دروس في حلقات لبيان حاجة الفرد والمجتمع الى القيم التي تبعث على الشيم بعد أن تتحول الى بناء الشخصية , فالشخصية التي تمارس القيم هي الشخصية التي تستحق خلافة ألآرض .
التنمية ألآجتماعية اليوم هي الشغل الشاغل للدول التي تحرص على التقدم , وأول من دعا الى التنمية ألآجتماعية وأمر بها هو ” الدين ” المنزل على ألآنبياء والرسل عليهم السلام , فكانوا هم معلمو البشرية , وكانت تعليماتهم أصلاحا وبناءا يقوم على ألآيمان , وألآيمان قيمة مجتمعية يقوم على أربع دعائم كما يقول ألآمام علي عليه السلام هي :
الصبر , واليقين , والعدل , والجهاد .
وسنرى أن أغلب من يدعون ألآيمان هذه ألآيام لاقيم عندهم , ولاشيمة لهم لاصبر عندهم , ولا يقين , ولا عدل , ولايعطون الجهاد حقه , والذين يدعون الجهاد من التكفيريين ألآرهابيين هم أتباع الحرورية وهم فرقة من الخوارج الذين كانوا يكثرون من الصلاة وقراءة القرأن بدون تدبر , فكانت أعمالهم أعمال أهل النار” نوم على يقين خير من صلاة في شك ” كما قال ألآمام علي “ع” , لآنهم كثر كلامهم , وكثر خطؤهم , ومن كثر خطؤه قل حياؤه , ومن قل حياؤه قل ورعه , ومن قل ورعه مات قلبه , ومن مات قلبه دخل النار , ولذلك نرى التكفيريين ألآرهابيين لايتورعون عن قتل النفس البريئة , ولايبالون في تخريب المنشأت وتهديم المساجد وأضرحة ألآنبياء ونبش قبور الصالحين , والناس من حولهم بين : ساكت صامت , ومؤيد بجهل , ومؤازر مشارك بضلالة , ومدافعين بحق ضد ألآرهاب التكفيري وهم الصادقون المجاهدون ألآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر , وهم أهل الجهاد الذين عرفوا معناه , وسنبين معاني كل من : الصبر , واليقين , والعدل , والجهاد .
أما الصبر فهو على أربع شعب هي : الشوق , والشفق , والزهد , والترقب , فمن أشتاق الى الجنة سلا عن الشهوات , ومن أشفق من النار أجتنب المحرمات , ومن زهد في الدنيا أستهان بالمصيبات , ومن أرتقب الموت سارع الى الخيرات .
واليقين كما يقول ألآمام علي عليه السلام فهو على أربع شعب هي :-
تبصرة الفطنة , وتأول الحكمة , وموعظة العبرة , وسنة ألآولين , فمن تبصر في الفطنة تبينت له الحكمة , ومن تبينت له الحكمة عرف العبرة , ومن عرف العبرة فكأنما كان في ألاولين , وعن هذا المعنى يقول ألآمام علي “ع” في وصيته لآبنيه الحسن والحسين : أي بني أني عشت مع أولهم وأخرهم , فأخذت لكم من كل شيئ جميله , وهذه هي دراسة التاريخ الواعية .
ويقول ألآمام عن العدل أنه يقوم على : غائص الفهم , وغور العلم , وزهرة الحكم , ورساخة الحلم , فمن فهم علم غور العلم , ومن علم غور العلم صدر عن شرائع الحكم , ومن حلم لم يفرط في أمره , وعاش في الناس حميدا .
ويقول ألآمام علي “ع” عن الجهاد : هو على ألآمر بالمعروف , والنهي عن المنكر , والصدق في المواطن , وشنأن الفاسقين , فمن أمر بالمعروف شد ظهور المؤمنين , ومن نهى عن المنكر أرغم أنوف المنافقين , ومن صدق في المواطن قضى ماعليه , والجيش والحشد الشعبي ومن يقف معهما يجب أن يصدق في المواقف حتى يقضي ماعليه , ومن شنئ الفاسقين وغضب للله , غضب الله له وأرضاه يوم القيامة .
وعندما عرفنا دعائم ألآيمان , لابد لنا أن نعرف دعائم الكفر والشك حتى نجنب التنمية البشرية مضارهما , ونجعل أصلاح المجتمع وبناء الحاضر والمستقبل مشعا بنور المعرفة :
والكفر كما يقول ألآمام علي “ع” على أربع دعائم : على التعمق , والتنازع , والزيغ , والشقاق , فمن تعمق لم ينب الى الحق , ومن كثر نزاعه دام عماه عن الحق , ومن زاغ ساءت عنده الحسنة , وحسنت عنده السيئة , وسكر سكر الضلالة , ومن شاق وعرت عليه طرقه وعضل عليه أمره , وضاق عليه مخرجه .
ويقول ألآمام علي “ع” الشك على أربع شعب هي : التماري , والهول , والتردد , وألآستسلام , فمن جعل المراء ديدنه لم يصبح ليله , ومن هاله مابين يديه نكص على عقبيه , ومن تردد في الريب وطئته سنابك الشياطين ومن أستسلم لهلكة الدنيا وألآخرة هلك دونهما .
ومجتمعنا اليوم أغلبه مصاب : بالمراء في المواقف , ويعاني من الهول وهو الخوف فيما بين يديه , ومتردد مرتاب , ومستسلم لمهالك الدنيا ولايعرف سبيلا الى ألآخرة , هذا على مستوى العامة من الناس , أما المتعلمون والمثقفون , فهم مصابون بالتعمق دون الرجوع الى الحق , يكثرون النزاع , فيدوم عماهم عن الحق , ويميلون الى الزيع فتسوء عندهم الحسنات , وتحسن عندهم السيئة , فيسكرون في الضلالة , ويشاقون في طرق وعرة , فتصعب عليهم أمورهم , وتضيق عليهم المخارج , والبحث عن القيم التي تبني الشيم هو الحل المطلوب , وسنبين ذلك في حلقات قادمة أن شاء الله تعالى.