في الحلم وجدت نفسي أجلس مع جاري الأربعيني كارلوس المكسيكي الذي مات في شقته منذ ستة أسابيع. بدا مسرورا وبجسد أطول مما هو عليه حينما كان حيّا. في الواقع كان كارلوس بقامة تميل للقصر وببشرة سمراء وشعر أسود طويل مجعد وملامح طيبة. كنا كثيرا ما نستمتع بحفلات حُمْرٍ مشتركة، نقيمها إما في شقته أو في شقتي، لكنه مات في إحداها إثر نوبة قلبية على سريره بينما هو يضاجع إحدى الفتيات، ربما بسبب جرعة مفرطة من الفياغرا.
في الحلم رأيتنا نجلس على أريكة ويتوسطنا هيو هوفنرHugh Hufner صاحب مجلة بلاي بوي. كان كارلوس يرتدي بدلة سوداء أنيقة وقميصا أبيض ويضع قبعة سوداء على رأسه عُقدت في مقدمتها وردة حمراء حيث ينسدل شعره الطويل المتلامع، بينما يلبس هيو هوفنر روبا حريرا زاهي الألوان.
لم يبدُ كارلوس حزينا كونه غادر عالمنا الأرضي بل سعيدا وأكثر حيوية وحماسا وانتشاءً مقارنة بنظراته التي كانت تبدو صارمة قبل رحيله. علّقت قائلا :” كارلوس هل هربت من عالم الأموات وعدت للحياة ثانية؟ يا لسعادتي. كم هذا مفرح يا كارلوس، سنمضي أوقاتا جميلة أخرى نستمتع بالنساء والطعام والشراب، يا لسخافة الموت الذي أبعدك عني، لن أدعك تعود ثانية إلى ذلك العالم التعيس”. فرد:” لا، إنني لم أهرب إنّما جئت في إجازة، عدت للحياة الأرضية ليوم واحد لا لشيء فقط من أجل تحقيق رغبة واحدة، أمنية واحدة لا غير”. ” أي نوع من الرغبات أو الأماني تودّ تحقيقها يا كارلوس؟” سألته. قال: “للتمتع مع امرأة شقراء طويلة القامة لم تبلغ العشرين بعد كنت قد رأيتها على غلاف مجلة بلاي بوي قبل شهر من رحيلي، وطالما حلمت بالنوم معها”.
توقف عن الكلام قليل، وبدا كأنه منكسر الأحاسيس ثم أردف: ” لقد خُيرت وأنا في ذلك العالم من أجل تحقيق حلم أرضي واحد فحسب مع صديق فاخترتكما أنت والديوث الكبير هيو هوفنر”. فسألته: ” لماذا وقع اختيارك علينا نحن الاثنين؟” فقال: ” هو بسبب معرفته بالشقراوات الفاتنات، ولكون لا أحد غيره ممكن أن يحقق لي هذه الرغبة. وأنت بسبب عشقك الشديد للشقراوات والذكريات المشتركة بيننا وسنوات الجيرة العديدة التي ربطتنا سوية وجعلتنا نستمتع بملذات الحياة بجسارة على أشد ما تكون عليها المتعة”.
استفسرت منه أليس ثمة فتيات جميلات هناك في العالم الآخر؟ فقال: ” نعم، ثمة الكثير لكن بهيئة طاقة أو أشباح. توجد أعداد هائلة منهن لا يستطيع دماغك أن يتصورها، بمختلف الألوان والأعمار بضمنهن موديلات من مجلة بلاي بويplay boy ، وممثلات مذهلات الجمال إلا
أنه ثمة حاجز يمنعنا عن الاتصال بهن حسيّا، أي أننا كنا نتواصل بالأفكار والتخيلات، ونعيش رغباتنا بخيالنا وليس بأجسادنا المادية؛ أعداد هائلة من البشر بمختلف الأجناس إناثا وذكورا تختلط وتفترق لكنها لا تتواصل جيدا”.
رددت عليه فهمت بعض الشيء. ثم سألته ثانية أي نوع من الحواجز تمنعكم، فرد:”ليس بوسعي أن أخبرك الآن، ستعرف ذلك حينما تلحق بي هناك بعد وقت قصير”. قلت له:” لا تجعلني أشعر بالرعب يا كارلوس، ماذا تعني سألحق بك خلال وقت قصير. إنني أعشق الحياة جدا وقد خططت لأعيش مائة سنة لا أريد أن أموت الآن، لدي أمنيات ورغبات كثيرة غير متحققة بعد، كما مشاريع عديدة أريد أن إنجازها قبل أن أغادر هذه الحياة الرائعة، وقد تخيلت نفسي أنني سأعيش طويلا”.
قال:” دعك عن هذه الأوهام أنك تعيش مائة عام. استمتع بما أنت قادر عليه الآن، ألم أردد على مسامعك عندما كنت حيّا أنني سأعمّر طويلا، لكني غادرت وأنا في الثانية والأربعين! في العالم الآخر ثمة شجرة ضخمة جدا لا يستطيع خيالك أن يتصور ضخامتها وبأوراق لا تحصى ذات خضرة متدرجة، وكل شخص قد رحل عن الأرض من قبل يسكن بالقرب من أوراق عائلته وأحبابه وأصدقائه ويراقب. وحينما تبدأ واحدة بالاصفرار والذبول نعرف بأن هذا الشخص قريبا سيلتحق بنا، ولقد رأيت ورقتك تأخذ بالاصفرار يا جاري العزيز..”. قلت له:” كارلوس لماذا تخبرني بمثل هذه الكلمات المخيفة، ألأننا في حلم، أليس كذلك؟”. فرد:” لا، أننا في يقظة، انظرْ حواليك أنه الصباح”. وهو ينهض عن الأريكة ويزيح ستارة الشقة فتنسكب أشعة شمس صفراء على أثاث شقتي والجدار الذي خلفنا.
بعد ذلك يتغير الحلم إلى مشهد آخر حيث أرى فيلا ضخمة مملوءة بكل يتخيله الإنسان من جمال النساء والفتيات والملامح المتناسقة وأشكال الأجساد المثيرة والأعضاء المبهجة.. صف طويل من النساء يقفن عاريات تماما، حيث نقف ثلاثتنا، كارلوس وأنا وهيو هوفنر في وسطنا أيضا. بدا الأخير شائخا جدا لكنه جذابا بشعره الأشيب وعظمتي وجنتيه البارزتين وهو يرتدي أحد أروابه التي عادة ما تلتقط له الصور بها في الفنادق والحفلات. اختار كارلوس المرأة الحلم، امرأة شقراء معتدلة الطول وببشرة ناعمة كالحليب وشعر طويل مموج وثديين عاجيين فذين، وأنا اخترت شقراء أخرى بوجه جميل وجسد مشبع بالأنوثة ذات وركين ضخمين.
اشتركنا نحن الأربعة في سرير واسع أنيق من خشب الأبنوس وبفرشة وثيرة وشراشف ووسائد بيضاء بينما هيو هوفنر يجلس بالقرب منا على كرسي ويرقبنا. أخذ كارلوس يضاجع بنهم وطاقة غريبة وهو يمسك بشعر رفيقته من الخلف، محققا آخر أمنياته الأرضية. خاطبت كارلوس وأنا أرى أمائر سروره وهو يمتع نفسه، يا لابتهاجي وأنا أراك تستمتع بالحياة الأرضية ثانية بعد مرور ستة أسابيع على موتك، فرد: وأنا أيضا يا لسعادتي لاستعادة حريتي في التمتع بتجارب الحياة
الحسيّة التي حرمني منها زائر المساء المرعب وأنا في قمة النشوة مع حبيبة لي من فوق سرير نومي.