشلة أو ناجحة, أمرا غير موضوعي أو عادل.
إعتاد مجتمعنا, على قاعدة أن” غلطة الشاطر بألف”, وهي مما تسالم عليه الناس.. خصوصا في تقييم, تجربة الأحزاب الإسلامية, وأبرزها ثلاثة.. حزب الدعوة الإسلامية, وما يسوقه من تاريخ, وعشرات الشهداء أعدمهم النظام, بحجة الإنتماء له.. والمجلس الأعلى, وتضحيات أل الحكيم, وما يظهر على أنه الأقرب للمرجعية وتوجهاتها.. والتيار الصدري وما تمثله رمزية أل الصدر, و مقاومتهم المسلحة للإحتلال.. كل هذا يجعل تقييم أدائهم, من قبل الجمهور غير منصف, وربما يخرج عن إطار الموضوعية.
نتيجة للدور المحوري والحيوي, الذي صار على عاتق المرجعية الدينية, بعد سقوط النظام البعثي, وإلتفاف الجماهير حول المرجعية, جعلها تحت الضغط, والمطالبات المزاجية, لمختلف الجماهير وتوجهاتها.. فصار من الطبيعي أن تكون الجهة الأقرب في توجهاتها, تحت نفس الضغط, فصارت كتلة المواطن, الأكثر تعرضا للمطالبات والضغوطات, والمهاجمة من الحلفاء الانتهازيين, أو الخصوم السياسيين.
رغم أن المرجعية, لم تدعم أو تسوق لجهة ما, بشكل علني أو رسمي, إلا أن عامة الناس, صار لديهم قناعة وقبول, أن تيار شهيد المحراب, بل وكل كتلة المواطن, بما فيها من مستقلين وليبراليين.. هو الأقرب للمرجعية, وهو ذراعها السياسي, بشكل ما, ينفذ أفكارها وتوجهاتها غالبا.
هذا القرب من المرجعية, لم يعفه من النقد, بل وصار من يرغب في إنتقاد المرجعية جهلا, أو يحاول مهاجمتها, من اللادينيين أو المتعلمنين الجدد, ولا يجرؤ على ذلك.. يهاجم كتلة المواطن, لعلمه بأنها لن ترد, وأن ما تسوقه من إعتدال ووسطية كموقف, يصعب فهمه من جمهورنا العاطفي, سيسهل مهمته.
لحد الأن لم يتح لتيار شهيد المحراب, أن يطبق مشروعه الذي يسوقه في أدبياته.. وتجاربه الصغيرة, في بعض المحافظات, لا يمكن أن تعطي مؤشرا ومقياسا دقيقا للتقييم, لكن هذا موقف يتحمل هو نسبة كبيرة من مسؤوليته.. فهو يحسب على الشطار.