اولاُ – تمهيد : التنبيه على خطأ يتداوله باحثون في التاريخ , وتصحيحه , واجب … ويتبعه تأكيد على اهمية شروط البحث التاريخي الرصين في حقائق ماجرى , خدمة للعراقيين عامة , وللباحثين في الضمير المجتمعي العام ولاصحاب الاختصاص في كل من علم الاجتماع وعلم الطب النفسي وعلم النفس بفروعه المختلفة ذات العلاقة .
ثانياً – ما قيل في تاريخ كلية الحقوق : يقول الدكتور سيار الجميل في كتابه ( جامعة آل البيت 1924-1930) ما نصه( انضمت كلية الحقوق الى جامعة آل البيت لتكون واحدة من كلياتها المتعددة ولكنها عادت وانفصلت بعد فشل مشروع الجامعة ) … ويقول الدكتور ابراهيم العلاف في مقالة له ( عندما تأسست جامعة آل البيت ضمت دار المعلمين العالية الى الجامعة الى جانب مدرستي – كليتي – الحقوق والهندسة والكلية الدينية , ولما الغيت الجامعة عام 1930 عادت الكليات الى وضعها السابق مستقلة عن بعضها الاخر ) … وكتب افاضل آخرون في الاتجاه نفسه “”
ثالثاَ – الحقيقة التاريخية لما حدث : بدأ تأسيس الجامعة بكلية العلوم الدينية فقط وبقيت على حالها دون ان تنظم اليها اية كلية اخرى حتى يوم قرار اغلاقها وفق وثائق تاريخية عديدة سنقتصر على ثلاثة منها :
1- في عام 1923 قررت لجنة التأسيس بان تظم الجامعة كليات ( العلوم الدينية , الطب , الهندسة , الحقوق , الادب , الفنون ) …. وبعد انتهاء لجنة اعداد النظام العام للجامعة من عملها تم عرض النظام على الملك فيصل الاول في 16 شباط 1924 ….وفي 25 شباط اصدر ديوان البلاط الملكي الكتاب رقم 24/153 موجهاً الى وزير الاوقاف (الا انه نظرا لعدم وجود ابنية لجميع شعبات ( كليات ) الجامعة وفقدان المعدات لتهيئتها فيستحسن ان يؤجل النظر في نظم الجامعة وتقتصر في الوقت الحاضر على منهاج الشعبة الدينية …) .. وفي العام نفسه اكتمل بناء كلية العلوم الدينية وتم افتتاحها .. وفي نفس يوم الافتتاح وضع الملك اسطوانة حجر الاساس في موقع الصرع المركزي للجامعة ( بهو الجامعة ) الذي توقف العمل فيه لغاية الاسس و لم يكتمل بناؤه … وبقي موقع الجامعة ونظامهاالمؤجل على هذا الحال لغاية غلق الجامعة “”.
2- وجهت وزارة المعارف كتابا الى وزارة الاوقاف برقم 302 في 8 حزيران 1924 ( اي بعد نحو خمسة اشهر من كتاب ديوان البلاط اعلاه ) وفيه نص يقول ( ولايخفى على معاليكم ان مشروع نظام جامعة آل البيت لم يكتسب الى الان شكله النهائي والقانوني كما ان كلية الحقوق لم تلتحق بالجامعة ).
رابعاً – جدوى تناول هذه القضية : كان من طبيعة الامور ان يتم اقرار قانون النظام العام للجامعة ليتخذ شكله القانوني وعلى وفق ذلك تنظم كليات اخرى اليها ويصبح الحدث صفحة بيضاء في تاريخ التعليم العالي في العراق يوم كانت البلاد في حاجة شديدة لنظام تعليمي وطني لتربية جيل من المثقفين لبناء دولة عصرية حديثة …. ولكن … لما كان ذلك لم يحدث . كما اسلفنا , فيقتضي الحال , وقفة تساؤل وبحث عما وارء هذه القضية من ملابسات ودسائس و من عوامل واسباب قد تكون في تناولها ما ينفع “”
خامساً – تساؤلات : 1- هل كان لاكثر من طرف دولي واقليمي مصلحة في مناؤة المشروع يوم كان للمستشارين الانكليز الاثر في اتخاذ القرارات على وفق ماذكره امين عام الجامعة فهمي المدرس بعد اغلاق الجامعة عن وثيقة اطلعه عليها جعفر العسكري من ان وزارة المستعمرات البريطانية كانت قد طلبت ( جعل منهج الدراسة في جامعة آل البيت مثل منهج جامعة الازهر والا فلا حاجة لها )… مثلما كان ذلك في مصر وفق ما سجله كرومر المندوب السامي البريطاني في تقريره عام 1907 ( ان انكلترا لا تريد نشر التعليم العالي في مصر ) كما كان انصار السياسة البريطانية في مصر يروجون لافضلية مشروع الكتاتيب . لكن محاولاتهم باءت بالفشل … كما ان موقف المندوب السامي البريطاني المناوئ لطه حسين عميد كلية الاداب في مصر , كان كالموقف المعروف للمندوب السامي في العراق المناوئ لفهمي المدرس .
2- هل ان ازمة مزمنة في مثقفي العراق والنخبة وفي الضمير الاجتماعي العام جعلت المجتمع مستكنيا , متساهلاً , ثم عاجزاً عن حماية منجز من اهم واخطر المنجزات من طعنات اطراف داخلية من اهلنا من الفاقدين لاي انتماء وطني والمناهضين لكل مشروع لا يتفق مع مصالحهم ومنهم من هو معروف بألأسم او بالعنوان آنذاك ؟”.
3- وهل …وهل … وهل سيكون التوفيق حليف من يبحث عن الاجابات من اجل حوار مع من ( يريد وطن ) , يفتح الذهن وافاق الفكر , ويغرس قيم العلم والتفكير العلمي ؟”؟