17 نوفمبر، 2024 8:44 م
Search
Close this search box.

كتب بائرة

يعرفُ باعة الكتب وأصحاب المكتبات والناشرون أن هناك كتبا لا تباع ولا تشترى ولا تهدى بل ولا تثير اهتمام القارئ حتى في بريق عناوينها وأناقة طباعتها ورخص أثمانها.
ومهما نال إبراز عروض هذه الكتب في واجهة المكتبات أو في البسطات، لكن عين القارئ تزوغ عنها وتبتعد يداه عن تصفحها، لذلك يطلق عليها كتب بائرة.
سألت أكثر من بائع كتب ومثقف عن سبب عزوف القراء عن شرائها، فكانت الإجابات تتراوح بين عدم الفائدة منها، أو أن موضوعاتها لا تهم أحد، أو أنها مفهومة من العنوان، أو تعني طلبة الدراسات العليا، أو مستهلكة وقديمة وليس هناك أي حاجة لقراءتها، أو لأنها غير مهمة ولا تثير الانتباه.
ومع جل الاحترام لكافة الآراء لكن ثمة من يعارضها ولا يتفق مع جملة الأسباب، لأن تأليف أي كتاب ومهما كان حجمه ليس بالأمر السهل أو الهين كما يتصور البعض، بل أن تأليف كتاب يعني تدوين ودراسة ومقارنة وقراءة وبحث وسهر وجهد وتجربة ونفق مال، والكتاب الذي لا يهم قارئ معين، فأنه بالتأكيد يهم غيره، فليس هناك كتاب غير مهم بالمرة، وعلى أقل تقدير يهم مؤلفه.
صحيح قد نرى أكواما من الكتب تباع يوم الجمعة في شارع المتنبي على طريقة بيع التنزيلات “كتاب بربع” أو “كتاب بألف دينار” ولكن هذا ليس قياساً على القيمة المعنوية والفكرية والثقافية للكتاب، وليس تثميناً معرفياً، بل هو حاجة اقتصادية للبائع نتيجة الكساد من كثرة أنواع الكتب المطبوعة التي يمتلكها أو بسبب قلة البيع وقلة منافذ التوزيع، وضعف الترويج وأن بيع الكتب بطريقة التنزيلات وجدتْ أيام الحصار واستمرتْ حتى يومنا هذا.
ربما هناك عشرات المئات وربما الآلاف من الإصدارات والمجاميع الشعرية والقصصية والروايات وكتب النقد، ومثلها الكثير من الكتب السياسية والاقتصادية والقانونية والزراعية والاجتماعية والاطاريح حتى العلمية والثقافية لا تثير احد، لكنها على أقل تقدير تعبر مصادر مهمة للباحثين في شتى المجالات.
ومن هذه الكتب البائرة على سبيل المثال كتاب اسمه “أمة من الغنم” للمؤلف وليام.ج.لندرر، هذا الكتاب كان يعرض قبل عام 2003 في مقدمة واجهات المكتبات، ولكن لا أحد يشتريه، يرمقه القراء بنظرة لا تخلو من ابتسامة وخفة عين، ولكن يعزفون حتى على تصفحهِ، ورغم اختلاف الزمن ما يزال الكتاب موجودا في المكتبات وفيه نفس العلة.
أن كتاب “ أمة من الغنم” يتحدث عن السياسة الخارجية الأمريكية والتعتيم الإعلامي وحجب الحقائق عن الشعب، ويعالج بجرأة السياسة الخارجية الأمريكية، كما يندد في حالة عدم اكتراث الأمريكيين بما ترتكبه الحكومة من أخطاء، وأنه يلقي الضوء على بعض الحقائق المفزعة حول التدمير الذاتي لسلوك السياسي، وهو مليء بالأحداث والأسماء والتواريخ، ويحلل الجهل الأمريكي، ورغم ما أسلفت تبقى مقولة “أبور من كتاب” نافذة وسارية المفعول على ذلك وشاهدة على العزوف عن رغبة الاقتناء والشراء وحتى التصفح!
[email protected]

أحدث المقالات