22 ديسمبر، 2024 8:48 م

قيس سعيد الحمار الذي أكل الدستور

قيس سعيد الحمار الذي أكل الدستور

في اول حكمه بعد فوزه الاستثنائي الذي جلبه له شكله العصامي وعمره الكبير ووظيفته القانونية الجامعية ، وساعدته الديموقراطية التونسبة الناشئة التي دفع بوعزيزي حياته ثمنا لها لتكون منطلق جرأة شباب العرب.
الناس المنعطشون لحاكم منتخب ومتعلم بل ومعلم ، وبعد حقب العساكر والمتسلطين والانقلابيين والمدعومين من الخارج ، هؤلاء راوا فيه رجلا مختلفا وطرازا اوربيا فاعجبهم فقره ونزاهته-كما كان يبدو- فانطلقوا لينتخبوه دون دعاية انتخابية ولاحزب ولاكتلة ليكون اول رئيس عربي في التاريخ ينتخب مستقلا وديموقراطيا. طلع قيس سعيد على الناس في لقاء تلفزيوني يتندر من الحكام المستبدين في العصور السابقة له، ويتكلم لابن الشارع كما يتكلم ابن الشارع نفسه فقال:
” كان هناك مسرحية عربية-سورية- يظهر فيها حاكم الضيعة وحوله الرعية يشتكون من مظالم ، فقال لهم :انا احكم بالدستور ، فطلب من حارسه ان ياتي بالدستور من على ظهر الحمار ليثبت للناس عدله ، فقال له حارسه : ان الحمار قد اكل الدستور”
ضحك قيس سعيد الرئيس الجديد وضحك المذيع بنشوة ، واضاف الرئيس القانوني: هكذا كان حكام العرب يتلاعبون بالدستور كما يشتهون .
وانتهى اللقاء بانطباع واضح ان الرجل يستنكر من يمس الدستور او يتجرا عليه سيما وانه استاذ قانون دستوري في الاصل.
والان وبعد ثلاث سنوات فقط ، وبعد ان تمسكن حتى تمكن ، وراى من شعبه تعظيما وتقديسا كنا حذرنا منه وتخوفنا من نتائجه، طمع بهم والغى الدستور كلية ومرة واحدة بعد ان اختلف مع حكومة اسلامية فاشلة ، ليقوم بمغازلة سياسية جماهيرية لعقول النساء المتحررات والاطفال والسفهاء من الرجال ، وبعض الجهلة واشباه المثقفين الذين تبهرهم الجمل النحوية الخاطئة والاستعراضات التضليلية. فجرهم الى ساحة الصدام مع مصيرهم والدفاع عن المجهول الذي يقودهم اليه وهم فرحين.
فبعد ان تشدق كثيرا بالدستور ومازال يتمنطق على المغفلين بانه عالمه وحارسه ، انظر اليوم ماذا يقول عن قيس سعيد استاذه في القانون واكبر فقيه دستوري في تونس عياض بن عاشور منتقدا بشدة خروقات تلميذه الاخيرة :
ـ ما حدث بالأمس والقرارات التي اعلن عنها رئيس الجمهورية قيس سعيد انقلاب على الدستور بأتم معنى الكلمة لعدم توفر الشروط الجوهرية والشكلية لتطبيق الفصل 80 من الدستور.
ـ اللجوء للفصل 80 لا معنى له ويخالف تماما مقتضيات الدستور.
ـ الامر حصل بتدرج وانه “كان يعبّر على ما يبدو عن مخطط لايقاف الدستور والانقلاب عليه” مشيرا الى انه سبق لرئيس الجمهورية رفض تسمية الوزراء الجدد ورفض اداءهم القسم وايضا رفض ختم القانون المتعلق بالمحكمة الدستورية لافتا الى ان كل ذلك مخالف للدستور.
ـ الفصل 80 من الدستور تضمن شروطا جوهرية واخرى شكلية وان الشروط الجوهرية هي تلك التي نص عليها في طالعه وتفترض تعرض البلاد لخطر داهم مهدد لكيان الوطن او لامن البلاد او استقلالها يتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة مشددا على ان الشرطين مرتبطان ببعضهما البعض معتبرا ان الازمة التي تعيشها البلاد لم تبلغ حالة الخطر الداهم الذي يهدد كيان الدولة وان الشرط الجوهري غير متوفر.
ـ الشرط الشكلي يتمثل في استشارة رئيسي الحكومة والبرلمان واعلام رئيس المحكمة الدستورية مذكرا بان رئيس الجمهورية كان قد اكد استشارة رئيس الحكومة ورئيس البرلمان مشددا على ضرورة التحقق من ذلك مرجحا عدم حصوله.
ـ اعلام رئيس المحكمة الدستورية شرط شكلي لم يتوفر نظرا لعدم وجود المحكمة مشددا على ان عدم وجودها يمنع استعمال الفصل 80 من الدستور.
ـ رئيس الجمهورية اعلن عن تجميد نشاط مجلس نواب الشعب لمدة شهر متسائلا عن معنى التجميد معتبرا ان تجميد المجلس يخالف نص الفصل 80 من الدستور مذكرا بانه ينص على ان “مجلس نواب الشعب يعتبر في حالة انعقاد دائم طيلة هذه الفترة”.
ـ لا يمكن حل المجلس اولا وانه ثانيا لا يمكن تجميد نشاطه لافتا الى ان منطوق الفصل يعني ان المجلس يساهم في التصرف في الحالة الاستثنائية.
ـ عدم توفر شروط تطبيق الفصل 80 من الدستور لا الجوهرية ولا الشكلية منها معتبرا ما اعلن عنه رئيس الجمهورية مخالف مباشرة وبصفة صريحة للفصل 80 من الدستور وان اللجوء الى الفصل بهذه الصفة انقلاب باتم معنى الكلمة.
وختم الاستاذ الوطني الخبير والمستقل عياض عاشور واصفا ابناء شعبه من المغيبين المؤيدين للانقلاب:
“ان من عبروا عن فرحتهم لا يدركون عواقب الامور وان ما حصل يمهد الى اللجوء الى ما اسماها بالدكتاتورية الوقتية بمقتضى الفصل 80 ربما قد تمهد الى دكتاتورية دائمة تنزع المكتسبات الديمقراطية التي تحققت طيلة 10 سنوات”.انتهى كلامه
اقول : قيس سعيد تحرك قبل ذلك باتجاه السيسي واجتمع معه والسيسي رجل منقلب على نتائج ثورة مصر الجماهيرية في الاساس ومعطل للدستور ، ثم اجتمع بشيطان العرب وهذا الرجل مهندس الثورات المضادة والانقلابات في عالم العرب اليوم ،
واليوم منصف المروقي يقول: شرعية سعيد تتآكل وهو منقلب وعزله ومحاكمته قريبا امر وارد وربما هو الحل الوحيد!
ومن اجل ان ينضم رئيس تونس المنتخب الى قافلة الطغاة ومن صنع شعبه،،
وبعد سنوات ثلاث من سخريته من حمار البيگ الذي اكل الدستور ، -ولانعتب على حمار لايدري ماقيمة ما اكله- ،لكن هل قام قيس سعيد شخصيا بالمهمة التي سبق ان قام بها ذلك الحمار .!