23 ديسمبر، 2024 8:26 ص

كارثة الكهرباء .. والحل المستحيل!!

كارثة الكهرباء .. والحل المستحيل!!

أزمة الكهرباء في العراق تعد من أسوا الازمات الكارثية التي تعصف بالبلد ، وهي تشكل مصدر قلق وازعاج وغضب وإستياء وسخط ملايين العراقيين ونقمتهم اليومية في أغلب محافظاتهم ، لاتقل مأساوية عن ثقل الارهاب ووطأته ، وبخاصة في الوسط والجنوب وغربي البلاد، ووعود وزارة الكهرباء أظهرت أنها جوفاء كاذبة ، لاتمت الى الحقيقة بصلة.
وقديما قالت العرب : في الصيف ضيعت اللبن للتدليل على أختبار ( صنعة ) من تعد اللبن في فصل الصيف ، فيما اذا كان نظيفا طيب المذاق أو ( حامض الطعم ) ، وهو ما يمثل من وجهة نظر ملايين العراقيين عن وزارة الكهرباء التي ضيعت عليهم طعم الكهرباء والتمتع ببعض سويعاتها لاغراض الحفاظ على بقية حياتهم مما تتهددها من اخطار ، ولم يعد لديهم من نافذة صبر،  بعد ان أغلقت وزارة الكهرباء الابواب عليهم وصدت هذه النعمة عنهم وحرمت ملايين العراقيين من ان يجدوا ماء باردا او جوا مناسبا يحميهم من شدة لهيب الصيف القائض الذي ترتفع فيه درجات الحرارة الى ارقام فلكية لاتصدق.
والطامة الأخرى أن رمضان سيأتي بعد أيام والعراقيون في حيرة من امرهم كيف سيقضون هذا الشهر الفضيل والكهرباء تكاد تختفي من القاموس العراقي واصبحت ساعة الكهرباء عملة نادرة لايحصل عليها الا ذو كل حظ عظيم ، وكانها معجزة تهبط عليهم من السماء ، أما وعود وزارة الكهرباء عن توفيرها في شهر رمضان فلم يعد احد من العراقيين من يصدقها، لانها كذبت عليهم مرات عدة ، ولم تف ولو مرة واحدة طيلة سنوات مضت على تصريحاتها النارية ، وما ان تتحسن لبعض الوقت لاتتجاوز يومين ربما حتى تنقطع عنهم لأسابيع وربما اشهرأ ، وهم في رحلة عذاب لاتنقطع، ودعوات الملايين من العراقيين وبخاصة كبار السن والاطفال ان لايوفق القائمين على وزارة الكهرباء مثلما خذلوا شعبهم  أكثر من مرة، وراحت تصريحاتهم عن توفير الكهرباء تذروها الرياح بعد كل عاصفة صغيرة تهب على العراق او عطل فني عارض واذا بالكهرباء وقد أصبحت من ذكريات الماضي.
ولا ادري لماذا لم يتظاهر ملايين العراقيين في بغداد ليلا لان الحر قد يمنعهم نهارا من الاحتجاج امام دوائر وزارة الكهرباء وامام وسائل الاعلام المهمة لنقل معاناتهم على الهواء مباشرة مثلما فعلت جماهير الناصرية في انتفاضة الكهرباء اضطرت بعدها السلطات لقطع الكهرباء عن بغداد وتوفيرها لاهالي الناصرية، اذ تعالج وزارة الكهرباء ازمة بأزمة، فعندما تواجه انتقادا جماهيريا وتظاهرات واسعة وسخطا شعبية في منطقة تحاول ان تقطع الكهرباء عن محافظة أو أحياء معينة لتعطيها لأخرى ، كما تفعل في المناسبات والاحتفالات الدينية ، إذ توفرها لمنطقة وتقطعها عن عشرات المدن والمحلات العراقية وبخاصة في العاصمة بغداد التي تعاني من كثرة المناسبات الدينية وما ترافقها من نفص وتدني الخدمات ، وما تتعرض له شوارع بغداد من تضييق واسع على حياة مواطنيها واصابتها بالشلل، ثم  تأتي وزارة الكهرباء لتمعن في تعذيب العراقيين هي الاخرى وملايين العراقيين يصبون اللعنات على من تسبب في قطع ارزاقهم او حرمانهم من الخدمات وبخاصة الكهرباء ، النقمة الكبيرة التي راحت تؤرق اعصاب العراقيين وتحطم بقية عقولهم، وثلثي الامراض في العراق سببها عدم وجود كهرباء ، اذ ان الكهرباء اصبحت مثل الدم في الجسد اذا اختفى عنه مات الجسد واصيب بالوهن في أقل تقدير، وتتسبب انقطاعات الكهرباء على ملايين العراقيين بخسائر اقتصادية ضخمة ربما تعد بالمليارات على اصحاب المعامل والورش والمحلات وكل نشاط مهني او صناعي او زراعي او تجاري، وهي تصيب عموم النشاط العام بشلل تام.
وتعد وزاراة الكهرباء الأسوا من بين كل الوزارات العراقية التي لم توفر أبسط الخدمات العراقيين وما صرف عليها من مئات المليارات يكاد يعادل ميزانيات دول المنطقة باجمعها وليس العراق فقط ، وملايين العراقيين يتساءلون اين ذهبت كل هذه التخصيصات الضخمة من اموالهم ياوزارة الكهرباء،والى اين وصلت عمليات النهب والسلب للاموال وتخصيصات وزارة الكهرباء؟ وهل يبقى العراقيون على هذه الشاكلة من التدهور الحياتي وعدم الاهتمام بالانسان العراقي.. الا تستحق أزمة الكهرباء لوحدها ان تسقط حكومات في دول أخرى مجاورة للعراق لو تعرضت لربع ما تعرض له العراق ..
أجل أن أزمة الكهرباء يتحملها في المقام الاول رئيس الوزراء وعموم الحكومة ووزير الكهرباء ونائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة الذي واجه من الاتهامات الخطيرة والكلمات النابية من مواطنين اطلقوها عليه كان الاحرى به ان لايبقى في رئاسة الوزراء وان يقدم استقالته على الاقل، بل يفترض ان يقدم كل المسؤولين عن الكهرباء وازمتها الى المحاكم بتهمة ابادة الشعب العراقي عن عمد وترصد ، فهل يقوم القضاء العراقي بمهمته في ان يقدم المفسدين ومن أراقوا دماء العراقيين او قتلوأ اجسادهم ليس بالمفخخات والعبوات الناسفة أو اللاصقة هذه المرة ، بل بقطع الكهرباء عنهم لساعات طويلة وربما لايام، وهو وحده يكفي لتقديم المقصرين الى العدالة لينالوا جزاءهم على ما ارتكبوه بحق شعبهم من جرائم..فهل يقول القضاء العراقي كلمته وينصف العراقيين ولو لمرة، حتى يكون المقصرين والفاسدين عبرة لمن اعتبر.. فمن يسمع ياترى..لقد اسمعت لو ناديت حيا..وكان الله في عون العراقيين على محنتهم هذه، ودعاؤهم جميعا بأن لايوفق الله كل من تسبب بعذابهم وموتهم المجاني دون ذنب ارتكبوه سوى انهم عراقيون يبحثون عن ملاذ آمن في وطنهم فلا يجدون..