لاننا نعرف ان العراق لم يعد موحداً نردد كثيراً كلمة العراق الموحد والتي لم تنتشر في عناوين كلامنا لولا وجود الفرقة والشتات الروحي بين مكونات الشعب العراقي، ولأننا تخلينا عن اوثق الوشائج التي ربطت نسيجنا العراقي على مر الدهور انفرط عقدنا وعرفنا فجأة ان لكل منا خصوصية قد تتعدى التقابل والتضاد الى حد التناقض الذي لايقبل الابطرف واحد ويلغي الآخر، حقيقة فرضت نفسها على الكثير منا رغم تغافلنا عنها ورغم قناعتنا بأنها مثلبة لايفخر بها احد ويخفيها تحت اكمامه خشية ان يراها صديق الأمس الذي يخفي مثيلتها هو ايضاً !
ياسبحان الله ! نتبنى افكاراً لم نقتنع بها يوماً وكانت ابعد مايكون عن نهج تربيتنا الاسرية والعامة.
نحن جيل كتب القدر على صفحاته ان يعيش الهم والوجع بكل فصوله، ولايمكن لأكثرنا نباهة وفطنة ان يتنبأ بالسبب الحقيقي وراء هذالسوء الذي لازم طالعنا كل هذه السنين، ولا حتى ان يتنبأ بالقليل مماتحمله ملامح الغد، لم نقارن انفسنا يوماً بأقراننا خارج اسوار هذا السجن الكبير لأننا لم نرى سوى مانتشارك به من القهر ولاعلم لنا بأول أو آخر هموم اقراننا في الخارج القريب أو البعيد.
صديقي الذي شاركني دور الضحية بكل المقدمات والنتائج كان لايعرف غير وجعه من قسوة وجور الأيام ويعرف نسخة وجعي الذي صار هويتي وعنواني، لانها نسخة من ماعنده. وهذا ما اوقع طيره على شكل طيري، كنا نتقاسم الذكريات المرة في سمرنا كما تقاسمنا كل شي ونخلق منها اشعار واغاني واحلام واهية للغد المجهول، تحول صديقي بقدرة قادر الى خندق لايتحمل بقائنا معاً ولايرضى الابخيار الوجود لاحدنا فقط !
اي قدر هذا الذي يطوّع ماكنا نراه مستحيل واي قدرة هذه التي تفلت اكفنا التي كبرت وهي متشابكة ببعضها ولم تفلت ألا لتمسح دمعة أو لتشعل شمعة، وأي زمن هذا الذي رست اقدارنا عنده، ينطق بالموت ويسكت به ايضاً ولايرضى بأنصاف الحلول، لاتغالط نفسك وتحاول هدايتي الى طريق لأتؤمن به اصلاً ، ولاتُرآئي فلم يعد ذلك يُخجل احد ولا يثير احد ولايؤخذ في ميزان احد، والمسافة بعيدة جداً عن ذلك الزمان الذي كان فيه عطر الوحي في كل مكان ويدفع اي شخص ليقاتل اهله دفاعاً عن راية الوحي الالهي. الآن تساوى الجميع ولايمكن لصديقي ان يسكت عن ذنبي ويدي تقطر من دم اهله واطفاله. كما لايمكنني ذلك ايضاً، فقد جربت المثالية واطبقت نواجذي على ذلك الوجع وذهبت مع الايام على سجيتي لكنها لم تسكت واستمرت باستلالها احبابي واهلي واحداً تلو الآخر، حتى وصلت بي الى ذلك الحد الذي خيرني بين البقاء والعدم.
فمن لايحس بوجعي ليس مني ولاقيمة لرأيه وتباً للعقل والعقلاء الذين يجمعون على مهانتي ولم يروا في انسانيتي ووجودي الا كبش فداء لقيم لايؤمنون بها ولايرى في سلوكياتهم شيئاً منها. سوف اقاتلك ياصديقي حتى يسكت احدنا واذا عجزت عن ذلك سأعلن هزيمتي واترك لك بيتي وارضي وقبور اهلي وارحل بعيداً ابحث عن اصدقاء جدد وارض بلا كذبة الحضارة ومقبرة يبقى شاهدي فيها يحمل اسمي ولايهدم أو ينبش بعد موتي ليشفي احدهم غليله.