18 ديسمبر، 2024 7:03 م

قيادة الأبناء للآباء والطلبة للمعلمين،،، الإفساد بالتدليل ،

قيادة الأبناء للآباء والطلبة للمعلمين،،، الإفساد بالتدليل ،

(نظرة في دور التدريس الأهلي على الحركة التربوية والمجتمع)
مما يسيء الى مجتمع اليوم ويضيف الى أمراضه مرضا ويزيد من وهن عراه وهناُ آفة مخفية تلبست بثوب الحب وهي أخطر من البغض ، وتلفعت ببرقع الحرص وهي أكثر ضررا من الإهمال ، إنه تدليل الأبناء وتركهم على هواهم تبعا لرغباتهم ، وتسخير المال “حرامه وحلاله” طوعا لنزواتهم الفتية ولاجسادهم الطرية ولعقولهم التي مازالت غضة لاتفرق بين المصلحة والرغبة ولا بين أهمية صنع المستقبل أو ارضاء الصحبة.
كان آباؤنا يقسون علينا ومعلمونا أيضا وأيضا كنا نتذمر ولم نكن نرضى وأيضا كنا نلجأ الى بعضنا لنذكر سيرتهم بالسخط والغضب واللوم وشيء كبير من الاستغراب:”ياترى أبي لماذا لايحبني، ومعلمي لم لا يقبلني” ، فلما كبرنا عرفنا انما كان هو الحب بعينه والقبول والحرص بأحسن صوره الحكيمة البعيدة النظر فشكرناهم والى الآن في دواخلنا لهم توقير وامتنان،
نحن نخطئ اليوم بظننا اننا نتبع مع طلبتنا و ابنائنا منهحا عطوفا غير ذلك القاسي الذي اتبعه آباؤنا ومعلمونا لتعويضهم من الحنان والعاطفة مالم ننله نحن، ونسينا ان الحب واحد وان الحرص واحد وان الاب هو الأب ولايمكن ان نكون اكثر من آبائنا حبا ولا أكثر من معلمينا الاوائل حرصا ، إنما هو الوهم والضعف امام العاطفة والتضحية بالابن ومستقبله ورجولته واستقامته من أجل عاطفة آنية تجعلني آراه سعيدا راضيا مدللا ، وتلك هي الأنانية بعينها ، تركنا أبناءنا يضعفون ولم نقوهم وتركناهم ينعمون ولم يخشوشنوا ويتكلون علينا ولم يتخذوا لأنفسهم ثقة وعليها اعتمادا،
جاءنا أحد اولياء الامور معاتبا حول إبنه ،قيل له: ولكننا مسكناه يتعاطى مواد مخدرة وسكائر في حمامات المدرسة ، قال: أنتم عليكم تعليمه ولا دخل لكم بمايفعله بنفسه، وتركه سعيدا راضيا فخورا وذهب!
هذا من جهة الاسرة و ولي الأمر ، اما من جهة التعليم فان المدارس الاهلية جعلت القيادة والتوجيه للطالب و الامر بيده وهو الذي تجربته في الحياة لاتتجاوز خمس سنين وعمره لايتجاوز 18 سنة، اي غير راشد ومن ورائه ام عطوفه بعقل وعاطفة مراة تجري وراء مايريد واب محكوم او مغتر بمايملك ولايعي مايريد ابنه من تحطيم لنفسه وللمجتمع ، فان كان جيدا دراسيا انغر ودفعه زملاءه لتكوين مجاميع “كارتلات” لمناهضة النظم التعليمية الاصيلة والمدرسين الحريصين ففقد البوصلة ، و ان كان ضعيفا دراسيا أقلق الجو التعليمي من حوله وشوش على المدرس والصف دون رادع ، حتى بلغت الامور ببعضهم ان بداوا يتحكمون بنوعية مم يدخل عليهم من المدرسين وبتسيير انظمة المدرسة تحت ضعف الادارات وتردد او إهمال المشرفين ، او حتى خوف بعض المدرسين المستقلين المنفردين بعد ان انضم اغلبهم الى موجة سيطرة المال والدروس المدفوعة الاجور هنا وهناك ، وسياسة المستثمرين التي لانراعي التربية واصولها،
انا عرض علي التدريس في الاهليات ولما التقيت المستثمر قلت
هل انا اقود الطالب ام هو يقودني قال: يقودني ويقودك شيء اسمه التسويق يا استاذ ، الطالب يريد ملزمة ويريد تدليل ويريد الايتعب عقله ويريد كذا وكيت مما لاتقبله اصول التربية ويؤثر بالمستقبل على قدراته الذهنية بالتلقين والاسئلة المكررة و و ، فلن يكون لذينا بعد سنوات لا علماء ولا مفكرون ولا فنانون ولا أدباء ولا معماريون ولا اطباء بارعون ولاتدريسيون محنكون فينهار المجتمع ويتراجع ، قال :”إحنه ولد اليوم ، والسوق يتطلب هذا والاهالي وأبناؤهم” قلت :لا تنسى وطبيعة الاسئلة الامتحانية ايضا ، و أضفت : هل انت تربوي في الاصل؟ قال: لا ، ولكن التربويين يعملون عندي،
فلم نتفق وانصرفت.
في الحوارات القديمة كان الطلاب يقولون : احذر ان تفعل كذا المدرس لايقبل ، الان المدير المسكين المغلوب على امره يقول لي: “ارجوك خفف من الجدية فالطلاب لايحبون الحريص” والتربية لاتساندنا وقراراتها لاتحمينا ولاتجعلنا كما كنا قديما نوجه الطلبة ونربيهم ، حتى أصبح الطلبة يوجهون المعلمين والأبناء يقودون المربين ، ولاخير في قوم يتولى أمورهم حدثاء الأسنان ، وينحى جانبا حكماء الناس ومجربوهم والقادم اخطر،، والله المستعان.