23 ديسمبر، 2024 3:34 ص

كتابات عن الصمت والزمن

كتابات عن الصمت والزمن

بلاغة الصمت
كم هو خطير… قوي …. غريب…. قاهر…. ومتلون…. هذا الصمت. قد تنفلت مئات الكلمات والأنفاس المشاغبة فتنظم الأولى أروع القصائد، وتنسج الثانية أحلى المعزوفات، ليتعانقا الاثنين… في أخلد أغاني الحب والجمال.
رغم أصفاد سجن الصمت،
قد تطير وتحلق عشرات الأحاسيس والمشاعر الحرة، الطليقة، الجدلانة، الفرحة… تخضب بالحناء فضاء الأفق الرحب…
غصبا عن برودة بيت الصمت،
قد تتقد مشاعر الألفة والمودة، فيملأ دفئها الأفئدة والجوانح. وبتواطؤ جميل مع الصمت، قد ينسج القدر أجمل وأروع حكايات الشوق واللقاء.
عبر سكوت وتعنت الصمت،
قد تصرخ مئات صافرات الإنذار معلنة عن جدران تبنى عن سياجات تقام معلنة عن زلزال ودمار. من نوع أخر.
و بتواطؤ ماكر مع الصمت،
قد ينسج القدر أبشع وأذم حكايات الرتابة والملل، والبعد، ثم الفراق.

وهل تستحق كل هذا العناء..

تتمنع حينا، وتأتينا أحيانا راغبة، تبتسم لنا مرات، وتعبس وتتجهم مرات أخرى.. تغرينا بجاذبيتها، فنلهث وراءها لنيل رضاها، تهدينا سويعات صفاء.. تم لا تلبث أن تقسو. نغضب، نجافيها، ولكن لا نصمد كثيرا، ولا نلبث أن نعود إلى ربعها، عساها تشفق وتلين، وتمن علينا بنظرة رضى. وهكذا، ورغم مدها وجزرها، ورغم صدها ووصالها، لا نسلو حبها ولا نزهد في رضاها. بل يبقى الهاجس الذي يؤرقنا ساكنا فينا.. ترى كيف تكون الحظوة عندها؟ كيف تكرمنا الأيام بدوام صفائها وامتداد حبل مودتها؟ وكيف تجود السنون لتحصننا ضد تقلباتها؟
نعرفها لعوبا، خادعة، عديمة الثقة ولكن رغم كل هذا.. نحبها.
تمضي الأيام، وبعد أن نكون قد تعودنا على طباعها الغريبة، وبعد أن نكون قد أمسكنا بخيوط لعبتها، نجد أنفسنا دون أن نعي، وقد وصلنا على مشارف سفح العمر حاملين سؤالا كبيرا:
هل حقا كانت هذه التي تدعى الحياة تستحق منا كل هذا العناء؟