ما كان بودي أن أتناول موضوع الكهرباء ، لأن الكتابة فيه بلا جدوى ، وتثير الاعصاب وتبعث على الاكتئاب ، فننصرف الى ما يفيد ، ولكن ربط قلة ساعات التجهيز بالتخصيصات المالية ، وعدم تسديد كامل الاستحقاق لها من وزارة المالية ، ووضع البلاد الاقتصادي ، يدفع المواطن الى المطالبة باستحقاقه هو أيضا ، وبانتاج يساوي ما صرف على الكهرباء في السنوات الماضية ، فهل كان انتاجها في سنوات ( الوفرة المالية ) يساوي ما صرف عليها .. ام هي ازمة مستمرة ؟.. لقد عادت الكهرباء من جديد ، كحليمة في الامثال الدارجة ، الى عادتها القديمة في الانقطاع ، وقد تزداد ساعاته تدريجيا الى أن تصل الى بداية ذروتها ، اعتبارا من حزيران الذي سيحل فيه شهر رمضان المبارك هذا العام ، بعد أن أنعمت الطبيعة ، وليس الوزارة على الشعب بساعات تجهيز منتظمة ، بحكم طبيعة الجو في أشهر معلومة في الربيع والخريف ، لا تستلزم إستخدام أجهزة التكييف والتبريد والتسخين … ولم يحصل أن إعتذرت الجهات المعنية ، للوطن والمواطن عن هذا الاخفاق في توفير هذه الطاقة التي تشكل العصب ، او المحرك الاساسي للحياة ، ليس في صلتها بحياة المواطن في منزله ، ومحل عمله ، أو في الانارة في الشوارع ، وتوفير الجهد والوقت والراحة ، بدل استخدام الوسائل اليدوية ، بل في دورها أيضا في العملية الاقتصادية للبلد عموما ، خاصة في هذه الظروف الصعبة ، بعد انخفاض اسعار النفط… فكيف تدور عجلة البناء ، والكهرباء روح المعامل والمزارع والخدمات ، وبغيابها تموت الآلات ، وتعجز عن انتاج السلع وتوفير العملة الصعبة وتشغيل الايدي العاملة ، وتتراجع الخدمات ، ناهيك عن دورها الحيوي في كل القطاعات ، بما في ذلك المنظومة الأمنية ، التي
تعتمد اليوم في العالم ، بشكل اساسي على الكاميرات والاتصالات والحركة والمعلومة السريعة ، وكلها تعمل بالكهرباء … ويمكن ان تعرف قيمتها في حالة غيابها ، ان مدينة مثل نيويورك ، كيف اصبح حالها في احدى السنوات عندما حصل عطل في محطة الكهرباء ، فعمت الفوضى وحوادث السرقة والنهب والاعتداء .. أن انقطاع الكهرباء في الدول المتطورة يصل الى حد أن يشكل ( ازمة وطنية ) ، ويصل الامر الى تقديم اعتذار او تفسير من أعلى المستويات الرسمية لما يحصل بسبب الخسائر المادية والخدمية التي تترتب على ذلك .. فقد إضطر الرئيس الامريكي جورج بوش في حينه الى تقديم تفسير للرأي العام عن سبب انقطاع الكهرباء عن شمال شرق امريكا وعدد من المدن الكندية وصلت خسائره الى 35 مليار دولار، لان الحياة كلها تقوم على الكهرباء .. المترو ، والقطارات ، والمطارات، والتعليم، والتكنلوجيا ، والفضاء ، والتطور في كل مجالاته ، بما في ذلك التجارة .. أليست الكهرباء من سلع التصدير ، ولها رقم محترم في الموازنات ؟ …فاين نحن من العالم ..؟.. وماذا تشكل نسبة التجهيز تجاه العالم ، وحاجة البلاد الفعلية اليوم الى الكهرباء في مرافق الحياة المختلفة ، وفي إعمار ما دمر ؟.. وكيف نتوقع الافضل ، والوزارة تحذر من الاسوأ …باستمرار الازمة وتفاقمها ، اذا لم تأتيها التخصيصات المالية … فاذا كانت الوزارة تبحث عن مبررات فما اسهل أن تجدها في الظرف المالي الحالي ، ولكن كم هي الصعوبة عليها أن تجد تفسيرا لاخفاقها في انتاج ما يسد حاجة المواطن ، عندما توفرت لها كل المقومات المادية التي تكفي ليس لسد الحاجة فقط ، بل ويفيض منها ، ويفترض أننا نكون قد دخلنا مرحلة التصدير منذ سنوات ، كما وعد احد المسؤولين في حينه ، وليس أن نستمر تحت رحمة المولدات الاهلية .. علها تحظى بنصيبها من الاهتمام بالمتابعة والمراقبة من الدولة ، لما لها من دور كبير في التجهيز بالكهرباء ، واستنزاف جزء مهم من ميزانية المواطن الشهرية .. فهل ذلك بالأمر العسير على الجهات المعنية ..؟..