23 ديسمبر، 2024 9:19 ص

قيادات فاسقة تخطف فرحة الأعياد من الشارع العراقي !

قيادات فاسقة تخطف فرحة الأعياد من الشارع العراقي !

ماجينة ياماجينة حلّوا الجيس وانطينا . يا أهل السطوح تنطونا لو نروح ؟ هكذا كان طيب المنادي بقدوم عيد الفطر المبارك فيتسابق اهل البيت لتقديم الشكر ومعه ماتجود به اياديهم من كرم من خلال مواد عينية او مادية .

هذه واحدة من طقوس المجتمع العراقي وهي تستقبل ايام العيد بالملابس الجديدة واغنيات الأطفال واستعدادهم وهم يهتفون ( باجر عيد ونعيد وناكل مركَة سعَيِّد . وسعيِّد كَرابتنه ونذبح له دجاجتنا ) فتأتي ايام العيد وينتشر الناس في الساحات الفارغة التي تحولت بين ليلة وضحاها الى ساحات العاب مصنوعة من الخشب وجذوع النخيل فينتعش الأطفال وهم يركبون الأجواء بأستخدام ( المراجيح ) ودواليب الهواء ومعها الأزياء التي تتغير ستة بعد أخرى من الدشاديش التي تتوشح بالخطوط الملونة الى بناطير عريضة من الأسفل مايطلق عليها ( الجارلس ) اما النساء فلهن ازيائهم التي لاننسى منها مايسمى في ذلك الزمان ( مني جوب ) .

كانت الطيبة تفوق افراح العيد بل هي من يصنع الفرح الحقيقي . رغم ان الأزياء كانت متلونة ومتعددة لكننا نلحظ الأحترام والأجواء التي تنم عن حسن نوايا بعيدة عن الأساءة كون الجميع يشعر بالمحبة الأخوية التي تزيد من البسمة والفرح لدى المجتمع .

ذلك الزمان الجميل كانت لمصلحة نقل الركان هيبة وهي تنقل الناس في وقد محدد وارقام لباصات معروفة لاتتغير مع مرور الزمن فكل واحد منا يعرف رقم الباص الذي ينقله الى المنطقة الفلانية او المنطقة الأخرى ولاننسى الأخلاقيات التي كانت موجودة فلايمكن لشاب ان يجلس في باص بينما رجل كبير السن واقف او أمرأة تقف ورجل جالس . هكذا تربينا في المجتمع يحترم بعضنا للبعض الآخر دون نفاق او دجل . وأن كل ماتعلمناه كان بفضل التربية البيتية والمجتمعية وتربية المدراس ولم نذهب الى الجوامع او الى الحزرة لننهل منها تلك التربية كون مجتمعنا اساساً أصيل .

في ذلك الزمان كانت وزارة واحدة هي وزارة التربية والتعليم وكانت للمدارس الابتداهية هيبتها الناتجة هن احترام الأسرة التربوية لمهنتها فهي تتسابق في كيفية ايصال المعلومة للتلاميذ وكان التلميذ في الثالث الأبتدائي او الرابع يتمتع بخط جميل وقوي ناتج عن جهود كبيرة يبذلها المعلم مع التلاميذ . اتذكر عندما كنا في الصف الرابع طالبنا الأستاذ صباح مدير مدرستنا الأبتدائية في الديوانية طالبنا بتأمين سجلات وان نكتب كل يوم خمسة اخبار على الأقل منقولة من الصحف والمجلات العراقية وقد نجحنا وكان اصرارنا واضح في التنافس وعوائلنا فرحة جداً وهي تعطينا يومياً مبلغ مقطوع لشراء الصحف فكانت النتيجة هي زيادة في التعلم ومعرفة عن احوال العالم وتفوق في التعليم فضلاً عن خوف كبير من الأسرة التعليمية ناتج عن احترام كبير لها .

في هذه الأجواء ومن نتاج تلك المراحل التي مرت على المجتمع العراقي وصلنا الى محو كامل للأمية ومعها تطور في جوانب متعددة أدت الى قلة الوفيات وغياب تام لأزمات السكن او البطالة وكنا نمارس الطقوس بشكل حضاري وخاصة تلك الطقوس التي تجري في ايام محرم ومن يقول بعدم ممارستها انما هو مخادع وكذا ولكن كانت الممارسات حضارية مهذبة لاتقطع شارع ولاتؤدي الى ايقاف عمل ولايمارسها منافق يسرق في الليل ويلطم في الليل والجميع يعرف المواكب التي تقدم الخدمة للنا ففي مدينتنا الديوانية على سبيل المثال لايمكن لنا ان ننسى الحاج صاحب عكموش رحمة الله واولاده بعده وهم يقدمون الخدمات للناس كما لاننسى الحاج هندي الذي كان يقدم الغذاء في ايام محرم الحرام .

بعد ان جائت الأحزاب بدأت عمليات الأنتهاكات لحقوق الناس ومصادرتها بشكل واضح وجلي . وبدأت فصول المآسي والأحزان تنتعش في المجتمع العراقي نتيجة للحروب التي اشعلها النظام السابق لتخلف مآتم وأرامل وأيتام وليحل الحزن محل الفرح وليقل عدد المحتفلين في الأعياد وبعد ان انتهت الحرب مع ايران شاهدنا الفرح الكبير والعارم لدى المجتمع العراقي الذي سأم الحرب التي اشعلها النظام بدفع من امريكا وأطالت أمدها ايران لتخلف الآلاف من الضحايا والتخريب !

ولم تمض اكثر من سنتين حتى دفعت امريكا صدام لدخول الكويت ليبدأ فصل جديد من المآسي والأحزان للمجتمع العراقي نتيجة للعدوان الأمريكي المتواصل والحصار الظالم الذي قتل الأطفال والشيوخ والشباب والنساء .

ومن ثم جاء الأحتلال الأمريكي بحجة التحرير ولتنطلق مسيرة كارثية من القتل الممنهج للعراقيين ونهب ثرواتهم أسست له امريكا ولينفذه عملائها في العراق منذ العام 2003 وحتى اليوم ! فلم يحصل الشعب العراقي من لعبة الديمقراطية سوى القتل والترهيب والتفخيخ وزرع الفتنة واشاعة الأرهاب داخل محافظات العراق نتيجة لسياسات مجنونة مارستها قيادات عراقية فاسقة باعت ضمائرها للأجنبي مقابل حسابات خارجية وعقارات سحت حرام حتى استحال العراق اليوم الى ان يكون شعب مهجر نازح مظطهد ومسؤولون فاسقون ينهبون خيرات البلد بينما الفقر ينتشر والعشوائيات تزداد كما يزداد عدد المتسولون في الشوارع والطرقات فتباً لمن خرب العراق ليبعد عنه افراح العيد وزاد في ايتمامه وأرامله وانا لله وانا اليه راجعون

[email protected]