23 ديسمبر، 2024 6:34 م

قيس العزاوي يتقاعد

قيس العزاوي يتقاعد

من باب الامانة ان انقل ماعشته في مجالات عملي الاعلامي، وماهي انطباعاتي عن الاشخاص والاماكن والمواقف التي اشهدها، لاسيما اذا كان لهذه الانطباعات نفع عام للدولة والمجتمع، وهنا ارى ان من المناسب ان انقل انطباعاتي عن شخصية عراقية مهمة عملت في ظروف حساسة وانجزت الكثير وارى ان من واجبي ان اشير الى ذلك.
الشخصية المقصودة هو الدكتور قيس العزاوي ممثل العراق الدائم في جامعة الدول العربية، الذي عرفته مثقفا متميزا، واعلاميا ناجحا، ودبلوماسيا رفيعا، نشات بيني وبينه صداقة قاسمها المشترك حب العراق، ولمست انه قدم كل مالديه من مواهب وامكانات لخدمة بلاده في محفل هو الاهم والاخطر وفي فترة زمنية بالغة التعقيد.
لقد عمل العزاوي في ساحة الجامعة العربية، ليبدا من الصفر، وانتزع الاحترام والتاييد من السفراء العرب لاسيما خلال الاعداد للقمة العربية التي شاركه فيها سعادة السفير نزار الخير الله الذي شكل مع العزاوي ثنائيا ناجحا بارعا تمكن من تغيير المسارات في القاهرة على مستوى النخبة الثقافية او السياسية وفي الاوساط الدبلوماسية التي تعج بها هذه المدينة.
عندما التقيت العزاوي خلال القمة العربية الافريقية التي اقيمت في الكويت قبل اسابيع علمت انه سيترك عمله ويضطر للجلوس في البيت او البحث عن عمل آخر لانه سيحال الى التقاعد رغم كونه في اوج عطائه، ورغم انه بدا بمشروعات مهمة فتحت افاق رحبة، في مقدمتها الصالون الثقافي العربي الذي اصبح التجمع الاكثر جاذبية في عاصمة المعز القاهرة.
ربما سيتفرغ العزاوي للعمل في الصالون الثقافي العربي الذي اسسه مع عدد من الشخصيات لكن مسار هذا المنتدى الفكري الهام ربما سيتجه بعيدا عنا في الوقت الذي نحن فيه بامس الحاجة اليه.
ورغم اني لست من الذين يفضلون الاستثناءات لكني ومع شخصيات كثيرة ارى ان التقاعد عن العمل يفقدنا طاقاتهم وقدراتهم وخبراتهم وعلاقاتهم التي كونوها على مدار سنوات عمرهم المليئة بالعمل والدراسة والبحث والانتاج المعرفي، فمع مثل هؤلاء نحتاج الى وقفة نعطيهم فيها مايستحقون ونعطي لبلادنا ماتستحق.
حقيقة لم اتمنى ولن يتمنى احد غيري ان يترك العزاوي موقعه بهذه السرعة وان يغادر موقعه وهو في اوج عطائه لانه مازال يمتلك المزيد كي يقدمه وما زال ذلك الشخص الممتليء بالنشاط والجاذبية ولانه مازال الاكثر قدرة على التخطيط والتحليل واتقان سياسة وضع النقاط على الحروف.
وكل هذه المميزات نجتاجها ونحن نسرع الخطى في سياستنا الخارجية التي اتقنت الاتجاه صوب الاعتدال والتوازن وتطمح لتكون اكسير الحياة للتوازن في المنطقة وبالتاكيد هذه السياسة تحتاج الى رجال متمرسين بالتعامل مع الاخر.
ففي الوقت الذي اقف فيه احتراما للعزاوي وهو يهم بمغادرة العمل لوصوله الى سن التقاعد  اتمنى من اصحاب الشان النظر في ملف العزاوي وامكانية تمديد بقائه في موقعه عام او اكثر.