17 نوفمبر، 2024 9:22 م
Search
Close this search box.

كابينة العبادي ( التكنوقراط ).. الأمل والتحديات

كابينة العبادي ( التكنوقراط ).. الأمل والتحديات

بغض النظر عن الطريقة التي تم بها اختيار الوزراء والأحداث الدراماتيكية التي حدثت قبلها فإن ماتم كان فوق التوقعات..فلأول مرة في عراق مابعد 2003 تقدم حكومة بمثل هذه الرشاقة وهذا الاختيار بعيدا عن الأحزاب والطائفية والمحاصصة..ولأول مرة في العراق يتفاعل جمهور واسع من مكوناته بالرضا والقبول لحكومة تتكون من أشخاص غالبيتهم غير معروفين على المستوى السياسي لكنهم معروفون في أوساطهم العلمية ..إذن نحن أمام حالة جديدة تماما .. حالة بعثت بعض الأمل في نفوس الناس وأزالت بعض اليأس من نفوس آخرين .. في وقت صعب جدا وتحدياته كبيرة جدا.. بيد أن هذا التطور الجديد والأمل المنبعث كامن على كف عفريت وفوهة بركان ذلك أن ماحدث يوم الخميس فيه كثير من الشجاعة والتحدي ولكنه في الوقت نفسه فيه كثير من نقاط الضعف وعدم التنسيق.وإذا كنا نقدر الشجاعة والتحدي وخصوصا في مثل هذا الظرف العصيب ونحترم القرارات التي تصدر عنها خاصة اذا كان لها صدى جماهيري طيب فإننا لابد أن ننظر الى تلك الهنات والعقبات والتحديات بموضوعية متجردين عن كل ماعدا الوطن فإن مشروع الإصلاح الجديد إن لم يتخلص من هذه النقاط فإن مصيره سيكون الفشل عاجلا إذا لم يصوت البرلمان عليه أو آجلا بعد التصويت ..إن أهم التحديات التي تواجه العبادي وكابينته الجديدة تتلخص فيما يأتي..
أولا.. موقف التحالف الكردي الواضح بعدم قبولهم بأن يرشح حصتهم من الوزراء أحد غيرهم..ثانيا.. موقف التحالف السني المنقسم أزاء الإصلاحات بين راض بشروط ورافض ..ثالثا..موقف التحالف الشيعي الذي قدمت كتله أوراق اصلاحية ومشاريع تتفق على تأييد الإصلاح وتختلف في آلياته..رابعا..موقف الأحزاب والكتل السياسية التي تمثل الأقليات أو التوجهات الفكرية والتي يرفض معظمها الآلية التي يتم التعامل بها مع الإصلاحات فضلا عن شعور عميق بتهميشهم وإقصائهم.
أما نقاط الضعف فتتركز بما يأتي:
أولا..عدم الشفافية في آلية الترشيح ومراحلها واختيار اللجان المسؤولة عن ترشيح الوزراء وماتأثيراتها الفعلية في تفضيل الأسماء .ثانيا.. عدم التنسيق بين رئيس الوزراء والتحالف الوطني والكتلة الأكبر كونه مرشح من قبلها وفق الدستور سواء فيما يخص بآلية تنفيذ الإصلاحات أو طريقة اختيار الوزراء ..ثالثا..عدم التنسيق بين العبادي والكتل الرئيسة في البرلمان فيما يخص ترشيح الأسماء كونها تنظر الى هذا الموضوع باعتباره حقا من حقوقها ..رابعا..الدراماتيكية في تسارع الأحداث وتقديم الكابينة في جو مشحون بالعدائية والضغوطات والتهديد.خامسا..تقديم العبادي لكابينته التكنوقراط المستقلة وهو لما يزل منتميا لحزب الدعوة..سادسا.. غموض البرنامج الحكومي والإصلاحي لهذه الحكومة الجديدة وعمومية مهامها وعدم تقييدها بجدول زمني..إن هذه التحديات والهنات هي عقبات يجب إزالتها والسعي في تفتيتها وهو أمر ليس بالمستحيل ولكنه يحتاج كثيرا من الجهد والتضحيات والمفاوضات المباشرة لكي تستطيع عجلة الإصلاح السير والمضي والاستمرار ..فالعبادي يستطيع أن يبدأ أولا بنفسه فيستقيل من حزبه لينتمي الى حزب اكبر وهو العراق وهذه الخطوة ستتيح له التفاوض مع التحالفات المختلفة وهو واقف على مساحة العراق كلها والتي هي بلا ريب أكبر من مساحة أي حزب أو تحالف في العراق مما سيعطيه قوة وثبات يستطيع من خلالها إقناع هذه الكتل بأن مشروعه هو مشروع الجميع وليس مشروع حزب ..ومن هنا يستطيع العبادي أن ينطلق مع التحديات الأخرى وبخاصة اذا تم التركيز على البرنامج والتوقيتات وبناء المؤسسات والإصلاح الإداري والمضي في ترشيق الدولة ..إننا اليوم أمام مفترق طرق جديد فلا يظن ظان أن التصويت من عدمه هو معيار النجاح وانطلاق حركة الإصلاح مالم يتم العمل الجاد في تعبيد الطريق ووضع الأمور في نصابها الصحيح والابتعاد عن التفكير الحزبي الضيق والمصالح الفئوية بعيدا عن مصلحة الوطن والمواطن ..

أحدث المقالات