23 ديسمبر، 2024 5:26 ص

كاريزما الكلمات- كاريزما الكتابة

كاريزما الكلمات- كاريزما الكتابة

في سلسلة كتابات عبقرية، مقالات لماء الذهب، مقالات النخبة:

أنا اكتب ، إذن انا كلكامش( مقولة الشاهر) ()
من فضل ربي ما اقولُ واكتبُ** وبفضل ربي بالعجائب أسهبُ( بيت الشاهر)
مقالتي حمالة النثر القديم ، ورافعة النثر الجديد( مقولة الشاهر)

كما للرجال في حلبة الرجولة والشجاعة كاريزما خاصة ، كذلك للكلمات بأسلوب كاتبها ، وسحر تلاعبه المجدي في الألفاظ والمعاني والقوافي والسطور كاريزما خاصة به ، الكاريزما الكتابية شبح كتابي مهيب ، تراه في صورة ملك طل عليك من أعماق التاريخ البعيد ، فيشدك اليه بحسن طلعته ، وجلالة مهابته ،وتفرد هندامه ،وتناسق رونقه ، فيجبرك بسحره ان تذوب فيه ذوبانا فيه رشفة من الخوف والانفعال والعجب والدهشة ، فهو ليس كما نقول ونكتب – معشر الشعراء والكتاب الدارجين- انما هو كما هو!
كاريزما الكتابة لاتمر عليك مرور الكرام، بل هي تحدث في طياتك زلزالا وجدانيا ، فتشعر انك في حال لاتميزفيه بين حشر الكلمات ، وحشر القارعات!
كاريزما الكتابة تقف خلف جدارها عدة كاريزمات متفاوتة ، فهي إمبراطورية كتابية مترامية الأطراف ضمتها نفس الكاتب ، ليس بإمكانك ان تستدركها عند غيره 0وهي تدلل على ان الكاتب نجح في نقل حنكته الى الورق ، دون الوقوع في مستنقعات الجبن الكتابي التي تقيد البعض وتجعلهم يفضلون رضا السلطان على جبروت العنفوان!
كاريزما الكتابة نبية كتابية خفية آثرت ان تكون رسالة للبعض دون البعض الآخر ، فأصبح بإمكان مميز الشبهات ان يميز جلال وحي الكاريزما فيعرف لمن هذه الكاريزما في مدعياتها من صور الانتحال الأخرى ، وحسبك ان تكون من قراء أنفاس أهل المقال ، ليمكنك أن تهتدي بو حي الكاريزما لتعرف لمن هذا ولمن ذاك من غير شبهة او لبس0
كاريزما الكتابة تحتوي على تسلسل مراتب ، فكما هنالك مراتب عسكرية كذلك هنالك مراتب الكاريزما ، تبدأ بأول رتبة وتنتهي بآخر رتبة في الكون الكتابي 0
كاريزما الكتابة ، غير قابلة للسرقة والانتحال ، لأن منتحلها لايعرف أسرار عالمها العنكبوتي المعقد ، فلابد من ان يعثر فيسقط ، ثم يظهر وجهه من تحت القناع ، مذؤوما مدحورا ، مفضوحا !
كاريزما الكتابة هي زميلة راجحة ، كانت وراء تحول المتنبي إلى ( مالئ الدنيا وشاغل الناس) ، وتحول طه حسين الى عميد الأدب العربي ، وتحول المنفلوطي إلى نابغة زمانه ، وتحول علي الوردي إلى أسطورة زمانه ! وو00الخ0
ان عملة الكاريزما إبداعيا تقوم على الندرة ، فكما انك في الواقع تعجز عن صنع رجل مهاب من رجل اخذ الله تعالى نوره ( كما يقال عاميا قرطت ملحته ) وهوى ، كذلك يستحيل عليك ان تصنع للكلمات كاريزما ، مالم تكن مشكلة أصلا ، بحبكة ، وحنكة ، ورصانة ، فتبنى على امارة الكلمة ، لاعلى مستنقع من حضيض، القرآن الكريم كله كاريزما اعجازية ، لايمكن لي ان انتخب شيئا من شيء ، فأمضي من أحسنه وابلغه إلى أحسنه وابلغه ، لكني استأذن الله تعالى بأخذ هذه الآية شاهدا كاريزميا عظيما : ” أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا” ( 9- الكهف)
وقول الحسين ع مدويا بالكاريزما: ” لاارى الموت الا سعادة ،والعيش مع الظالمين الا برما)

وقول المتنبي الكاريزمي:
وفؤادي من الملوك وان كان لساني يرى من الشعراء
حاول المزيفون والدخلاء والأنصاف ،ان يصنعوا لما يكتبون كاريزما من وحي أفكارهم ، فكانت النتيجة التي توصلوا لها: كاريزما الصنم ، والخزعبل ، والهباء الكتابي ، والناعق الكتابي ، والتهميش والإقصاء ، فتبين أنهم في دولة بعيدة عن دولة الأدب والاقناع0