كثيرا ما نتبادل الرأي عن موضوع لا بد من بحثه ونشره ، وربما كنت قد نشرته وبالتفصيل المتكرر حد الملل ، وبعد البحث أجد من يحاورني قد وضع علامة الإعجاب على ما نشرته في صفحات التواصل الإجتماعي ؟!، أو أنه لم يقرأ ما نشرته أصلا ؟!، وأغلب أطراف من لا يقرأون ، لا يعرفون السند القانوني الذي أعتمد عليه ، والصيغة التي تتناسب معه لتكون بديلا عنه ، ولا يفرقون بين حلقات التشريع ومستوى تأثير قوة كل منهما على الآخر وعلى واقع الإجراءات ، إلى حد إستفسار أحدهم عن أسباب الإشارة إلى جريدة الوقائع العراقية ؟!، ولا أريد الخوض في جميع ما تلقيناه من الآراء ، ولكن منهم من قال إن الإطالة والإسهاب في أسلوب الكتابة ، يؤدي إلى عدم الإهتمام بما ينشر ، إلى حد أن البعض لا يقرأ أو لا تستهويه مطالعة تلك الصفحات ، كما قال آخرون إن ما تكتبه لا يمكن للجهات المختصة قبوله ، لتعارضه مع مصالح عناصرها وما هم عليه من الفساد ، وعلى أساس كل ما تقدم أو غيره من الآراء ، فإن المقالات تضع من يتابعها من المسؤولين إن وجد ؟!، أمام عرض مهني كاشف لبعض حالات الفساد ، من الناحيتين التشريعية أو التنفيذية ، مع بيان الحلول والمعالجات اللازمة لتجاوز تلك المعوقات والعقبات ، وهي تهدف إلى نشر الوعي والثقافة القانونية والإدارية بين عموم غير المختصين ، للحد من ظاهرة عرض الآراء والتصريحات الخاطئة وغير المهنية ، التي تخدم الإبقاء على حالات الفساد ، وليس إزالتها وتحقيق ما تسعى إليه الجماهير كلا أو جزءا ، وفيها رغبة الإستفادة من آراء المختصين علميا والمهنيين عمليا ، لإغناء الموضوعات بالمعلومات الجديدة ، وتصحيح ما يرد فيها من أخطاء تشريعية أو إجرائية إدارية ، عند إعداد البديل المطلوب .
المختصون علميا والممارسون عمليا ، يكتبون لمن يريد معرفة وفهم ماهية الحقوق والواجبات وآليات تطبيقها ، مع كيفية التصدي للطاريء منها من أجل تصحيح المسار ، والإبتعاد عن الحديث والكلام غير المؤسس على السند الشرعي أو التشريعي المعتمد ، وعدم ترديد الأقوال من غير معرفة أو علم أو مهنية تطبيقية كافية ، لأن إستمرار السعي في ظل شجرة الفساد الإداري والمالي ، وإجترار الإشاعات والإرتواء من مستنقعات الآراء الفاسدة تربويا ، زيادة في مساحات الأرض البوار ومسطحات المياه الآسنة وعدم المهنية في العرض والمعالجة ، ولأن الفاسد ليس قويا ، إنما هو ماكر خبيث ، فسوف يتضح ضعفه وخوره وهوانه جليا ، عندما يجد في مواجهته مهنيا صلبا متينا مليئا بأوليات الموضوع من المعلومات ، كما تبرز صفات قوته الواهمة ، عندما يجد في ساحة ودائرة مواجهته من يتحدث بلغة الشعارات والتوجهات السياسية ، غير المستندة إلى قوة التشريعات والإجراءات الكفيلة بمقارعته ورده مهنيا تطبيقيا ، لذلك نجد ومن باب المسارعة في تقديم الأعذار وإلقاء الحجج والذرائع ، التي يشتهر بها من يتكلمون من أجل المشاركة في الكلام فقط ، الإشارة والميل إلى مختصرات الإيضاح ، وحين مواجهتهم بموجبات الكتابة وأسانيدها ، تبرز المفاجأة الكبرى ، بأنهم من أمة إقرأ التي لا تقرأ ما ينفعها ولا يضرها ، أمة الذين إستهانوا وباعوا كل شيء ، أمة الذين يقولون ما لا يفعلون ، أمة الذين يرددون ما لا يعرفون لفظ حروف اللغة ومعاني أسمائها التي بها يفتخرون ، أمة من يروق لهم سماع قصص جدتي وما فيها من الأساطير والخرافات ، أمة من يتم الإحساس لديها عند تذوق طعم الأقوال والإتهامات الساخرة أو البذيئة ، أو تلك التي تنال من قدر وقيمة الخصم الحقيقي أو المفترض ، بفعل عارم السيل المنحدر من جبال الجهل والأمية ، لمعالجة حالات الخطأ أو الفساد ، بما يجسد نظرية معالجة الخطأ بالخطأ ؟!، كونها سلاح الجدل بالذي هو أسوء من سوء الحال والأحوال التي نعيشها ، أمة أتعبت نفسها وحكامها من غير طائل ، فوثق لها التأريخ من إستحقاقات الوصف ما رافقها حتى الآن (( يا أشباه الرجال ولا رجال ، حلوم الأطفال ، وعقول ربات الحجال ، لوددت أني لم أركم ولم أعرفكم معرفة والله جرت ندما ، وأعقبت سدما … قاتلكم الله لقد ملأتم قلبي قيحا ، وشحنتم صدري غيظا ، وجرعتموني نغب التهمام أنفاسا ، وأفسدتم علي رأيي بالعصيان والخذلان ، حتى لقد قالت قريش : إن ابن أبي طالب رجل شجاع ، ولكن لا علم له بالحرب ، ولكن لا رأي لمن لا يطاع )) .
في جدل وحوار بعض المواضيع المتعددة والمتنوعة ، إستغربت من إعتقاد البعض بصحة ما سمع من إنتقال صوت الناخبين إلى رئيس الكيان أو من يشغل الرقم (1) في قائمة المرشحين ، ومن ثم حتمية إعادة فوزه بالإنتخابات ، وروج لذلك الكثيرون وفي مقدمتهم المزورون ومن إتبعهم بسوء إلى يوم ينقرضون ، بغية تحقيق العزوف عن المشاركة في الإنتخابات لهدف يجهلون ؟!، وقد إنتهت الإنتخابات بممارساتها وآليات إحتساب أصوات الناخبين فيها ، ووزعت المقاعد البرلمانية على الفائزين حسب المعلن أو بعد إعادة العد والفرز اليدوي ، ومع أن الإعتقاد مردود ولا صحة له من الأساس ، إستنادا إلى تفاصيل كيفية حصول ذلك وبالأرقام ، حسب ما أعددناه وغيرنا من منشورات وضعناها للإيضاح ، إلا إن من لم يقرأ الصحيح والسليم من الآراء ، وفضل السمع والإصغاء لمن لا يعرف غير أساليب التحريف في التعريف ، جعلنا ننتظر نتائج الإنتخابات ، لنلمس خسارة من إحتل الرقم (1) في القائمة الإنتخابية ، وضربنا ذلك مثلا إسنادا ودعما لما هو معتمد قانونا ، وحسبت أن الذي يطالب بالإيضاح المختصر على طريقة مقدمي البرامج التلفزيونية ، على قدر من الإستيعاب المطلوب ، وإذا به يطالب بمزيد من الإيضاح ؟!، وفي موضوع آخر وبصيغة طلب الإجابة المختصرة أيضا ، كانت الإجابة بإحالته إلى مراجعة نصوص بعض مواد الدستور ، فتبين عدم قراءته للدستور ، مع عدم معرفته بنص عدد من مواده أو بعض مواد قانون الإنتخابات ؟!، فسألته عن السبب في الخوض جدلا بما لا يعرف ولا يعلم ، وإذا بي أراه صامتا مثلما هم أصحاب القبور ، ولكن بعد فوات الأوان بخطأ التصويت أو بالإعراض عن المشاركة في الإنتخابات ؟!، وتلك مما سقط بيانه سهوا من مقالتي الموسومة ( كل حريق وأنتم بخير ) المنشورة بتأريخ 15/6/2018 .
إن المستوى الثقافي العام للمجتمع ، هو نطاق تقيد الكاتب بموجبات الإختصار الذي قد يصل إلى حد الإشارة ، والحليم تكفيه الإشارة في فهم ما يتعلق بموضوعات المبادئ والقيم والعادات والتقاليد والأعراف الإجتماعية ، وليس في غيرها من العلوم والإختصاصات والحالات ، حيث يكون التلميح بدلا من التصريح من مقتضيات ومتطلبات الحذر والتحوط من الحكم الجائر في المجال السياسي ، عندما يكون التعسف في إستخدام الحق ، من مميزات سلطات النظام الحاكم بالقمع وبالإرهاب ، أو عند طغيان شريعة الغاب بسبب ضعف السلطات الحكومية في فرض سيادة القانون والنظام العام والآداب ، وقد لا ينفع إستخدام ذلك وسيلة للحماية الذاتية ، عند غلبة سوء الظن والفهم الخاطئ لعقول المتسلحين بغير القلم ، وإنتشار أمراض التلاعب بالألفاظ وخلط الأوراق ويسر توجيه الإتهام لتحقيق منافع ومصالح شخصية ، أما في مجال التخصص العلمي أو العملي التطبيقي المهني ، فلا بد من الإيضاح المتناسب مع نوعية المتلقي وساحة الخطاب ، فحين يكتب المختصون في صفحات الرأي العام ، يكون التفصيل فرضا وواجبا حتميا ، لسعة مساحة المتلقين وإختلاف مداركهم وثقافاتهم ، لتحقيق الإستفادة المتوقعة من الرأي والرأي الآخر ، ولكلٍ مما يحتاج إليه ومنه ، وعليه لا أجد في الكتابة من غير سند معتبر ، إلا لغوا وثرثرة لا فائدة منها ولا نفع ، ولا يكون الإختصار في النشر مجديا إلا وسط المختصين ، وليس لمن لا يتعلم قبل أن يتكلم من رأي ، لأن سبب تأخرنا قادم من إنخفاض درجات ومستويات القراءة في مجتمعنا ، إلى الحد الذي لا يليق بأمة إقرأ ؟!، التي كان العراقيون رواد القراءة فيها ، بعدما كتبت مصر وطبعت لبنان وقرأ العراق .