23 ديسمبر، 2024 2:11 م

كتاب رئيس اتحاد ادباء روسيا غانيتشيف – الكلمة / الكاتب / الوطن

كتاب رئيس اتحاد ادباء روسيا غانيتشيف – الكلمة / الكاتب / الوطن

حصلت على هذا الكتاب الفخم والرائع والجميل , والذي يقع ب 600 صفحة من القطع الكبير اثناء مشاركتي في اعمال المكتب الدائم لاتحاد ادباء آسيا وافريقيا , الذي انعقد في شهر سبتمبر/ ايلول 2014 في موسكو بضيافة اتحاد ادباء روسيا, اذ قدٌم الباحث والناقد الادبي فاليري نيقولايفتش غانيتشيف رئيس اتحاد ادباء روسيا ( منذ عام 1994 ولحد الان ) عدة نسخ من كتابه هذا الصادر عام 2013 هدية الى المشاركين في تلك الجلسة , وقد حرصت بالطبع على الحصول على نسخة من ذلك الكتاب, لاني كنت أعرف مسبقا ان الحاضرين سيأخذون نسخهم مجاملة ليس الا لانهم لا يعرفون اللغة الروسية , وانهم سيضطرون لتركها في الفندق عند العودة الى بلدانهم بالطائرة لان الكتب ( ثقيلة الوزن ! ) كما هو معروف في كل المؤتمرات الادبية والاجتماعات الكبيرة وفي كل بلدان العالم تقريبا , واظن ان القراء يتفقون معي بشأن هذه الملاحظة العامة والمتكررة والمؤسفة طبعا . وهكذا حملت معي هذه النسخة من الكتاب بكل حرص واهتمام و حب الى بيتي , واطلعت بعدئذ على مضمونه بشكل دقيق وعميق وبدأت أؤشر بقلم الرصاص – وكعادتي – على هذا الجزء او ذاك من كل فصل من هذا المصدر المهم من مصادر دراسة الادب والتاريخ الروسي وذلك للاستفادة منها في بحوثي ومقالاتي في الادب الروسي وترجماتي اللاحقة حول هذا الادب وظواهره وخصائصه واعلامه , وسوف استخدم بلا شك هذا المصدر الكبير والمهم لاحقا , و لكني اود في هذه المقالة ان استعرض للقارئ العربي هذا الكتاب واتصفحه سوية معه , اولا لاهميته وقيمته الكبيرة في مسيرة الادب الروسي وأعلامه , وثانيا لان كتابات غانيتشيف ودراساته الادبية والتاريخية غير معروفة بشكل عام لهذا القارئ مع الاسف .

عنوان الكتاب كما اشرنا اعلاه هو – ( الكلمة / الكاتب / الوطن ) , وكل كلمة من هذه الكلمات تقف على غلاف الكتاب في سطر منفصل كليا وتحتها خط , ولهذا فاني قمت بكتابتها هنا ليس عبر الفوارز او النقاط وانما عبر الخط المائل هذا , والعنوان – كما هو واضح – بحد ذاته متميز فعلا , ويثير القارئ بلا شك , لانه لا يستطيع ان يسبر غوره او ان يعرف عن اي شئ يدور الحديث على صفحات هذا الكتاب الضخم , رغم انه يفهم ان الكتاب هذا يتناول بشكل عام شؤون الادب والادباء وعلاقتهم بالوطن . مقدمة الكتاب جاءت بقلم الكاتب الروسي الكبير فالنتين راسبوتين وعنوانها – القلب لا يخطأ , وهي كلمة جميلة وعميقة والتي وصف فيها غانيتشيف ب – ( الكاتب والمؤرخ العالم والشخصية الاجتماعية بكل ما في هذه الكلمات من معان والحامي لتراث الوطن الروحي والمتأمل في اعماقه) . يتضمن الكتاب اربعة فصول, وفي كل فصل مجموعة كبيرة من المقالات , ويبتدأ غانيتشيف في الفصل الاول والذي جاء بعنوان ( ابناء وطني العظماء ) – وليس من باب الصدفة ابدا – بنشر كلمته في الذكرى المئوية الثانية لميلاد شاعر روسيا الكبير بوشكين , والتي القاها في الاحتفالات التي جرت في مدينة ميخايلوفسكي في 6 حزيران / يونيو عام 1999 , والتي جاء فيها – ( … بوشكين – هو روح روسيا ..بوشكين – هو الفرح والضياء .. بوشكين – هو انقاذنا .. وها هو ذا اليوم يدعونا جميعا ان نتوحد باسم الحب , باسم الوطن…بوشكين – هو رب الادب ..في البدء كانت الكلمة , والكلمة هي الرب …) , ثم نقرأ مقالات اخرى في هذا الفصل الاول من الكتاب عن تورغينيف بعنوان – ( عبقرية العشق ), وعن غوغول بعنوان – ( غوغول يوحد الشعوب ), وعن تولستوي بعنوان – (عبقري الكلمة والفكروالبحث ), وعن الشاعر فيت بعنوان – ( صوت روسيا الموسيقيٌ ) ولا يمكن تلخيص هذه المقالات بعدة كلمات بتاتا , ثم نقرأ كلمته التي القاها بمناسبة الذكرى المئوية لميلاد يسينين بعنوان – ( امنحوني وطني ) , وهو مقطع من قصيدة مشهورة للشاعرالكبير يسينين نفسه, والتي يكتب فيها ما يأتي –

اترك الوطن

وعش في الجنة,

واقول انا – لا اريد الجنة

امنحوني الوطن..

وهناك مقالات اخرى عن ادباء روس كبار مثل دستويفسكي و شولوخوف وحتى بعض الادباء المعاصرين في القرن العشرين مثل ليونوف وتفاردوفسكي, وهذه المقالات كلها – من وجهة نظرنا – تستحق , بل تتطلب حتما الترجمة الى العربية لأنها ترسم بالكلمات صورا قلمية جميلة وعميقة عن كل واحد من هؤلاء الادباء العظام وتحمل في طياتها رأيا معاصرا جديدا وروحية وجمالية مدهشة لا نجدها عند الباحثين الآخرين , وبالتالي تضيف الى القارئ العربي معلومات جديدة ومهمة نوعيا حول هؤلاء الادباء وحول مجمل الادب الروسي وسماته طبعا . ينتقل الكاتب في الفصل الثاني من كتابه الى التاريخ الروسي وارتباطه بالادب , وهناك نجد مجموعة من المقالات التي تتناول بعض الادباء من القرن الثامن عشر بالاساس وصولا الى القرن العشرين , والذين يرتبطون باحداث تاريخية في مسيرة الادب الروسي , بما فيها مثلا , موقف لجنة جائزة نوبل للاداب تجاه الادباء الروس , والتي تبين ان نوبل نفسه اوصى بمنحها الى تولستوي وكيف ان الكاتب الروسي الكبير , الذي كان من المفروض ان يكون عام 1897 اول اديب في العالم حاصل على هذه الجائزة , كتب رسالة مفتوحة الى احدى الصحف السويدية راجيا عدم منحه هذه الجائزة , و تكرر ترشيح تولستوي للجائزة عام 1906 , وقد اتصل تولستوي باحد معارفه بالعاصمة السويدية وطلب منه اعلام اللجنة بعدم رغبته بالحصول على الجائزة والا فانه سيكون مضطرا لرفضها علنا , ومن المعروف ان تولستوي كان يريد في تلك الفترة ان يرفض حتى ثروته وملكيته الشخصية .اما الفصل الثالث من ذلك الكتاب فانه مكرس لاخوانه وزملائه ورفاقه من الادباء الروس المعاصرين له ومعظمهم – مع الاسف – غير معروفين للقارئ العربي

المعاصر تقريبا رغم انهم ادباء كبار في روسيا اليوم , ويعد هذا الفصل في غاية الاهمية من وجهة نظرنا لانه يتناول هؤلاء الاعلام في روسيا ولكن القراء العرب – مع ذلك – لا يعرفون عنهم حتى المعلومات الاساسية , وهذا بالطبع دليل عدم متابعتنا المعيبة – واقولها بألم ومرارة – لمسيرة الاداب العالمية بشكل عام والادب الروسي اليوم بشكل خاص , ونحن – وهذه طبعا وجهة نظرنا الشخصية المتواضعة – نعد هذا الفصل من اهم الفصول في هذا الكتاب ونعتقد جازمين انه يستحق الترجمة , بل ويقتضي علينا – نحن العرب – ان نترجمه الى العربية كي نتعرف ولو قليلا على ادباء وفنانين روس كبار مثل راسبوتين وغلازونوف وميخالكوف واليكسييف وسوفرونوف وباندرتشوك وكراسنوف واسماء اعلام معاصرين ومثقفين كبار في الساحة الروسية في القرن العشرين وفي الوقت الحاضر الان من القرن الحادي والعشرين , اما الفصل الرابع والاخير في هذا الكتاب فانه جاء بعنوان – (عند ادباء روسيا ) , ويضم تلك الكلمات التي القاها غانيتشف عند منح الادباء الروس لميداليات و اوسمة التكريم او الكلمات التي ساهم بها اثناء لقاءات اتحاد ادباء روسيا مع اتحاد ادباء بيلاروسيا ( روسيا البيضاء ) واوكرانيا او في مؤتمر شعوب روسيا الذي تم عقده في مدينة غروزني الشيشانية …الخ , والتي تؤكد على الروحية المتعددة القوميات والمنسجمة لتلك الشعوب المختلفة التي تحيا معا في اطار روسيا الاتحادية – البلاد المتعددة القوميات تاريخيا في كيان دولتها العتيدة الاتحادية الواحدة , والتي يجب علينا – نحن العرب بشكل عام والعراقيين بشكل خاص – ان ننظر اليها كما هي فعلا ونتقٌبلها ونعترف بتعايش القوميات العديدة معا فيها وبنجاح تجربتها في هذا المجال , وناخذ منها مثلا حيويا وواقعيا في حياتنا , والذي نحتاجه جدا اليوم …