لم يثنه كبر سنه عن الألتحاق بركب المجد, بل سعى جاهدا لأن يكون في الصفوف الأولى ضمن كتائب غيارى الحشد الشعبي, فألتحق بصفوف أبطال اللواء الخامس من مجاهدي الجهاد الكفائي, كان مقاتلاً ذو قدرات نوعية, فهو متخصص بتفكيك العبوات الناسفة التي ينصبها الدو اعش على مداخل الطرق, لذلك كان يتقدم صفوف المجاهدين ليؤمن لهم الشوارع والمداخل, أنه الشهيد السعيد عبد الكريم عبد العزيز الكناني الملقب ب (كارا), الذي أنتقل الى جوار ربه أثناء عمليات تحرير تكريت.
لم يتوان الشهيد عن صناعة النصر رغم كبر سنه, فقد تمكن من تفكيك 673 عبوة ناسفة في عمليات تحرير المعتصم.
لم يكن عبد الكريم الكناني أحد الجالسين خلف المكاتب من اللاهثين خلف سراب السلطة, او أحد الساسة الذين يتطلعون في وجوه الناس من خلف زجاج السيارات, بل كان مواطناً بسيطاً طاعناً في السن, أنف أن يبقى في منزله يروي لأحفاده قصصاً خيالية عن البطولة, بل أختار أن يختم عمره بطريقة مختلفة تماماً, فأراد لنفسه أن يكون أسطورة يرويها أحفاده للناس, وأختار أن يكون بطل القصة ومحورها الرئيسي.
المواقف وحدها من تصنع الرجال, لطالما سمعنا هذه العبارة واليوم نجد من يجسدها على أرض الواقع, وكارا كان أحد الرجال الذي أختار أن يكون ضمن النخبة بل في مقدمتهم.
كان بإمكان عبد الكريم أن ينأى بنفسه عن ساحات الحروب, ويكتفي بمتابعة أخبارها وهو يقلب صفحات الجريدة أو يتابع شاشة التلفاز, تماماً كما يفعل بعض المسؤولين الذين يدفنون رؤوسهم كالنعام, ويستعرضون بطولاتهم الزائفة في الفضائيات و أثناء مرور مواكبهم في الشوارع!, ألا أن الشهيد السعيد أراد أن يكون جزءاً من صناعة الحدث, فهو خبر نصر في جريدة, وهو بشرى شهادة في فضائية.
عبد الكريم هو أحد افرازات الثورة الحسينية, وهو أمنية شوق وتوق لنصرة الحق الذي أستشهد من أجله سيد شباب أهل الجنة (عليه وعلى أصحابه وأهل بيت السلام) تلك الأمنية التي تجسدها عبارة” يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزاً عظيما”, فقد نال عبد الكريم في أواخر عمره ما تمنى, فكتبت له الشهادة ولم يمت على فراشه وهو في خريف العمر, فصنع بشهادته أكثر من ربيع , ربيع المجد لأهله وربيع النصر لبلده وربيع الألتحاق بركب الشهداء.