22 نوفمبر، 2024 10:21 م
Search
Close this search box.

قيـام؛ ماعدنا أقلام!

قيـام؛ ماعدنا أقلام!

دقّ جرسُ ألمدرسةِ, مُعلِناً بدأ ألدرسُ ألأول, لليوم ألأول, في ألصف ألأول!

لا؛ ليسَ جَرساً, بل بِضعُ رناتٍ, من حَديدةٍ قاسيةٍ على أخرى خاويةٍ, لا نَفعَ لها سوى صرخاتٍ بصوتٍ عاليٍّ, من أثرِ طرق ألأخرى عليها, لتُعلن للأطفال, بدأ عامهم ألجديد, بأصواتٍ من حديدٍ متهريءٍ, إتفق هو ألآخر على تخويف تلاميذي.

براعمي ألصغيرة, إزدحمت في صفٍ صغيرٍ, لا يستوعبُ حركاتهم ألعابثةُ ألبريئة, ولا أعدادهم ألمكتظة, جاءوا مجبورين بين يديّ, فلقد أيعنت أعمارهُم, وحان وقتُ دخولهم ألمدرسة,  وحان ألوقتُ للتربيةِ وألتعليم, وكما جرت ألعادة, ألكلمةُ ألأولى ألتي ينطِقُها ألمعلم حال دخوله ألصف, قيام؛

نهضَ تلاميذي مُتكاسلين, مستائين, فلقد سقطت حقائبُ بعضهم, على ألأرض ألمتدثرة بتراب ألعطلة ألصيفية, وبعض ألمشاكسين, مستمتعين, بالتدافع في (رحلةٍ) حطم ألعراق ألرقم ألقياسي, في حجم إستيعابها للتلاميذ.

ماعدنا أقلام؛

هذا جوابهم ألذي حفظوه دون قصد منهم, أو لعلهُ تنبؤ منهم بمستقبلٍ خالٍ من ألعلم حقاَ, في ضلِ سياسةٍ تعليميةٍ فاشلة ممنهجة, لتدمير ألواقع ألتربوي, وفي ضل مسؤولين تربويين؛ لا مُربين.

درسنا ألأول يا أبطال؛ عاش ألعراق.

وستأتيكم ألأقلام, وألدفاتر وألأصباغ, وسنرسمُ وطناً جميلاً زاهياَ بألألوان, أنتم فيه ألأطباء, وألمهندسين, وألجنود, وألمعلمين وألعمال, ولن تكونوا بعد أليوم بدون معول ولا أقلام, ولنحفظ درسنا لهذا أليوم, سنعيد ونكررها معاً, قيام؛ ولنرددها معاَ, عاش ألعراق.

ضحكوا مستهزئين بمعلمتهم, وكأنهم يقولون في نجواهم, ما بالُ هذه ألمجنونة, ترجوا ألحياة من أموات. معلمتنا؛ وهل ألعراق كان قد مات ليعيش!؟ وهل للأموات أن يحيوا من جديد؟

فلقد ضاعت ألأقلام, وجف مدادها, وأستبدلناها بألبنادق وأنهار من ألدم, فمعركة ألوجود أكبرُ من عِلمٍ لا ينفع, في وجود مهدد بألأنقراض.

ولعل وجودي أيضاَ لا ينفع, فألصف ورهبتهُ وقيمتهُ ألكبيرة, في ألجد وألأجتهاد, بات قصة من تراثنا ألأصيل, نرويها لأبناءنا, فيسمعوها بملل, ونتلذذ بسردها, لنعود بذكرانا لأيام جميلة, برغم قساوتها, إلا إنها أنتجت لنا أجيال, يتكأ عليهم ألوطن أليوم بمحنته.

اما أنتم يأ أطفالي؛ فخوفي عليكم أكبر من خوفي على وطني, لانكم ستكونون لقمة سائغة, لكل عدو مفترس في قادم ألأيام, في ضل سياسة تدمير ألأجيال, ألتي تنهجها وزارة ألتربية, من دخول عام, وأدوار ثلاث, ونجاح بدون حق وبالمجان, وهي تنشأ جيلاَ لا يعرف معنى ألألتزام, وقيمة ألعلم وألمعرفة, فألحال في مؤسساتنا ألتربوية, بات يحتاج إلى وقفة جادة, ولابد أن يعي ألجميع إن بناء ألجدران ليس مقدماَ على بناء ألأنسان.

تفضلو ياصغاري فدرسنا ألأول طويل.

جلوس؛ ماعدنا فلوس!

أحدث المقالات