23 نوفمبر، 2024 4:10 ص
Search
Close this search box.

كان زمان …!

كان زمان ، يشغلنا النصف الثاني من الشهر الأخير من السنة ، بكتابة ماعلق بالذاكرة من أحداث العام الذي يسارع بغفلة وفرح لتسليمك لسنة جديدة ، تؤثثها وفق ماتشتهي، ثم تفكر أين تمضي سهرة اليوم الأخير من العام، وكيف تشارك اصدقاءك المسيحيين في أعياد “الكريسمس ” ومانوع الهدايا التي تحملها لهم .
أكتب أسمك ياحبيبي ع الحور العتيق
تكتب أسمي ياحبيبي ع رمل الطريق
ماكنا نصغي لحوار الخسارة الذاتية وما تردده فيروز بسحر يشبه نثيث المطر، كان المطر موعدا ًآخر لتجميد ذاكرة السرد ، وإنبعاث نواعير الشعر وحكايات الطفولة وهي تمازج قوس قزح .
أجمل قوة يتباهى بها المرء ان يكون الزمان طوع يديه، وليس أسيرا ً لقوانينه ، ذلك مبعث القوة التي تملكناها بعناد يشابه الفولاذ ، وحين نكتب على صفحات الأيام الأخيرة ماتوهج بالذاكرة من أحداث، تأخذك غبطة الإنتصار على الأيام ،بل تشعر ببهجة تغمرك بلذة لايتحسسها سوى الدراويش والراسخون بالسحر والخيال .
شعورك بإحراز البطولة ان تقف ضد الزمن بصلابة مغايرة لشروطه الخانقة ، تلك حكاية تجعلك طاقة جمالية متحررة من الخوف ، تزاحم الغرور ، وتكتسب صلاحية الشجعان في كتابة أسطورتك الشخصية .
ثمة صفحة لم تزل صامدة من عام مضى ، من زمن الشجاعة ، محت السنوات تاريخه على نحو دقيق ، لكنه لايتعدى عام 1977 في الصفحة الأخيرة أقرأ تلك المقتطفات العنيدة على المحو؛
(( كانت احداث اسبوع الفليم السوفيتي تشكل إنعطافة ثقافية في الإطلاع على صناعة السينما وترجمة الأيديولوجيا الى لغة جمالية .
* مسرحية أضواء على حياة يومية جديدة لفرقة المسرح الحديث تشكل محاولة من الفنان قاسم محمد معد ومخرج المسرحية للإقتراب من منهج المفكر المسرحي الالماني برتلود بريخت ، مسرحية تحاول كسر قواعد المسرح الكلاسيكي وتضع الكوميديا النظيفة في إطار معقولية مسرح عراقي مبتكر بواقعية جديدة .
* عروض فرقة السيرك الكورية جعلتنا نضحك كثيرا ولأول مرة اعرف ان ثمة ضحك ينطوي على معنى عميق وإدانة للفاشية .
* سفرتنا الى شهربان اعطتنا متعة هائلة ، ظهرت بها مواهب عديدة .))

الحبر الذي اساله الزمن على تلك الورقة جعل الأحداث تتداخل مع بعضها ومن الصعب قراءتها، كما تداخل الزمن العراقي بغموض مرعب ، مابين الحروب والحصار والقمع والموت والإعتقال والتهجير والأنفال وحركة الأهوار والمقاومة الصامتة في الداخل العراقي .

زمن داهمنا بالخوف والتهديد وإنتزاع الإرادة ووضع القرار الوطني تحت تصرف المجانين، وهواة الحروب ومبادلة الأسرى وإقامة القصور والسجون وقوانين الممنوع على درجة واحدة من الإتقان .

انتهى زمن الشجاعة ، وحل زمن الفساد ، وتلك السلسلة من سلطات لاتجيد معنى الحياة ،اصبحنا اشبه برمل الطريق ، نحتاج من يكتبنا في رصف الطرق لأقدام المعتوهين والقتلة ، فلا ذكريات تجنيها ايتها الذاكرة والأيام تتقاذفك مابين الحرب والحصار والحرب الثانية القومية والثالثة الطائفية والرابعة الأهلية ..ولاشيء..لاشيء لاذكريات … سوى هذا الخراب الحزين .

*[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات