لم اعد اشعر بشيء
هذا هو الزمن الذي مر دون ان ادرك مداه …ساعة …ساعتان…ثلاث…
لست ادري كنت في عالم آخر ليس هو النوم الطبيعي وايضا ليس هو عالم الخلود والحياة الاخرى …اين كنت اذن…؟ وماذا جرى خلال هذا الوقت…؟
اسئلة كثيرة تتردد في ذهني المتعب الذي اشعر انني اشبه ما اكون برجل يحلم ,اجل كأنني اعيش حلم ولا ادرك ابعاد الزمن او حدود المساحة التي اشغلها .
جسدي حي وروحي لم تنفصل عنه واسمع الهمسات والتمتمات التي راحت تتعاظم شيئا فشيئا واستجمعت العبارات التي يتحدث بها الاطباء عادة الى المرضى الذين تجرى لهم العمليات الجراحية بعد ان يفعل البنج مفعوله ويفقد المريض وعيه ليتمكن الجراح المختص اجراء جراحاته دون ان يشعر المريض بألم الوخز او الجرح ودون ان تسيطر علي حواسه مشاعر الخوف او الرهبة التي ربما ادت به الى مالا تحمد عقباه ………….
توالت على مسمعي هذه العبارات متدفقة من خلال افواه الطبيب والكادر الطبي الذي اجرى لي العملية الجراحية .
تمتمت كلماتي بصوت ضعيف وحاولت ان افتح عيني لكن جفني ظلامطبقين ولم استطع فتحهما والنظر الى ما حولي .
ادرك الطبيب محاولتي اليائسة فشد على يدي قائلا:
…انه يتحدث عن الصبر وهل كانت حياتي الا ايام صبر وتصبر
وهنا عادت الى ذهني كلمات عن كاميرات المراقبة التي ينبغي على اصحابها تقديم المساعدة لمعرفة الجاني ولكن لا يستطيع اصحاب كاميرات المراقبة تقديم المساعدة الا من خلال امر قضائي وهذا يتطلب اجراءات ربما تستغرق وقتا ليس بالقصير كما يتطلب مراجعة مستمرة لاستصحاب الموظف المسؤول والذي في اغلب الاحيان لا يتواجد بأعذار مختلفة منها الاجازة او الانشغال بعمل آخر خارج الدائرة المعنية او التأخر عن الوقت المحدد لإمكانية الخروج وبهذا تطول المدة ولا تتحقق الفائدة من استعادة الصور الموثقة .
هذا هو بالضبط الذي حدث في محاولة الكشف عن الجاني الذي دهسني وهرب كأي مجرم امن رقابة الانسان والكاميرات التي قيل انها لم توثق تلك الحادثة ربما لأنها استغرقت وقتا طويلا ما جعل التوثيق من خلال تلك الكاميرات غير فعال.
…………………
لا يهم
انني لست بآسف على ان المعاملة الخاصة بحادثة الدهس انتهت بعبارة (الفاعل مجهول الهوية)واضيف توضيح مفاده(كاميرات المراقبة لم تسجل صورا للحادث).
انني لست بآسف فلم يدر في خلدي انني سأوجه للجاني اية عقوبة وقد فكرت بالعفو عنه حتى لو تم التعرف عليه لكن ما يؤلمني هوان ذلك الفعل يعد وخزا في الضمير الانساني وعلامة سوداء في المنظومة الاخلاقية تمنح الضوء الاخضر لأعمال سيئة اخرى مشابهة………….
عدت الى كاميرات المراقبة في ذهني واستذكرت الوصايا الاخرى من الوصايا العشر بعد الاولى والثانية اذ يقول الكاتب في وصيته الثالثة:
انجح على أية حال.
واما الوصية الرابعة فتقول:
– الخير الذي تفعله اليوم سوف يُنسى غداً
افعل الخير على أية حال.
وفي الوصية الخامسة يقول:
– إن الصدق والصراحة يجعلانك عرضة للانتقاد
كن صادقاً وصريحاً على أية حال.
والوصية السادسة هي:
احمل أفكاراً عظيمة على أية حال.
واما الوصية السابعة فهي:
لكنهم يتبعون المستكبرين.
جاهد من أجل المستضعفين
على أية حال .
الوصية الثامنة وهي اقرب الوصايا الى نفسي واجدني ملزما بتنفيذها اذ تقول:
ابن على أية حال.
يبين لنا الكاتب في الوصية التاسعة :
– الناس في أمس الحاجة إلى المساعدة لكنهم قد يهاجمونك إذا ساعدتهم
ساعدهم على أية حال.
اخيرا يقول الكاتب في الوصية العاشرة:
أعط العالم أفضل ما لديك على أية حال.
………………….
انتهت ايام الالم وعدت الى منزلي وان كانت هناك بعض المعاناة جراء الاصابة احاول ان اكون قادرا على تجاوزها في مستقبل الايام بأذن الله تعالى وبإرادة قوية تمدني بالإيمان والامل لمواصلة الاستمرار في بناء الحياة والدعوة الى الخير وبناء مستقبل مشرق للحياة.