الاحداث السماوية المتوالية التي طالت اغلب مدن البلاد في الايام الاخيرة، كالمطر والهزات الأرضية، أعطت للناس حسب فهمي مثالين حيين ان لم يكن اكثر، أولهما أرسلت رسائله الأمطار، اذ كشفت عن عورات الفساد المتفشية، حين أغرقت زخة منها اغلب محافظات العراق، وهدمت بيوتا وشردت عوائل وقتلت البعض منهم، وهي بعثت برسالة لا تدعو الى الشك او الطعن ارسلها الله للناس ان كانوا يعقلون مفادها، ان البلد رهين الفاسدين الوصوليين الذين لا يهمهم اي شيء سوى مصالحهم ومناصبهم وأحزابهم، ولسان حالهم يقول؛ ليذهب المجتمع ومن فيه الى حيث، المهم ان بيوتنا سالمة وعوائلنا أمنه.
اذ ان كل تلك المليارات من الدولارات التي صُرِفَت طيلة السنين التي مرت لم تستطع ان تقف حائلا ومانعا بوجه كمية من الأمطار كشفت الواقع كما هو واظهرت ضحالة البنية التحتية للبلاد، والتي لا اظنها ستكون المطرة الاخيرة، فماذا أعددتم لتالياتها؟!..
وثاني هذه الرسائل هي ما حملته الهزات الأرضية من حقيقة، والتي أسدلت الستار عن نهاية القصص التي كان يقنعنا بها الآباء والأجداد الى حد سنوات قليلة مضت من ان العراق لا يصيبه مكروه سماوي وخصوصا الزلازل، لانه بلد المعصومين، وان الله حفظ هذه الارض من هذه الكوارث كرامة لهؤلاء.
الا ان انتشار الفساد والظلم والقتل والترويع والفقر وغيرها من الماسي الاخرى التي حلت على الشعب بسبب تصرفات قادة السلطة الدخلاء، أظنها وغيرها دعت الله جلت قدرته الى رفع يده عن هذه الكرامة وهذه الخصوصية، ليس فقط من اجل ظلم البعض لشعبه، بل لان البعض من الشعب مع ما يرونه أمام أعينهم من ظلم وفساد تراهم قد رضوا بالذل والهوان ونصرة المفسدين والسكوت عن الظالمين وعدم الدفاع عن حقوقهم والمطالبة بها، وهم بفعلهم هذا كانوا مصداقا للمفهوم القراني القائل ؛ (وما ظلمناهم ولكن كانوا انفسهم يظلمون).
والآن و بعد كل ما جرى طيلة كل هذه السنين، والتي كان اخرها ما أحدثته الأمطار من دمار، هل سنستفيق من سباتنا ونميز الحق من الباطل، والنافع من الضار، والصادق من الكاذب، والعامل من الفاسد، والأمين من السارق؟!!.
ام اننا سنبقى نعين الظالمين على ظلمهم والفاسدين على فسادهم؟!..
كفانا كثرة اللدغ من الدخلاء، فالمؤمن لا يُلدَغ من جحرٍ مرتين، فهل يُعقَل ان يُلدَغ في نفس الموضع ثلاث ورباع؟!!!.