18 ديسمبر، 2024 6:38 م

في افكار شتى وتدور في الغرفة التي كثيرا ما كانت في زمن مضى كهفها وملجأ آلامها قبل ان يحدث لها ما حدث ,خطواتها غير واثقة, لا تدري الى اين ولا تريد اي هدف كنفسها المتعبة تدور وتدور كالنجم الدوار في سماء مظلمة وسؤال يملئ احاسيسها …لماذا تحدث كل هذه الاشياء معها هي بالذات…؟.
ستبحث عن عمل ,هكذا تحدثت الى ذاتها ثم سرعان ما عادت تسأل نفسها من جديد…أي عمل …؟وتمتمت انها تجيد اكثر من عمل وبعد لحظة من التأمل
الوظيفة…ربما وان كانت تعتبرها قيدا يقيد مشاعرها ولحظات عمرها او سجنا لما يمكن ان تنتجه من ابداع فم ن يقوم بعمل لا يحبه كمن يسجن ذاته بلا جريرة .
ولاح لها اختيار آخر….اذن ألة الطابعة وهي لا تملكها ولا تفكر بهذه الظروف ان تجعلها وسيلة للعيش …ثم ماذا …؟تعاود ذاتها السؤال…؟ فتفكر بماكنة الخياطة … احست بأن ذلك اكثر ما يلائمها ظرفها الذي هي فيه لكنها سرعان ما استبعدت الفكرة لأنها لا تملك ماكنة الخياطة وهي بالإضافة الى ذلك ليست قريبة من زبائنها الذين كثيرا ما ازعجوها بكثرة طلباتهم والالحاح عليها بالإسراع في انجازها.
رسمت خطين متقاطعين حول تلك الافكار لتأكيد علامة النفي .
هي الان تريد ان تستريح …تريد ان تعيش لحظات الحرية والدفء والشعور بإنسانيتها لقد دفعت ثمنا فادحا لهذه الاعمال التي امتهنتها. سنوات شبابها الغض وجراح نفسها الدامية التي تؤرقها وثعابين اللوم حتى من اقرب المقربين التي تحيطها وتسمم روحها اجل اللوم الذي تواجهه حتى من اقرب الناس اليها…يا اااااااه … لا أحد يرحم من تقسو عليه الايام وتعارضه الاقدار حتى اقرب الناس اليه.
تشعر بفيض من الالم ولكنها ستبتسم فهي لم تفعل الا ما املاه عليها ضميرها وسوف لا تندب حظها ولن تستسلم لليأس وان ساعدتها السماء ستثبت للآخرين خطل تفكيرهم وسوء تصرفهم .
همست لذاتها.. نعم لقد بعدت وانتهى الامر وفارقت رغم عظم ما عانت فماذا يريد الاخرون بها …هكذا كان قدرها ان تضحي لمن لا يستحقون التضحية لكنها تكشفهم وتوضح لنفسها سوء ما عملوا فكيف يستقر بها الامر معهم…؟.
بلا ارادة منها نهضت من فراشها وتوجهت الى منضدتها ووضعت القلم بين اناملها متأملة ما حولها بنظرة الفاحص وكأنها تراها لأول مرة ولفت نظرها طاقة الازهار الملونة التي راحت تتحدث اليها, سمعت صوتها
انها تحدثها سوف لا يصدقها احد بأن هذه الطاقة من الازهار تتحدث اليها لكنها سمعت صوتها وهي تستطيع ان تتكلم لقد لمست شغاف قلبها بكلماتها الرقيقة راحت تهدهدها قائلة :-
لا يهولنك هذا الامر واصبري وكابري ما دمت ترين نفسك على حق .
نعم اجابتها بهدوء وبثقة تامة . واضافت :- نعم سوف لن ترين مني الا العبق والعطر سيرموننا الى ما لا اريد ان اذكر. نعم ايتها الحبيبات الصغيرات جريمة ان يكون منطق الكون هذا …شيء مؤلم ولكني ابحث عن عمل يقيني مؤونة السؤال من اي احد حتى لو كان من اقرب المقربين اليَّ فأنا اعرف أكثر منك ما معنى ان يعيش الانسان بلا عمل وبلا هدف .
طاب لها ان تستفيض الكلام وتستمر في استعراض احداث عمرها لتلك الزهور الجميلة فاستطردت:- لقد مضى زمان كنت اقوم به بأعمال كثيرة منها الوظيفة ثم الخياطة كنت اقوم بها خير قيام واوديها على اكمل وجه لكني لم اكن احبها ولذا كنت احس بالالم يدور في جسدي كما تدور قطرات الدم.
تكلمت الزهور قائلة:-
اذن …لابد ان تعثري على عمل تحبينه .
نعم هو ذاك والا فليس لي سوى هذه القارورة التي ستنهي كل شيء .
انتفضت الزهور الصغيرة في طاقتها وارتجفت ثم راحت تصرخ
لا…لا…ذلك ما لا يجب ان تفكري به مطلقا.
اذن ما عساي ان اصنع وكل ما حولي يوحي بالوحشة واليأس .
بعد لحظات من الحيرة امتدت يدها الى زاوية الطاولة كان شيئا يناديها …قرطاسها وقلمها… ستكتب اذن .ستكتب اجل هذا ما كانت تحبه طول عمرها وكم تمنت لو ان الزمن ساعدها لكي تحقق ما كانت تحلم به .
استذكرت للتو كلمات مدرسة اللغة العربية التي تنبأت لها ذات يوم بمستقبل ادبي مميز وهي كثيرا ما كانت تسهر الليالي الطوال مع رواية او قصة او كتاب ادبي وكثيرا ما كانت تساهم في النشرات الادبية المدرسية قبل ان تلفها تلك الغمامة التي حلت في سمائها بل هي حتى في اوج ازمتها كانت تجد في القلم رفيق آلامها.
ستكتب اذن وليكن ما يكون.
ستكتب دون ان تمزق ورقتها وستعلن ماكتبت دون ان يظل اوراقا محفوظة في مكتبها وستحاول مرة ثانية وثالثة ان اخفقت .
اذن هذا هو القرار
القلم هو القرار ,القلم ستحقق به ذاتها لن يكون لقمة تسد به جوعها بل ومضة تضيء سماء نفسها المتلهفة لقبس من نور يزيح هذا الظلام الذي يحيط بها وستجد لها عملا آخر يقيم اودها فلا تكون عبئ على احد.