22 نوفمبر، 2024 6:24 م
Search
Close this search box.

كاتب عراقي يقرأ الأدب العماني في كتابه «تحولات الخطاب النصّي»

كاتب عراقي يقرأ الأدب العماني في كتابه «تحولات الخطاب النصّي»

يسجل للأدباء العراقيين الذين اغتربوا عن وطنهم وأقاموا في بلدان عربية أخرى حرصهم على أن يكونوا مفيدين في بلدان الاقامة وأن يكونوا صلة الوصل في ربط الأواصر بين وطنهم الذي غادروه وبين بلدان الاقامة. وهناك أمثلة كثيرة أذكر على سبيل المثال دور بعض الجامعيين العراقيين في اليمن أمثال د. حاتم الصكر ود. وجدان الصائغ ود. علي حداد ود. عبد الرضا علي ود. صبري مسلم وغيرهم كما لعب الدور نفسه الشاعر عبد الرزاق الربيعي في سنوات اقامته بصنعاء قبل أن يغادر نحو العاصمة العمانية مسقط ويكون أحد الفاعلين في الصحافة الثقافية والندوات والمهرجانات ولابد أن نشير هنا الى أن الاخوة في عمان تعاملوا معه كواحد منهم وصار يرافقهم كعضو في وفودهم التي تذهب خارج عمان وقد حضر مثلا الى تونس الصيف الماضي ليشارك في الأسبوع الثقافي العماني، وعبد الرزاق الربيعي وهو الشاعر المتميز بين شعراء الثمانينات في العراق أصدر أكثر من كتاب اضافة الى عشرات المقالات والاستضافات لأدباء عمانيين، وآخر ما أصدر كتابا بعنوان «تحولات الخطاب النصّي ـ مقاربات في المشهد الابداعي العماني» ونشرته «الجمعية العمانية للكتاب والأدباء» ـ وهذا هو اسم اتحاد الكتاب في سلطة عمان.

وقبل أن أقلب صفحات هذا الكتاب القيّم والمرجعي والتعريفي بأدب بلد عربي لا نعرف عنه الا بضعة أسماء تصلنا على صفحات مجلة «نزوى» الراقية أو في بعض المؤلفات التي تنشر خارج السلطنة في القاهرة وبيروت وبلدان عربية أخرى.

أقول قبل هذا لابد وأن أواصل ذكر بعض الأسماء التي أقامت في بلدان عربية أخرى وعملت على قراءة أعمال مضيفيهم مثل د. علي القاسمي في المغرب وفيصل عبد الحسن في المغرب أيضا ومثل عذاب الركابي في ليبيا الذي أصدر عدة أعمال نقدية وتعريفية عن الأدب الليبي، ولكن ليبيا الرسمية أيام جماهيرية القذافي لم تقدر جهوده فأمضى سنوات عجافا قبل أن يتحول مع أسرته الى مصر التي مازال فيها وقد أنقذ أبناءه التشريع الذي يسمح للمصرية ـ قرينته مصرية ـ بمنح جنسيتها لأولادها وهو تشريع تم تفعيله بعد الاطاحة بنظام مبارك. كما كان عدد من الادباء والجامعيين العراقيين قد ساهموا في اثراء الحركة الادبية بليبيا وهم كثر يحضرني منهم د. عبد الله ابراهيم الذي تحول الى قطر وكذلك فاضل ثامر الذي يرأس اتحاد الادباء في العراق حاليا.

وفي تونس أمثلة لمحدثكم الذي عمل منذ سنوات على الاحتفاء بالأدب التونسي وكذلك المغربي ثم الجزائري من خلال مشاركات في ندوات أو لجان تحكيم (جائزة مفدي زكريا للشعر العربي).

وفي الأردن كذلك ولنا أمثلة بمؤلفات النقاد د. محمد صابر عبيد وطراد الكبيسي وكتابات الشاعر حميد سعيد في جريدة «الرأي».
أردت أن أقول إن الشاعر عبد الرزاق الربيعي هو فاعل حيوي في فصيل محبي الأدب العربي من أي بلد جاء دون الانغلاق على المحلي وعدم النظر خارجه كما يفعل كتاب آخرون بأنانية مغلقة مريضة.

هذا التقديم المسهب لابد منه لأنه غير بعيد عن صديقنا الربيعي مؤلف هذا الكتاب الذي يفرش محبته لابداع أمته على مساحة واسعة.
في تقديمه لكتابه يقول: (لم يقف النص الابداعي العماني بمعزل عن التحولات التي جرت في المنجز النصي الخليجي والعربي حيث تفاعل مع هذه التحولات نتيجة انفتاحه على الآخر. وقد تزامنت هذه مع جملة تحولات شهدتها السلطنة على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي فكان لابد من رصدها وقد جاء هذا الرصد بعد سنوات من الاقامة في مسقط اقتربت خلالها من الحراك الثقافي وقد ساهم عملي في الصحافة  الثقافية بذلك كثيرا).

عندما نغادر آخر صفحة من هذا الكتاب سنقف أمام اشتغال يجمع بين النقد والتوثيق وصولا الي التعريف وأؤكد على التعريف لأن بعض البلدان العربية لا نعرف منها إلا بضع أسماء تشكل الحضور الأكبر ففي الشعر مثلا أمامنا سيف الرحبي وسماء عيسى وتجارب أخرى.

في هذا الكتاب نتعرف على اسم شعري رائد هو عبد اللّه الخليلي وجذور الحداثة الشعرية في التجربة الكلاسيكية العمانية، ثم ينتقل في فصل لاحق إلى (جاذبية الانتباه الى الأشياء ـ المشهد الشعري العماني الجديد).

وفي هذا الفصل يعرفنا بثلاثة من الأعمال الشعرية التي توقف عندها وهي «الخطوة الأولى لاجتياز قماطي» لعلي المخمري و«مراوغات» لصالح العامري والديوان الثالث هو «سيجارة على سطح البيت» لإسحاق الهلالي.

ثم يتحول الى أعمال شعرية أخرى ليقدم قراءته الخاصة لها ـ وهو الشاعر والمتابع ـ والأعمال هي: (هذا الليل لي) للشاعر هلال الحجري حيث يقدم له قراءة وافية وبعد ذلك يقدم ديوانا آخر هو (هل؟) لناصر البدري في قراءة وافية كذلك، ليتحول الى ديوان (وحيدا كقبر أبي) للشاعر حسن المطروشي.
ويعود بعد ذلك الى (إصغاء لنبض التجربة الشعرية العمانية الشابة) وفي هذا الفصل يقدم أسماء شابة أخرى ومقاطع من قصائدها، ثم يتحول لقراءة ديوان «الهيولى» لزهران القاسمي.

ويعنى بتجربة الشاعرة نسرين البوسعيدي من خلال توقفه السابر عند ديوانها (دمعها على أرجوان الشوارع).
ثم يعود ليقدم لنا قراءة تنظيرية لتجربة بعض الشعراء الشباب في فصل عنونه (عندما تكون القصيدة مثل طيران الطيور) وهو هنا يسجل ملاحظاته على القصيدة العمانية الشابة.

وهكذا يواصل مراوحاته بين قراءة دواوين معينة أو قراءة الظاهرة. ويتابع في فصول لاحقة أعمالا لعلي المخمري وعوض الملويهي وعاد الكلباني ومحمد عبد العريمي وسمير العريمي وفايزة اليعقوبة وآمنة الربيع والأخيرة من خلال أعمالها المسرحية التي (تتعلق بأهداف القصيدة)، على حدّ تعبيره.
هذا كتاب ثريّ لأنه يشكل ضوءا كاشفا على تجربة بلد عربي خليجي من خلال شعرائه الذين تكرّست أسماء بعضهم وبقيت أسماء فتيّة أخرى تعمل من أجل أن تتواجد بأهليّة شعرية.

ـــــــ
جاء الكتاب في 238 صفحة قطع متوسط ـ نشر دار الفرقد ـ دمشق والجمعية العمانية للكتاب والأدباء (مسقط) 2011.

أحدث المقالات