23 ديسمبر، 2024 10:59 ص

صباح الإفطار ( الريوك ) العراقي لايشبه أي صباح آخر ، بطعمه ومذاقه الذي جعل الحياة العراقية شهية بحنين مكثف وعشق نادر، رغم قسوتها أحيانا ً، وسرياليتها أغلب الأحيان  ….!
العراقي شخص مكرس للنكهة والمعنى وهو مغرم بجمع المتناقضات والمتضادات ، مثل القيمر والكاهي ، أو السياسة والإسلام ، الإلحاد والإيمان الطائفي، الإذعان التاريخي والثورة الدائم ، الهزائم الخارجية والإنتصارات الداخلية ، الخوف من النساء وهواية تحدي الأشقياء ….الى آخره من صور الخرافة وقواعدها العراقية .
 
الصباح العراقي مغطى بصوت فيروز، بعد صدى الرحمن منذ الفجر حتى رائحة الشاي الخادر وعبق الهيل ،….ويدور هذا الصوت كل يوم وكل شهر منذ خمسين سنة ..!
بكتب اسمك ياحبيبي على الحور العتيق ….
تكتب اسمي ياحبيبي ع رمل الطريق ..
 
صباحاتنا لم تزل ترسم اناشيد الأمل والبحث عن فرح ضائع في متاهات الدروب ، صباحات شاخصة في ذاكرة الخوف من نهار ملغم بالمفاجآت والجنون المباغت لزمن يمشي بالعكس ، ويبقى الصباح يكتب الدعاء والإبتسامة ويغسل ماتبقى من نعاس .
 
لايوجد صباح في هذا الوجود مثل صباح العراق، ناقع بندى دعاء الأمهات والحبيبات مايجعل أشد النهارات قيضا ً تحمل برودة منعشة بحنين النساء ، وأي حنين ، واي عذوبة وجمال … من هنا كان ورد الجوري العراقي يأخذ شذاه من رحيق الأمهات ورقتهن والعبق الأمومي ، البيوت التي ترحل عنها الأمهات يفقد الورد عطره ، وتجف الحدائق .
 
 وطن كانت له نكة الكاهي والقيمر في صباحه المطعم بالعافية والغزل، ظهيرته تفوج برائحة العنبر وشهيق الأنهار ، وفي مساءاته ترتحل القوافي لحدائق النار والنشوة والثلج وترانيم تبدأ بالضحك والذكريات وتنتهي بدموع الحنين والذكريات والفراق أحيانا ً ..!
 زمن يدور ولكن إحداثيات اليوم العراقي تبقى تحمل وظائفها ، رغم اختلاف أو اختفاء الطعم والمعنى ، رغم  تصحر الروح والنهر والورد ورحيل الأمهات
والحب والسلام …،
كان الصباح العراقي يمتاز بالكاهي و” الكيمر ” ، صباح العرسان الضاحك بالحلاوة والرقة .
 ولاادري لماذا لم يعد للكاهي و”الكيمر” ذات النكهة والمذاق والمعنى..؟
لماذا لم يعد الصباح صباحا ً ..؟
 
*   ملاحظة : يفضل قراءة المقال في الصباح قبل الإفطار ، بإستثناء النايمين للظهر .
[email protected]

كاهي وكيمر …!
صباح الإفطار ( الريوك ) العراقي لايشبه أي صباح آخر ، بطعمه ومذاقه الذي جعل الحياة العراقية شهية بحنين مكثف وعشق نادر، رغم قسوتها أحيانا ً، وسرياليتها أغلب الأحيان  ….!
العراقي شخص مكرس للنكهة والمعنى وهو مغرم بجمع المتناقضات والمتضادات ، مثل القيمر والكاهي ، أو السياسة والإسلام ، الإلحاد والإيمان الطائفي، الإذعان التاريخي والثورة الدائم ، الهزائم الخارجية والإنتصارات الداخلية ، الخوف من النساء وهواية تحدي الأشقياء ….الى آخره من صور الخرافة وقواعدها العراقية .
 
الصباح العراقي مغطى بصوت فيروز، بعد صدى الرحمن منذ الفجر حتى رائحة الشاي الخادر وعبق الهيل ،….ويدور هذا الصوت كل يوم وكل شهر منذ خمسين سنة ..!
بكتب اسمك ياحبيبي على الحور العتيق ….
تكتب اسمي ياحبيبي ع رمل الطريق ..
 
صباحاتنا لم تزل ترسم اناشيد الأمل والبحث عن فرح ضائع في متاهات الدروب ، صباحات شاخصة في ذاكرة الخوف من نهار ملغم بالمفاجآت والجنون المباغت لزمن يمشي بالعكس ، ويبقى الصباح يكتب الدعاء والإبتسامة ويغسل ماتبقى من نعاس .
 
لايوجد صباح في هذا الوجود مثل صباح العراق، ناقع بندى دعاء الأمهات والحبيبات مايجعل أشد النهارات قيضا ً تحمل برودة منعشة بحنين النساء ، وأي حنين ، واي عذوبة وجمال … من هنا كان ورد الجوري العراقي يأخذ شذاه من رحيق الأمهات ورقتهن والعبق الأمومي ، البيوت التي ترحل عنها الأمهات يفقد الورد عطره ، وتجف الحدائق .
 
 وطن كانت له نكة الكاهي والقيمر في صباحه المطعم بالعافية والغزل، ظهيرته تفوج برائحة العنبر وشهيق الأنهار ، وفي مساءاته ترتحل القوافي لحدائق النار والنشوة والثلج وترانيم تبدأ بالضحك والذكريات وتنتهي بدموع الحنين والذكريات والفراق أحيانا ً ..!
 زمن يدور ولكن إحداثيات اليوم العراقي تبقى تحمل وظائفها ، رغم اختلاف أو اختفاء الطعم والمعنى ، رغم  تصحر الروح والنهر والورد ورحيل الأمهات
والحب والسلام …،
كان الصباح العراقي يمتاز بالكاهي و” الكيمر ” ، صباح العرسان الضاحك بالحلاوة والرقة .
 ولاادري لماذا لم يعد للكاهي و”الكيمر” ذات النكهة والمذاق والمعنى..؟
لماذا لم يعد الصباح صباحا ً ..؟
 
*   ملاحظة : يفضل قراءة المقال في الصباح قبل الإفطار ، بإستثناء النايمين للظهر .
[email protected]