أمامنا نصان؛ مقولة لكارل ماركس، وآية قرآنية من سورة البقرة.
كارل ماركس:
«كل شيء يحمل في نفس الوقت بذرة نقيضه»
الآية 256 – سورة البقرة:
«لا إِكراهَ فِي الدّينِ، قَد تَّبَيَّنَ الرُشدُ مِنَ الغَيِّ، فَمَن يَّكفُر بِالطّاغوتِ وَيُؤمِن بِاللهِ فَقَدِ استَمسَكَ بِالعُروَةِ الوُثقى، لَا انفِصامَ لَها، وَاللهُ سَميعٌ عَليمٌ.»
من حق كل شخص أن يتساءل عن المشترك بين النصين، أو لنقل عن العلاقة بينهما، وهذا ما أحاول هنا أن أبينه. إني وجدت وأنا أتأمل في هذه الآية أنها تختزن المعنى الذي يذهب إليه كارل ماركس، بكون كل شيء يحمل بذرة نقيضه. ففي معنى من المعاني التي يمكن أن نستوحيها من الآية، ولا أقول التي نفسر بها الآية، وجدت، كما مر آنفا، أنها يمكن أن تفهم على نحو يكون الإسلام حاملا لنقيضه. وبسبب العلاقة بين هذه الآية وما بعدها، أي الآية 257 بحدود الموضوع المطروح هنا، رأيت أن أورد النص الكامل لكلا الآيتين اللاحقتين لآية الكرسي. ومنطوق الآيتين هو:
«لا إِكراهَ فِي الدّينِ؛ قَد تَّبَيَّنَ الرُشدُ مِنَ الغَيِّ، فَمَن يَّكفُر بِالطّاغوتِ وَيُؤمِن بِاللهِ فَقَدِ استَمسَكَ بِالعُروَةِ الوُثقى، لَا انفِصامَ لَها، وَاللهُ سَميعٌ عَليمٌ. اللهُ وَلِي الَّذينَ آمَنوا، يُخرِجُهُم مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النورِ، وَالَّذينَ كَفَروا أَولِياؤُهُمُ الطّاغوتُ يُخرِجونَهُم مِّنَ النّورِ إِلَى الظُّلُماتِ؛ أُولائِك أَصحابُ النّارِ، هُم فيها خالِدونَ.»
مصطلح «الطاغوت» في القرآن، والوارد في النص آنفا، هو:
1. كل ما يطغى، بمعنى كل ما يتجاوز حده.
2. كل ما يتخذ موقع التعارض والتناقض مع حقيقة وجود الله، وتوحيده، ونفي العبودية عمن سواه سبحانه.
3. كل ما يتحول إلى عامل طغيان وعنف وإفساد وظلم.
فإذا ما تحول الدين إلى مصداق من أبرز المصاديق لمفهوم «الطاغوت»، بانطباق المعاني الثلاثة المشار إليها آنفا، إذا تجاوز حده، وإذا اتخذ موقع التعارض والندية مقابل الله، وإذا تحول إلى أداة للطغيان والعنف، يتخذ الدين موقع التقابل مع حقيقة الإيمان بالله سبحانه على نحو التعارض والتنافر والتنافي، فيكون المطلوب عندها نفي الدين كمصداق للطاغوت، والتحول منه إلى الإيمان بالله في ضوء العقل والفطرة الإنسانية، أو الإيمان بمثل الإنسانية ومبادئ العقلانية.