23 ديسمبر، 2024 6:30 ص

كانت هذه الجارية فمن هو سيدها؟

كانت هذه الجارية فمن هو سيدها؟

روي أن رجلاً قصد سيبويه، لينافسه في النحو، فخرجت له جارية سيبويه، فسألها قائلاً: أين سيدك يا جارية؟ فأجابته بقولها: فاء الى الفيء، فإن فاء الفيء، فاء سيدي، فقال: والله إن كانت هذه الجارية، فماذا سيكون سيدها؟ فرجع خائباً مدحوراً.
نواجه اليوم موجة من اللحن اللغوي، والذي تفشى في مفاصل حياتنا وبشكل يومي، فالكلمات الغربية إكتسحت أحاديثنا في التحية، والسلام، والوداع، والتسوق، والسياسة، أمثال: (أوكي ـ باي ـ هلوـ ماي كاد)، وتلك المفردات ما أنزل البارئ بها من سلطان.
الخواء الفكري وبالتحديد في اللغة العربية، هو السبب في شيوع الأخطاء اللغوية، فهذه جارية سيبويه تجيب رجلاً، أراد منافسة سيدها، فتفاجأ بفصاحتها، وبلاغتها، وذكائها، لإيراد كلمة (فاء) بمعان ثلاثة، فالأولى كانت (خرج لطلب الغنيمة)، والثانية (زالت الشمس عنه)، والثالثة (رجع).
تحتاج الفراشات لقوة مطلقة لتخرج من شرنقة الزمن، وهذا ما نريده من المعلم، لإطلاق تلاميذنا كالفراشات مكتملة النمو، من ناحية لفظ الكلمات بشكلها الصحيح، ومعرفة معانيها ومرادفاتها، لأن لغتنا العربية بحر كامن، تبحر فيه الألفاظ، وتستقر عند مدينة القواعد بحركاتها.
بعضنا يشكو ضعفاً في اللغة العربية، ولكن المعالجة سهلة، ألا وهي قراءة القرآن الكريم، والحديث النبوي الشريف، وكتب أهل البيت (عليهم السلام) وفطاحل العلماء والأدباء، فهي ترسانة ضخمة من العلوم، وفي مقدمتها اللغة العربية بفروعها، من نحو وصرف وبلاغة وفقه.
الإخفاق الواضح في إستعمال المفردة العربية الفصيحة، ذات الدلالات البلاغية المتعددة، تجعل التلميذ في المرحلة الإبتدائية، فقيراً جداً لعدم إمتلاكه لها، وسيصبح من الصعب فهمها في المستقبل، لأن العقل في مراحله المبكرة، يستوعب أضعاف ما يستطيع تقبله في عمر أكبر.
وزارة التربية معنية بإصدار كتب اللغة العربية، وفق مناهج حديثة مبسطة، توضح إرثنا العريق في مجال المعاني، مع إيراد طرائف نحوية، فالأطفال لديهم شغف كبير بالحكايات، أما أن تسرد قصص طويلة لإستهلاك عقل التلميذ، ومنه الشعور بالملل، وبالتالي فلا يحب لغته وألفاظها. 
الخطر المترتب على جفاء التلاميذ، لكلام العربية الفصيحة، إنما هو جفاء لمفردات القرآن الكريم، والحديث الشريف، وهو ما تبتغيه أجهزة الموساد اليهودية والعالمية، لغض الطرف عن الدين الإسلامي، والإبتعاد عن المصحف المقدس، والتفكر في معانيه، وهذا جل ما نحذر منه.