21 مايو، 2024 1:13 ص
Search
Close this search box.

كبار البلد

Facebook
Twitter
LinkedIn

لم يعرض التلفاز يوما لقطات من اجتماع مجلس الوزراء او اجتماعات رؤساء الكتل الا وشاهدنا الجميع يوزعون ابتساماتهم فيما بينهم لدرجة ان من لايفهم دروب السياسة ربما سيشعر ببعض الاطمئنان ويظن ان (كبار البلد) اتفقوا اخيرا وسيحدث اجتماعهم فرقا في حياتنا المرتبكة ..ويمر الاجتماع كغيره وتطل علينا نفس الوجوه منفردة، كل على قناته التي يملكها او القناة التي يجد صوته صادحا فيها ليحلل الوضع السياسي ويلقي باللوم على الفساد المستشري في البلد وضرورة محاربته وتحقيق الاصلاح الفعلي ..ولن ينسى طبعا ان يتهم من يقف حجر عثرة في طريقه باية تهمة تجعله زائدا عن حاجة البلد الى الامن والامان وربما يفضح ملفات فساده او يصفه بابشع الصفات التي تتنافى حتما وعرض الابتسامات التي تبادلوها ضمن قاعة الاجتماع …
ولم يمر يوم الا ونكتشف صفقات فساد جديدة واياد متورطة فيها لمسؤولين كبار او من يعمل معهم او يأتمر بأمرهم فتقوم الدنيا ولاتقعد وتطل علينا عشرات الوجوه لتطالب باحقاق الحق والقضاء على الفساد ويتحدث كل منهم بطريقة من اعتاد النزاهة اسلوبا لحياته ، وهكذا ، وبالتدريج يكتشف المواطن العادي ان الجميع نزيهون ويطالبون بالنزاهة ويرفضون الفساد فيضيع لديه (راس الخيط) ويزداد تشابك خيوط (الشليلة) وتختلط لديه المفاهيم وحتى الوجوه فيتساءل ببراءة : من هو النزيه اذن ؟ ومن هو الفاسد حقا ؟…
لقد اعتاد المسؤولون في بلدنا على اتباع قاعدة “اكذب …اكذب..حتى يصدقك الآخرون ” كما قال وزير الدعاية النازي جوبلز من قبل، فضاعت الحقيقة بينهم ..وصار على المواطن العادي ان يكتشف بنفسه حجم الكذب ومقدار الصدق ان وجد ثم يحكم على الوجوه ذاتها متاثرا غالبا بخطاباتها النارية التي تعزف على اوتار حساسة في اعماقه كالانحياز الى العرقية والمذهبية او الطرق على معدن (المشاركة ) و(الوحدة الوطنية ) و(نبذ
الطائفية ) لتشكيل لوحة فنية جديدة تختلف ملامحها عن ملامح الدورات السابقة فلكل مرحلة لونها ومذاقها الخاص والمرحلة الحالية تتطلب توزيع ابتسامات جديدة والمناداة بمحاربة الفساد ونبذ الاحقاد والطائفية …اين التقصير اذن ؟ ومن المسؤول عما يحدث مادام المسؤولون متفقين جميعا على الخطوط العريضة ويواصلون تبادل الابتسامات العريضة في قاعات الاجتماعات الحاسمة حتى لو تبادلوا ابشع الاتهامات خارجها ..
ربما يكمن الخلل اذن في المواطن ذاته فليس عليه ان يصدق أيا من التصريحات او المزايدات مهما بدت وكانها تصب في مصلحته ..عليه ان يؤمن اولا ان المسؤولين اذا اتفقوا على الضحك على ابناء شعبهم في قاعات الاجتماعات فسيواصلوا الضحك عليهم خارجها …

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب