22 ديسمبر، 2024 11:28 م

كان جدي هو قول شائع عند كثير منا نحن العراقيين ويقصد به هو الاشاره لفعل الاجداد الذي يشار اليه بالبنان والذي يفخر به من كان من نسله او تربطه به صلة قربى .
ولابأس ان يفتخر الناس باجدادهم وانتماءاتهم وعشائرهم وهذا امر محبذ اذا كان مقترنا هذا الفخر بالفعل الاني الذي يقوم به المتفاخر لا ان يقول انا ابن شكسبير وهو ينتمي اليه بالاسم فقط .
ان بعض التفاخر يحمل بين طياته الاساءه للسلف من خلال تصرفات طائشه لاتمت لسلفه بصله لامن قريب ولامن بعيد ، فهو مدح اقرب مايكون للذم اذ لابد ان يكون القول مقرونا بفعل حسن يفخر به الفرد وبفعله قد احسن لسلفه وكان مدحه بمحله فهو خير خلف لخير سلف .
يقول الشاعر البدوي الشيخ المطلك (من مخبر الحيين في باطن الارض امواتهم فوق الارض ابلشونا ) ومعناه ان الاموات الذين يفخرون بهم الابناء هم احياء بافعالهم ولهم سيرة حسنه يتحدث بها القاصي والداني ، ولابد من مخبر (ايحاء الصورة ) يخبرهم بان خلفهم قد اساءوا اليهم بفعلهم الذي ينكره العرف فهم اموات احياء .
كان جدي قول قد نما حتى اصبح عرفا سائد في المجتمع فان قلت ماركوس قالوا لك (ادخل على الله هذا ابن ثيودور ) نعم هو ابن ثيودور لكن ماذا قدم ماركوس للمجتمع هل هو مبتكرا هل هو من رواد الفضاء ، هل اعان عائلة فقيره . هل تبرع بماله لمحتاج ،هل فرج عن مكروب كربته .
لا اراه الا متسكع متخذا من الجلوس في الطرقات مهنة له ويتكلم بملأ فمه وان نفضته نفضا لاتعثر على دينار واحد معه . ولايمتلك ادنى صفه من صفات الرجوله من خلق رفيع الذي هو منطلق لكل الصفات الحميده .
ان التفاخر بالحسب والنسب يجب ان يرتبط ارتباطا وثيقا بالركن الاساسي لكل معاني الرجوله وهي الاخلاق . والاخلاق بدورها مرتبطة و متغلغله بجميع اصول الدين والحق يقول (ان اكرمكم عند الله اتقاكم ) واساس التقوى هي الخلق الرفيع وامير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام يقول في ابيات من الشعر تتخللها حكمة عظيمه :-
(كُن اِبنَ مَن شِئتَ واِكتَسِب أَدَباً
يُغنيكَ مَحمُودُهُ عَنِ النَسَبِ
فَلَيسَ يُغني الحَسيبُ نِسبَتَهُ
بِلا لِسانٍ لَهُ وَلا أَدَبِ
إِنَّ الفَتى مَن يُقولُ ها أَنا ذا
لَيسَ الفَتى مَن يُقولُ كانَ أَبي)
فالاخلاق هنا هي ميزان الفرد وهي الكفه الراجحة بلا منازع لتقييم الرجل فكن مؤدبا خلوقا وافتخر بمن تريد ان تفخر به لاننا حينها سنقول (من خلف ما مات ) وابتعد عن كونك قرقوز تضحك الاخرين عليك .