23 ديسمبر، 2024 2:08 م

قيادة لا تمثل التقليد

قيادة لا تمثل التقليد

في هذه المقالة أود الحديث عن القيادة التي لا تمثل التقليد وهي بالحقيقة عبارة أطلقها السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر (قدس) في إحدى اللقاءات الصوتية التي أجراها جناب الشيخ عبد الستار البهادلي .. ولابد أن أشير إلى شيء في غاية الأهمية وهو أن كل ما يصدر من السيد الشهيد الصدر الثاني(قدس) سواء كان كتاب أو محاضرة أو موعظة أو خطبة جمعة أو لقاء صوتي فكل هذه الأمور هي عبارة عن حلقات متصلة بعضها ببعض مثلاً الشيء الذي نسمعه في اللقاء هو تطبيق للرسالة العملية وحتى لو لم يكن تطبيق فهو بحد ذاته حق وعدل لأنه صدر منه باعتباره اجتهاده وعلمه وفتواه… اليوم أريد تسليط الضوء على هذه العبارة ((قيادة لا تمثل التقليد)) كان السؤال عن غياب السيد الشهيد الصدر (قدس) عن الساحة وهو حصل فعلاً وبالتالي يكون الجواب عن الغياب السريع عن الساحة هو الجواب الذي ينبغي التركيز عليه وليس العكس لأن السيد الشهيد الصدر(قدس) أجاب بجوابين
الجواب الأول: هو عن غيابه السريع
والجواب الثاني: هو في حال عدم غيابه السريع أي بقاؤه على قيد الحياة لمدة طويلة من الزمن…
وهذا واضح لمن سمع اللقاء أو قرأه وسوف ننقل النص حرفياً لأجل اطلاع القارئ الكريم.
بالحقيقة إن هناك مهام متعددة وعناوين متعددة مناطة بالفرد الذي بلغ رتبة الاجتهاد وكما يقول السيد الشهيد الصدر (قدس) في رسالته العملية منهج الصالحين في كتاب القضاء ما نصه: واعلم إن المجتهد من علماءنا له ثلاث مناصب شرعية: الفتوى والقضاء والولاية. وتشترك الولاية مع الفتوى في اشتراط الاعلمية على الاحوط…انتهى وواضح من كلام السيد الشهيد الصدر (قدس) أنها مناصب شرعية… فالمجتهد مفتي والمجتهد حاكم شرعي أو ولي والمجتهد قاضي وليس من المستحيل أن يقتصر عمل المجتهد فقط على منصب الفتوى والسر في ذلك هو توفر الشرط وارتفاع المانع من هذا المنصب وعدم توفره في المناصب الأخرى بمعنى إن الاجتهاد وهو المقتضي وليس العلة التامة ولتوضيح الأمر للقارئ الكريم نقول:
أنه هناك ثلاث أمور ينبغي أن توجد حتى تتحقق العلة التامة وهي:
1ـ المقتضي (السبب)
2ـ الشرط
3ـ ارتفاع المانع
ومثال ذلك الرؤية أي إن الإنسان حينما يرى الأشياء يحتاج إلى هذه الأمور الثلاثة وهي وجود المقتضي المتمثل بالعين ووجود الشرط المتمثل بالضوء وعدم وجود المانع أي لا يوجد شيء يقع بين العين والشيء الذي يريد رؤيته فوجود عين بدون ضوء ووجود المانع أو أحدهما يعني وجود عين بدون ضوء مع ارتفاع المانع أو وجود عين مع وجود الضوء ووجود المانع ففي كل هذه الحالات لا تتم الرؤية أي ليست علة تامة ولذلك تسمى العين بالعلة الناقصة أو السبب أو المقتضي أو جزء العلة.
ومثال آخر النار والإحراق فإنه لابد من توفر الأمور الثلاثة وهي:
1ـ النار التي تمثل المقتضي والسبب
2ـ ملامسة الجسم للنار وهو يمثل شرط الإحراق
3ـ عدم وجود الرطوبة في الجسم وهي تمثل ارتفاع المانع
فالعلة التامة هي المقتضي مع وجود الشرط وارتفاع المانع والاجتهاد أو بلوغ رتبة الاجتهاد هو يمثل المقتضي (السبب) ولكي تحصل العلة التامة لابد من وجود الشرط وارتفاع المانع لأنه ليس كل مجتهد يكون مرجعاً أو ولياً أو قاضياً بالرغم من وجود المقتضي وهوا لاجتهاد بل لابد من توفر الشرط وارتفاع المانع فمثلاً منصب الفتوى لكي يكون علة تامة وساري المفعول ينبغي توفر ثلاثة أمور:
1ـ بلوغ رتبة الاجتهاد وهو يمثل المقتضي
2ـ وجود الشرط وهي الشرائط المذكورة في الرسالة العملية الإسلام والإيمان والذكورة وطهارة المولد والعدالة والبلوغ والعقل والحياة للتقليد الابتدائي على رأي المشهور والأعلمية وعدم السفه.فبدون إحداها ينتفي هذا المنصب أي لا يحق له الإفتاء للغير فالمرأة التي بلغت رتبة الاجتهاد تنتفي عنها المناصب الثلاثة بالرغم من وجود المقتضي لديها…
3ـ ارتفاع المانع، إن المانع يتمثل بعدة أمور نذكر منها:
أـ انقطاع المجتهد نفسه وعدم تصديه لأي سبب كان وهذا الانقطاع مانع عن المنصب. بل وللمناصب الثلاثة جميعاً وهذا الانقطاع قد يكون اختياري وقد يكون غير اختياري… كالسجن على سبيل المثال أو قد يمنع المجتهد من النظر في الأدلة يعني عدم وجود الكتاب والسنة لديه لكي يفتي في المسائل فبدون الأدلة المتوفرة لا يمكن للمجتهد إصدار الفتوى حتى مع توفر الشرائط فيه فبوجود المانع ينتفي هذا المنصب الشرعي عنه بل حتى المناصب الأخرى مع أننا نجد أن منصب الفتوى أهون من المناصب الشرعية الأخرى…
إن هذا المنصب الشرعي ((الفتوى)) يعتمد عليه الدليل ولهذا السبب نسمع من العلماء هذه المقولة ((نحن عبيد الدليل نميل معه حيث يميل)) وهذا المنصب لا يمكن أن يكون بعد المكان مانعاً عنه فلو كان المفتي في العراق الذي تتوفر فيه الشرائط فعلى الجميع من داخل العراق خارج العراق تقليده وهذه الشبهة لازالت موجودة في الأذهان بالرغم أن السيد الشهيد الصدر (فدس) في هذا اللقاء قد عالجها حينما قال(( يحتاج الشعب العراقي لو صح التعبير إلى قيادة لا تمثل التقليد)) وهذا واضح بأن قيادة التقليد لا يمكن أن تنتفي عن الأعلم وقيادة التقليد هي منصب لفتوى لا غير وهي للأعلم قال السيد الشهيد (( يحتاج الشعب العراقي لو صح التعبير إلى قيادة لا تمثل التقليد يقلدون شخصاً ويأتمرون بأمر شخص آخر بعنوان الوكالة أو بأي عنوان آخر لكي يرتبهم، الشيعة والحوزة تكون بدون ترتيب وإذا لم ترتب تقع بأيدي ناس ليسوا أكفاء ماكرين وطلاب دنيا بشكل من الأشكال، على أية حال فتوخياً لدفع أمثال هذه النتائج المؤسفة والمزعجة ينبغي إيجاد قيادة دينية في داخل الحوزة، لأجل التفاف الناس حولها واستفادة الناس منها)) فبعبارة يقلدون شخصاً ويأتمرون بأمر شخص آخر بعنوان الوكالة أو بأي عنوان آخر لكي يرتبهم. واضحة
ولنا عدة تعليقات على هذا الكلام العظيم:
أولاً:ـ إن السبب في تقليد الأعلم الذي هو جناب السيد الحائري(دام ظله) هو وجود المقتضي الذي هو الاجتهاد ووجود الشرط وهي الشرائط بما فيها الأعلمية وارتفاع المانع لأن بعد المكان وعدم التسني له الرجوع للعراق ليس مانعاً لإصدار الفتوى ولذلك قال السيد الشهيد يقلدون شخصاً أي الشعب العراقي يقلد الأعلم…
ثانياً: إنه واضح من كلمة يأتمرون بأمر شخص هي إشارة إلى المنصب الشرعي الثاني وهي الولاية فالولاية هي منصب شرعي يختلف عن الفتوى فالفتوى هي بيان الأحكام الشرعية الكلية المستنبطة من أدلتها التفصيلية…
أما الولاية فهي تصرف الفقيه في المجتمع تصرف الحاكم في محكوميه وهذا يعني القيادة وإصدار الأوامر والنواهي لجميع أفراد المجتمع من مقلديه وغيرهم وهذا المنصب له نفس شروط منصب الفتوى ونفس المقتضي إلا أنه يختلف في المانع… وهذا ما عبر عنه السيد الشهيد الصدر (قدس) ((لا يتسنى له النظر في أمور الشعب العراقي)) ما هي أمور الشعب العراقي
أكيد هي أمور خاصة بالمجتمع العراقي اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وثقافياً وهي إشارة واضحة إلى منصب الولاية لأنه لو كانت إشارة إلى المنصبين معاً أي منصب الفتوى ومنصب الولاية لما قال يقلدون شخصاً ويأتمرون بأمر شخص آخر فالتقليد هو العمل اعتمادا على فتوى المجتهد سواء التزم المقلد بذلك في نفسه أم لم يلتزم.. وبين الفتوى والأمر المولوي اختلاف واضح فالمفتي تصدر منه فتوى تكون ملزمة لمقلديه والولي يصدر منه أمراً أو نهياً ( الحكم بالولاية) يكون ملزماً لمقلديه وغير مقلديه وحتى المجتهدين فالحكم بالولاية يعم المكلفين أما الفتوى تخص المقلدين… وكذلك قال ((يقلدون شخصاً ويأتمرون بأمر شخص آخر)) على ماذا تدل عبارة شخص آخر…؟
ثالثاُ: إن منصب الولاية فيه علة ناقصة وهذا هو السبب الذي جعل السيد الشهيد الصدر (قدس) أن يفصل القيادة عن المرجعية سبب وجود المانع… وهذا ما قد حصل فعلاً أي وجود المانع في منصب الولاية حينما صدر من السيد كاظم الحائري(دام ظله) بعد احتلال العراق أي بعد استشهاد السيد الصدر(قدس) بأكثر من أربعة أعوام حينما قال إن ولايتي في العراق عرضية أي مستقلة عن ولاية ولي إيران فقامت حينها الدنيا ولم تقعد على السيد الحائري من قبل الإيرانيين حتى قيل أنه اعتذر من ذلك وسحب هذه الولاية العرضية على ماذا يدل هذا الأمر؟ يدل بوضوح على وجود المانع فعلاً الذي أشار إليه شهيدنا المقدس.. وبوجود المانع لا تكون هناك علة تامة…
وبالحقيقة وهذا واضح إن التصدي للولاية العامة هو المرفوض لدى الإيرانيين…
أما التصدي للمرجعية لدى الإيرانيين فليس فيه بأس ولو وجد المانع أيضاً لانتفى منصب الفتوى إلا أنه بحمد الله لم يحصل فمنصب الفتوى موجود للأعلم وهو ما أشار إليه السيد الشهيد الصدر ((يقلدون شخصاً)) وقال أيضاً ((من ناحية التقليد أنا أعتقد إن الأعلم على الإطلاق بعد زوالي عن الساحة هو جناب آية الله العظمى السيد كاظم الحائري الشيرازي)) انتهى
فعلى ماذا تدل عبارة من ناحية التقليد؟بوضوح تدل على منصب الفتوى ويكون للأعلم ولا يوجد مانع (أي الأمور الثلاثة متحققة) المقتضي الاجتهاد، الشرط وهي الشرائط، وعدم المانع
لأن التقليد يدور مع الأعلم وجوداً وعدماً والتقليد وهو (منصب الفتوى ) ليس مختصاً بأمور الشعب العراقي بل إن هذا المنصب مهتم بأمور الشريعة… إن هذا الكلام الواضح من قبل السيد الشهيد الصدر حاول الكثير تحريفه عن مواضعه فالسيد الصدر ذكر ناحيتين ناحية التقليد وناحية النظر في أمور الشعب العراقي الذي هي منصب الولاية وللتأكيد إن السيد قال ((من ناحية التقليد فأنا أعتقد إن الأعلم هو جناب السيد كاظم الحائري)) وقال (( فمن هذه الناحية (ويقصد بها عدم التيسر له النظر في أمور الشعب العراقي) يحتاج الشعب العراقي لو صح التعبير إلى قياد لا تمثل التقليد…
إذن السيد ذكر الناحيتين ولكل ناحية يوجد لها شخص فالناحية الأولى هي ناحية التقليد وهي للأعلم ولا توجد مشكلة في الشخص الذي يمثل الأعلمية فإنه قبل اللقاء وأثنائه وبعده وبعد استشهاد السيد ولحد الآن متصدي للفتوى والتقليد بل وأفتى السيد الحائري بجواز البقاء على تقليد السيد الشهيد الصدر مطلقاً وبالرغم من أن المنصب الآخر وهو الولاية إنه ليس علة تامة أي بوجود المانع أمكن أن يكون هناك عنوان آخر إذا لم يوجد مانعاً ايضاً كما حصل فعلاً في قضية سحب الوكالة من السيد القائد حيث قال السيد القائد مقتدى الصدر(دام بقاؤه) مخاطباً السيد الحائري (( إفعل ما تؤمر ستجدني من الصابرين )) فمن الذي أمر ….
وهذا واضح بوجود المانع ومع ذلك إن السيد الشهيد الصدر(قدس) منذ البداية أشار إلى عدم تيسر هذا المنصب بالرغم من وجود المقتضي والشرط ففي حال غيابه فهناك شخصاً آخر ممن هو طيب القلب وهو جناب الشيخ محمد إسحاق الفياض(دام ظله) أناط إليه مسؤولية ترتيب الشيعة والحوزة وسد الفراغ الذي يحصل بعد زوال السيد سريعاً وقد حصل هذا الفراغ بالفعل لأنه بين هذا اللقاء واستشهاد السيد الصدر مدة ليست طويلة لا تتجاوز السبعة أشهر على أكثر تقدير وقال السيد ((إنني لم أفاتح الشيخ ولكنني أعمل هذا حسبة لله)) ولكن الشيخ الفياض لم يتصد للقيادة وللترتيب بالرغم من التفاف المؤمنين حوله لأن السيد قال(( وأقول حتى لو كره ذلك أنتم التفوا حوله خيرٌ من أن تلتفوا حول غيره بطبيعة الحال ربما الالتفاف حول غيره يؤدي إلى نتائج وخيمة وصرف المال في فيافي بني سعد كما يقولون)) وقال السيد أيضاً ((نقول ليس أكثر من ذلك هو يفي بالحاجة على أية حال )) انتهى ومع ذلك فإن المؤمنين التفوا حول الشيخ الفياض وألحوا عليه وأول من بادر إلى ذلك سماحة السيد القائد المجاهد مقتدى الصدر(دام عزه) فبعد ساعات فقط من استشهاد والده السيد الشهيد الصدر(قدس) ذهب السيد مقتدى تطبيقاً للوصية إلى جناب الشيخ الفياض(دام ظله) كما روى الثقات وقال له أمسك الحوزة لكن الشيخ الفياض (دام ظله)رفض ولم يتصد للقيادة الحوزوية وكانت في حينها خيبة أمل للمؤمنين ولكن كما يعبرون رُبَ ضارة نافعة….
فعدم تصدي الشيخ لهذا الأمر والأمة تعيش فراغ خطير يمثل وجود المانع… فالسيد حينما يشير إلى شخص فليس معناه أن الأمر ناجز وعلة تامة مع إن مؤونة الفتوى أيسر من مؤونة القيادة بمعنى أن ما يكون مانعاً عن القيادة لا يكون مانعاً للفتوى لأن الشيخ الفياض(دام ظله) والسيد الحائري(دام ظله) متصديان للفتوى والتقليد فتأمل أيها القارئ الكريم جيداً..
بقي أن أشير إلى شئ في غاية الاهمية وهو أن الشيخ الفياض(دام عزه) لا يفتي بالولاية العامة والسيد الشهيد محمد الصدر(قدس) يعلم بذلك ومع ذلك أشار إليه أولا لأنه أطيب المجتهدين قلبا وثانيا بإعتبار ولاية عدول المؤمنين التي لا يشترط فيها الاجتهاد كما لا يخفى على كل من أطلع على أحكام الشريعة وثالثا لايوجد من المجتهدين في العراق ممن يناط له مسألة ترتيب الحوزة والمجتمع غير الشيخ الفياض(دام ظله) ورابعا السيد الشهيد أشار للشيخ وهو شبه متأكد من عدم تجاوبه ولكن عسى أن يكون الالحاح عليه يؤدي الى قبوله للقيادة وخامسا أن السيد الشهيد الصدر(قدس) ولو كأطروحة أراد أن يكشف للمجتمع الرفض الفعلي من قبل المجتهدين عامة وأطيبهم قلبا خاصة وهذا ما قد حصل بالفعل الامر الذي سيؤدي الى وجوب التصدي للقيادة والترتيب من قبل الشخص الكفؤ لها وتكون القيادة بعنوان الوكالة أو أي عنوان اخر كولاية عدول المؤمنين مع تحقق موضوعها وهي عدم التصدي من قبل الولي العام وفعلية المصالح العامة والمفاسد العامة …..وليست الوكالة هي العنوان الحصري لمثل هذه القيادة التي لا تمثل التقليد بل أن عبارة أو أي عنوان اخر دليل على عدم حصرية الوكالة فيكون عنوان ولاية عدول المؤمنين أحد أهم مصاديق ذلك فضلا عن العناوين الثانوية الاخرى والتي هي من مسؤولية رجال الدين بيانها للناس من باب تبليغ الاحكام وتوعية الناس!!!!!!
بقي سؤال في غاية الأهمية وهو ما هي الحاجة التي ذكرها السيد الشهيد الصدر (قدس) حينما قال ((نستطيع أن نقول ليس أكثر من ذلك وهو يفي بالحاجة على أية حال)) فما هذه الحاجة؟ واضح إنه يقصد بها النظر في أمور الشعب العراقي لأن الشعب وبعد أن مَنَّ الله عليه بقيادة رشيدة حكيمة ناطقة المتمثلة بالسيد الشهيد الصدر(قدس) بدأت مرحلة جديدة من التربية والترتيب للشعب العراقي بحيث بدأ الشعب بالتغير نحو الأفضل والتكامل بل بدأ الاهتمام بالمصالح العامة واضحاً بل تعتبر تلك الفترة من أعظم الفترات التي مر بها الشعب العراقي منذ تولي أمير المؤمنين (ع) الخلافة ولحد هذه اللحظة وستبقى إلى يوم ظهور صاحب العصر والزمان وقد أشار السيد الشهيد الصدر إلى هذا المعنى في الخطبة السنوية السابعة والعشرين حيث قال(( ومن هنا يمكن أن نلاحظ إن ما حصل هنا بهذه، صلاة الجمعة الملتزمون بها جميعاً إن شاء الله حصل هنا ما لم يحصل على مدى التاريخ لأي أحد)) انتهى فكان وجود السيد الصدر(قدس) وتصديه لهذه المهمة الرسالية العظيمة سبباً لهذا الخير وهذه النعمة حتى الناس بدأت تأكل من بين أرجلها حيث كانت سنة أمطار وخير والشيء المهم القوة الاجتماعية الذي حصل للشعب وللشيعة بالخصوص ونشر الوعي والثقة… ولا يمكن في حينها للثالوث المشئوم والطاغية صدام ومن وقف معهم السكوت على هذا الفتح المبين والنصر العظيم للإسلام والمسلمين واستعملوا كل الأوراق لأجل مضادة السيد محمد الصدر(قدس) وآخرها تصفيته واغتياله وكان السيد والواعون يعلمون برحيله سريعاً ومن جملتهم الشيخ عبد الستار البهادلي ولذلك سأله ما هو التكليف بعد زواله سريعاً والسيد أشار إلى الحاجة وهي الترتيب لأن الأمة في حال خسارتها للسيد الشهيد هذا يعني إنها ستخسر كل شيء ولكن السيد الشهيد(قدس) جنب الأمة الكثير من الخسائر عن طريق جوابه عن هذا السؤال وكذلك عن طريق وصاياه التي لازالت لحد هذه اللحظة نسمعها تصدح(( استمروا على صلاة الجمعة حتى لو مات السيد محمد الصدر….)) وغيرها كثير ولو رجعنا للجواب ونحن اقتصرنا على الجواب الأول هو في حال زواله سريعاً وأهملنا الجواب الثاني في حال إذا مدَّ الله في عمره وهو لم يحصل فلا يكون الجواب الثاني ذا فائدة لأنه بلا موضوع المتمثل في بقاء الشهيد الصدر(قدس) على قيد الحياة فلماذا يحاول الآخرون الصيد بالماء العكر وتضليل الناس إلى متى سيستمر هذا التضليل؟
من أهم الأمور التي قالها الشهيد الصدر(قدس) في هذا الصدد (( ينبغي إيجاد قيادة دينية داخل الحوزة)) انتهى
لماذا؟ يقول السيد الصدر(قدس) (( لأجل التفاف الناس حولها واستفادة الناس منها ))وكان السيد أشار إلى أن الله إذا مد في عمره فسوف يسعى إلى إيجاد هذه القيادة هو بنفسه وتكون قيادة كاملة يعني قيادة تقليد وقيادة ولاية تتمثل بالشخص الذي سوف يتعب عليه السيد من طلابه من بعض طلابه ولكن إذا مد الله في عمره يعني إذا تخرج لديه مجتهد أو عدة مجتهدين من طلابه ومن ثم يصبح من بينهم الأعلم وهذا يحتاج إلى وقت طويل يتجاوز عشرات السنين ولو حصل هذا بالفعل لما احتجنا إلى هذه المعمعة لأن السيد الشهيد الصدر(قدس) بشحمه ولحمه موجود آخذين بنظر الاعتبار إن الدورة الأصولية التقليدية تستغرق أكثر من عشر سنوات ودورة السيد الشهيد محمد الصدر(قدس) الأصولية تستغرق ضعف هذا الزمن كما أشار إلى هذا الأمر بعض المؤمنين وكذلك أشار السيد مقتدى الصدر (دام توفيقه) في مقالة نشرت في جريدة الحوزة بعنوان (حدثني الولي) حيث قال ما مضمونه (( إن دورته الأصولية تستغرق أربع وعشرون عاماً وهذا ليس بغريب لأن درس الشهيد محمد الصدر(قدس) الخارج في الأصول هو عبارة عن ثلاثة دروس خارج أصول في آن واحد فهو درس لأصول المحقق الخوئي(قدس) ودرس لأصول السيد محمد باقر الصدر(قدس) ودرس لأصول محمد الصدر(قدس) فمن الطبيعي أن تكون الدورة طويلة وهذا ما عبر عنه السيد الشهيد الصدر(قدس) بقوله(( إذا مد الله في عمري ))إذن إيجاد المجتهد من قبل السيد الشهيد الصدر (قدس) يعني القيادة الفتوائية والولايتية ولم يكتب لها النجاح بل هي تعاني إلى هذه اللحظة لأنه لحد هذه اللحظة لم يبلغ رتبة الاجتهاد من طلاب السيد وهو أمر ليس بغريب بعد رحيل السيد الشهيد الصدر(قدس) واكتفاء الطلاب بمجرد الإدعاء إدعاء الاجتهاد غفر الله ذنبهم وهدانا وهداهم إلى الصراط المستقيم بحق دم الشهيد الصدر (قدس) بل إنهم لم يسيروا على خطى السيد الشهيد الصدر(قدس) محل الشاهد إن هذه القيادة لم تحصل لأن السيد الشهيد غاب سريعاً عن الساحة وخلف بعده فراغاً وبعد خيبة الأمل من قبل الشيخ الفياض(دام عزه) وعدم رجوع الحائري(دام عزه) وبالرغم من ذلك مَنّ الله علينا بقيادة من داخل الحوزة لا تمثل التقليد ولكنها نجحت في استقطاب المؤمنين الذين التفوا حولها وكانت هذه القيادة تسير طبقاً للشريعة وولاية الشهيد الصدر الثاني(قدس) وتنطبق عليها المواصفات التي ذكرها فالترتيب نجحت هذه القيادة فيه نجاحاً باهراً واستفادت الناس منها قد حصل في ظل أصعب الظروف وهي ظروف الاحتلال وهجمة النواصب الشرسة ضد الدين والمذهب…. بل إن القيادة بنت مجدها بيدها بحيث إن الناس بعد أن جربتها التفت حولها… وهذه القيادة لم تطلب يوم ما الدنيا بل وأصبحت الممثل الوحيد لمطالب الشعب العراقي ومطالب الحوزة بل قامت هذه القيادة بما عجزت عنه المرجعيات والقيادات وما فشلت فيه فكل المرجعيات خدعت وهادنت ولم ترفض المحتل ولم تستنكره لا بالسر ولا بالعلن بما فيها قيادة اليعقوبي التي نتحداها إذا فكرت في أن تقف بوجه الاستعمار الذي لطالما رفضه السيد الشهيد الصدر(قدس) في خطبه في ظل ظروف التقية المكثفة ونظام صدام الهدام… هذه القيادة نحن لا نقيّمهابل التاريخ هو الذي يقيّمها وأبسط مثال على مصداقيتها هو حجم الظلم والاستبداد والاضطهاد الذي يمارس ضد أتباعها وقد ساهمت  هذه القيادة في تقليل السهم الأعظم من هذا الاستبداد….وقائد قلَّ نظيره كيف لا يكون كذلك وهو قد تربّى على يدِ السيد الشهيد الصدر(قدس) تربية خاصة إنها قيادة لا تمثل التقليد
والقائد هو السيد مقتدى الصدر (دام بقاؤه)