19 ديسمبر، 2024 2:03 ص

المحمل هو نوع من انواع الموبيليا كانت تستخدمه جداتنا لحفظ الملابس والحاجيات ويتوسطه معرض للزجاج وتنضد فوقه الافرشة الزاهية الالوان التي كانت تتفاخر بها امهاتنا وجداتنا في ذلك الزمن ..كانت للمحمل مكانة خاصة لدى النساء اللواتي يعتنين به ويتم صبغه في كل عام اضافة الى وضع الصور الجميلة عليه مثل صورة مريم العذراء وبنت المعيدي والمناظر الخلابة وفجأة ودون سابق انذار وبعد ان يرزق الله هذه العائلة او تلك بضعة دنانير ليرتفع حلمهم في تطوير اثاثهم المنزلي فيتم شراء ( البوفية ) والتي تؤدي نفس مهام المحمل لكنها اكبر حجما واكثر حداثة ومحط تباهي النساء بها ..
ما ان يتم شراء البوفية حتى يتغير وضع المحمل وينزل قدره للحضيض حينما تفكر العائلة ان تجعله ( مكف للدجاج ) اي مفقس لدجاج البيت حيث يضع بيوضه في ركن من اركان المحمل وبدل الطلاء السنوي والاهتمام بنظافته وترتيبه يكون طلائه طبيعيا من خلال فضلات الدجاح ..
تذكرت هذه الحكاية وانا ارى حال كبار السن والمتقاعدين في العراق الذين قدموا عصارة جهودهم وريعان شبابهم من اجل بناء الوطن من خلال الوظائف الحكومية التي شغلوها طيلة ثلاثة او اربعة عقود من الزمن ليركنوا جانبا وتكون كبارتهم ككبارة المحمل الطيب الذكر حينما يقفون طوابير طويلة لاستلام راتبهم التقاعدي المخزي الذي لا يليق بهذه الشيبات التي تكاثرت اثناء تأديتهم واجباتهم العامة في دوائر الدولة حينما كانوا يتأنقون ويتزينون قبل الذهاب الى العمل الذي كانوا يتفاخرون به .. ومقابل هذا الوضع المزري لمن اتعبته السنين وارتقى السلم الوظيفي بعناء مضني نجد من يقدم خدمة عامة لا تتجاوز الستة اشهر احيانا ويتقاضى تقاعدا يوازي ما يحصل عليه هؤلاء المساكين بمئة مرة ويدعي من يمارس سن القوانين وتشريعها انه يطبق الشريعة الاسلامية التي هي براء مما يرتكبون باسم الاسلام من ظلم كبير بحق هؤلاء ..
اما من لم يكن يحضى بوظيفة فحاله اكثر بؤسا من هؤلاء حينما تتكرم عليه الدولة براتب الرعاية الاجتماعية المخزي في بلد يعد من اغنى دول العالم..
هكذا يكرم الكبار في وطني بشكل لا يختلف كثيرا عن كبارة المحمل!!!.

أحدث المقالات

أحدث المقالات