18 ديسمبر، 2024 6:46 م

قيس الخزعلي والسياسة وتوجيهات بوكا واستحقاقات الارجنتين

قيس الخزعلي والسياسة وتوجيهات بوكا واستحقاقات الارجنتين

شكك كثيرون بالإعلان الذي أصدره زعيم حركة “عصائب أهل الحق”، قيس الخزعلي، عن “إلقاء السلاح”، والانتقال إلى العمل السلمي، إذ يربطون بينه وبين التنظيمات المسلحة التي تتحرك بالتنسيق الوثيق مع إيران.

قيس الخزعلي كان ضمن أوائل من التحق بصفوف “جيش المهدي” الذي أسسه الزعيم الشيعي مقتدى الصدر لمحاربة الأميركيين في العراق. وجرأته جعلته يترقّى سريعاً، ليصل إلى الحلقة الضيقة للصدر، ويرافقه في كل جولاته، بصفته “قيادياً”.

لكن تطلعات الخزعلي كانت أبعد من البقاء في “جيش المهدي”، فلم يتردد في استخدام صلات الصدر بالإيرانيين، ليعرض نفسه عليهم، ويكتشفوا فيه حليفاً مستقبلياً.

ووجد الخزعلي من يشاركه تطلعاته، وفي مقدمهم أكرم الكعبي، الذي كان يتولى الإشراف على الشؤون العسكرية لـ “جيش المهدي”، فانطلق مشروع “عصائب أهل الحق”، في أول ملامح انشقاق صريح عن الصدر.

يزعم الخزعلي أنه أسس حركته في 2003، لكن الحقيقة أنه حينها كان مقاتلاً في صفوف “جيش المهدي”، ولم يبدأ الإعلام بتداول اسم “عصائب أهل الحق”، بصفتها مجموعة مسلحة تختلف عن “جيش المهدي” إلا منذ 2006.

كانت لحظة اعتقال الخزعلي في 2007 حاسمة بالنسبة إلى مستقبل “عصائب أهل الحق”، إذ نجح داخل السجن في فعل ما لم يتمكن من فعله خارجه.

خلال عامين من الحبس، كسب الخزعلي عناصر جدداً “للعصائب”، ووضع هيكلاً تنظيماً لها، وفعَّل صلاته بالإيرانيين، بعدما جمعت المصلحة بينه وبين رئيس الوزراء في حينها، نوري المالكي.

منذ ذلك الحين، شاركت “العصائب” في تنفيذ عمليات عسكرية ضد القوات الأميركية بعد 2003، ثم انخرطت في الحرب الطائفية بعد 2006، إذ أوردت تقارير أنها تورطت في عملية قتل جماعية ضد السُنة في العراق، رداً على التفجيرات الانتحارية التي كان عناصر تنظيم القاعدة يستهدفون بها تجمعات شيعية في بغداد.

بين عامي 2006 و2010، تورطت “عصائب أهل الحق”، في أكثر من عملية اختطاف لموظفين أجانب في العراق، تبين لاحقاً أن الحركة تستخدمهم للإفراج عن أعضائها المعتقلين لدى القوات الأميركية والعراقية

يقال إن المالكي، الذي حكم البلاد بين 2006 و2014، هو من سهَّل “للعصائب” اختطاف موظفين بريطانيين وأميركيين، قايضتهم ببعض أبرز قادتها المعتقلين، بينهم قيس الخزعلي نفسه، وشقيقه ليث، المسؤول عن الأعمال المالية سابقاً، والبرنامج السياسي حالياً.

في خلال حكومة المالكي الثانية، تشكلت عشرات المجموعات العراقية المسلحة، التي أعلنت ولاءها الصريح لنظام الولي الفقيه في إيران، لكنها اتخذت من العراق مسرحاً للعمليات.

وسرت أنباء كثيرة عن أن المالكي استخدم أموال النفط الطائلة في تمويل بناء هذه الميليشيات، لتحل محل الجيش العراقي عند أي مستجد.

كان متوقعاً أن تضعف “عصائب أهل الحق” بتنحي المالكي عن قمة الهرم القيادي في الدولة، لكنها أثبتت أن لديها مشاريعها الخاصة.

وعندما انسحب الأميركيون من العراق في 2011، وجد الخزعلي نفسه في مواجهة سؤال: ما هو سبب وجودنا الآن؟

جاءت التطورات في سوريا لتمثل طوق إنقاذ، إذ سرعان ما حولت “العصائب” قوتها الضاربة من العراق إلى سوريا، لتقاتل إلى جانب قوات النظام وحزب الله اللبناني.

بعد ظهور داعش في العراق عام 2014، عاد القسم الأكبر من “العصائب” للمشاركة في المعركة ضد التنظيم.

وارتبطت مشاركة حركة “العصائب” في المعارك ضد داعش في العراق بعدد من التقارير عن عمليات تصفية جسدية واستيلاء على ممتلكات خاصة.

إبان المواجهات ضد داعش، فسر مراقبون إصرار “العصائب” في البدء على الانخراط القوي في معارك بيجي، برغبتهم بالثأر من منطقة سببت الكثير من الأذى لقوات الأمن العراقية، والميليشيات التي عملت فيها. إلا أن سبب الإصرار تكشَّف لاحقاً، عندما اختفت معظم الأجزاء السليمة من مصفى بيجي النفطي.

وحاولت الحركة نقل هذه الأجزاء العملاقة إلى إيران، ولكن تعثرت العملية في ظل وجود الغطاء الجوي الأميركي في أجواء العراق.

أخفت “العصائب” أجزاء المصفى التي نقلتها من بيجي في منطقة صحراوية. وعندما أيقنت استحالة إخراجها من العراق، باعتها للحكومة العراقية، لقاء نحو 100 مليون دولار، على ما أوردت المصادر.

وعلى الرغم من ارتباط الخزعلي بإيران، ظهرت بوادر عن تشجيعه لرجال أعمال تربطه بهم مصالح تجارية للانفتاح على الاستثمارات العربية بأشكالها كافة. ويقول مقربون إنه لا يريد أن يكون بعيداً من الركب، في حال ضعفت إيران وانحسر نفوذها في العراق. ويطلب الخزعلي من العلمانيين الذين يلتقيهم أن يشجعوا انفتاحه على العمل السياسي، بديلا عن السلاح. ويقول مقربون إن صفة “الزعيم السياسي” تستهويه الآن، أكثر من لقب “قائد الميليشيا”، ولا يتوقع المتابعون لوضعه أن يسجل أي تحولات في مواقفه ما دامت إيران قوية

على غرار حزب الدعوة، لا يريد الخزعلي جمهوراً عريضاً، بل يبحث عن مصادر النفوذ. ويقول متابعون إنه اختار حصول حركته على حقيبة الثقافة في حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، وإعادة إنتاج صورة “البطل العراقي”، عبر الإعلام الحكومي. واختار أيضاً حقيبة العمل ليبقى قريباً من قاعدته الفقيرة، عبر نظام الرعاية الاجتماعية الذي يمنح العائلة الواحدة، نحو 100 دولار في الشهر. ويأنف الخزعلي من صفة “التابع لإيران” التي تلتصق به. ويردد علناً أن “العراقي لا يمكن أن يكون تابعاً، لا لإيران ولا لغيرها”، ما يضمر أن الظروف وحدها وضعته في خانة حلفاء إيران، لا الالتزام العقائدي. وصحيح أن لقب “المقاوم” يستهويه لكنه يدرك، وفقاً لمن يعرفه، أن “المقاومة لم تعد قادرة على صنع الزخم السياسي، القادر على إبقائه وسط المشهد العراقي”.

يحب مقتدى الصدر رجاله الشجعان، ويتذكر مواقفهم وإن تحولوا إلى خصوم. هذا ما يقوله أحد المقربين من زعيم التيار الصدري، عندما يوصِّف العلاقة بين الصدر والخزعلي.

وعلى الرغم من استخدام الصدر مصطلح “الميليشيا الوقحة”، مراراً، لوصف حركة “عصائب أهل الحق”، إلا أن الخزعلي يتجنب سراً وعلناً الإشارة بسوء إلى قائده السابق، الذي تربى تحت إمرته وكان سلاحه الفتاك خلال الحرب الطائفية وضد الوجود الأميركي. يقول مطلعون إن الصدر يأمل في أن يعود الخزعلي يوماً إلى كنفه، فعلى الرغم من الانشقاقات العصية على الحصر في “جيش المهدي”، إلا أن خروج الخزعلي منه، شكل ضربة مؤلمة للصدر.

ربما يساور القلق، في هذه اللحظة، الخزعلي أكثر من غيره، لأنه بلغ أقصى طموحاته، فهو “صانع ملوك” في العراق الآن، ولم يعد بحاجة إلى “الكاتيوشا” ليثبت وجوده.

ويخشى الخزعلي، أن تندلع الحرب بين الولايات المتحدة وإيران، فيجد نفسه مرغماً على المشاركة فيها، لتضيع عند ذلك كل مكاسبه السياسية، ويعود زعيم ميليشيا.

فشلت جهود سياسية تقودها أطراف من قوى برلمانية عدة، رافضة لخطوة تكليف عدنان الزرفي بتشكيل الحكومة، في عقد اجتماع مقرر ليلة أمس السبت، بهدف بحث الأزمة السياسية وخيارات المعسكر الرافض للزرفي، وسبل تهيئة بديل عنه في حال سقوطه برلمانياً، بعد إعلان رئيس الوزراء المكلف نيته إرسال طلب لتحديد موعد لجلسة برلمانية خاصة بهدف عرض تشكيلته الحكومية.

ووفقاً لمصادر سياسية عراقية في بغداد، فإن البيان، الذي أصدرته أبرز ثماني مليشيات مسلحة في العراق على صلة وثيقة بإيران، عصر السبت، والذي تضمّن إعلان القوات الأميركية في العراق قوات احتلال، ووصف رئيس الوزراء المكلف بأنه “مرشح الاستخبارات الأميركية”، هدّد بأنه سيفشل مؤامرة تكليفه، وتسبب بانقسامات حادة داخل القوى المتفقة على رفض عدنان الزرفي، وحال دون عقد اجتماع كان مقرراً ليلة أمس.

ووفقاً لقيادي في تحالف “البناء”، وهو التحالف الذي يضم 9 كتل سياسية رئيسة توصف عادة بأنها مقربة من إيران أو مدعومة منها، مثل “دولة القانون” بزعامة نوري المالكي، و”الفتح” بزعامة هادي العامري، و”عطاء” بزعامة فالح الفياض، و”صادقون”، التابعة لزعيم مليشيا العصائب” قيس الخزعلي، و”سند” التابعة للقيادي السابق بمليشيات الحشد أحمد الأسدي، وكتل أخرى، فإن خلافات حادة برزت بسبب البيان، الذي اعتبر تصرفاً منفرداً من تلك الفصائل وخطأ فيما يتعلق بدخول الأجنحة المسلحة على خط الأزمة، خاصة فيما يتعلق بالتصعيد ضد القوات الأميركية.

وأكد القيادي ذاته أن الكتل الرافضة للزرفي ما زالت غير متفقة على الشخصية البديلة عنه، كما أن هناك اتهامات بوجود كتل تتفاوض أو تتواصل مع الزرفي بشكل غير معلن، بهدف ترتيب أوضاعها في حال نجح بحكومته فعلاً، وتعتبر بيان الفصائل المسلحة دليلاً على “المزيد من عزلتها، وتأكيداً لاتهامات وجهت إليها بأنها تتبع الأجندة الإيرانية لا العراقية”.

انتقد سياسيون لغة التهديد التي لجأت إليها تلك الكتل، واعتبروها محاولات للابتزاز

ويرى فريق آخر من المعسكر نفسه الرافض للزرفي أن بيان الفصائل المسلحة سيُجبر القوى الأخرى على مراجعة موقفها، “كونها لا تريد جر البلاد لتصعيد آخر، وقد تضحّي بموقفها من أجل الأزمة داخل المنطقة الخضراء فقط”، مضيفاً أن “حالة تعدد القرار والانفراد تغلب على جميع القوى السياسية الشيعية، والزرفي يستفيد حالياً من ذلك في جذب نواب من الكتل الرافضة لها، مستغلاً امتعاضها من زيارة (قائد “فيلق القدس” الإيراني) إسماعيل قاآني وتصرفات فصائل مسلحة تجرّ العراق إلى اللادولة”، وفقاً لتعبيره.

وكشفت مصادر عن أن “هناك مساعي جدية منذ ليلة أمس لتحييد الفصائل المسلحة وإبعادها عن التدخل في الأزمة السياسية الحالية التي تتركز داخل القوى العربية الشيعية”.

وليلة أمس السبت، نشر حساب “محمد صالح العراقي”، المقرب من زعيم التيار الصدري، ما وصفها بـ”دعوة” إلى فصائل مسلحة لـ”التوبة”، وذلك بعد ساعات من إصدار ثمانٍ منها بياناً يتوعد القوات الأميركية ويرفض تكليف عدنان الزرفي بتشكيل الحكومة، وأضاف: “أما بعد اعلموا أن الكثير من السياسيين وبعض ما يسمّون بفصائل المقاومة، لا تتعظ من البلاء والوباء. وما زالت تنتظر المكاسب”. وتابع “فعجبي من تقديم المقاولة على المقاومة. كفاكم حباً للدنيا. فشعبكم يصارع الموت والحرب المرتقبة – لا سمح الله – والوباء، فتوبوا إلى الله تعالى عسى أن تغفر ذنوبكم. ويكون من أمركم وأمرنا فرجاً ومخرجاً”.

في المقابل، قال النائب عن تحالف “الفتح”، الجناح السياسي لفصائل “الحشد الشعبي”، حامد الموسوي، في بيان له، إن “الزرفي يعول على دعم الخارج لتمرير حكومته، وإنه سوف يخذل”، مؤكداً أنه “في ظل عدم قناعة أغلب الشيعة وأغلب الكرد وأغلب السنة فإن المكلف لم يجد سوى دعم الخارج وبعض النواب الذين لا يتجاوزون عدد الأصابع لتمرير حكومته اللاشرعية”.

ودخلت فصائل مليشياوية مرتبطة بالكتل الرافضة للزرفي على الخط، مؤكدة أنها تراقب الخطوات السياسية، وأنها ستتدخل وفقاً للمعطيات.

وقال عضو الهيئة السياسية لمليشيا “كتائب سيد الشهداء” عباس الزيدي، في تصريح متلفز، إن “الزرفي مرشح جدلي ومتورّط بملفات فساد كبيرة”، مضيفاً أن “الاحتلال يحاول فرض إرادته على الشعب العراقي من خلال دعم حكومة الزرفي، وهذا يدفع باتجاه تقسيم البلاد أو الحرب الأهلية ونهب ما تبقّى من ثروات البلاد”.

وختم بالقول إن “فصائل المقاومة مراقبة للعمل السياسي، وتحدد توجهاتها وفقاً للمعطيات السياسية، وإن ما تعجز عنه السياسية تحققه القوة العسكرية”، وفقاً لتعبيره.

مقابل ذلك، انتقد سياسيون لغة التهديد التي لجأت إليها تلك الكتل، واعتبروها محاولات للابتزاز.

وقال السياسي المستقل كريم النوري، في تغريدة له: “سياسيون عراقيون يهددون الرئيس بكشف المستور بطريقة ابتزازية، لماذا تتسترون على المستور ولا تكشفونه؟ وهل المستور يبقى مستوراً لو خضع لابتزازاتكم؟ وهل المستور الذي تهددون به هو الانقلاب؟ كفاكم استهانة بعقول الشعب”.

من جانبه، أكّد مقرر البرلمان العراقي هوشيار قرداغ، الأحد، أن رئاسة البرلمان العراقي تجري مشاورات لتحديد آلية لعقد جلسة منح الثقة لرئيس الوزراء المكلف عدنان الزرفي، في ظل انتشار فيروس كورونا الجديد.

وقال قرداغ، في تصريح صحافي، إنه “حتى هذه اللحظة لا توجد أية مؤشرات تدلّ على تحديد موعد لعقد جلسة البرلمان لمنح الثقة لحكومة رئيس مجلس الوزراء المكلف”، مشيراً إلى أن “الزرفي أرسل المنهاج الوزاري لهيئة الرئاسة، التي باشرت بدراسته قبل البت بمواعيد جلسة التصويت على الحكومة”.

ورأى أن “وباء كورونا سيُصعب ويُعقد من عملية عقد جلسة لمجلس النواب، من أجل التصويت على حكومة الزرفي في الفترة الحالية”، مؤكداً أن “رئاسة البرلمان تجري مشاورات من أجل تحديد الكيفية والآلية لعقد الجلسة المرتقبة لمجلس النواب، والمخصصة لمنح الثقة للحكومة.