18 ديسمبر، 2024 9:37 م

قوة دولة الرئيس ( المالكي) تتجسد في ضعفه ..!!

قوة دولة الرئيس ( المالكي) تتجسد في ضعفه ..!!

كانت خيارات الرئيس الأمريكي الأسبق بوش الابن محدودة جدا ، أن لم تكن معدومة فعلا ، فإستراتيجيته العقيمة التي كانت آخر طلقة في جعبته قبل نهاية حكمة ،
وتمثلت باحتلال العراق عام 2003 .
لم تحقق إي تقدم حقيقي على صعيد وقف إعمال العنف التي حصدت وتحصد أرواح العراقيين لحد هذه اللحظة ، وتدفعهم للهروب إلى مناطق آمنة في دول الجوار.
وإذا حققت تقدما طفيفا في العاصمة بغداد، فان الهجمات تضاعفت في المحافظات الأخرى ،
لان الذين يقفون خلفها انسحبوا إليها ، وهذا ما تفسره المجازر والاغتيالات والتفجيرات والاعتقالات والاغتصاب والإقصاء والتهميش وإثارة الفتن أبرزها الطائفية المذهبية والقومية.
السيد المالكي دولة رئيس الوزراء المبجل يترأس حكومة مهلهلة ، تعيش عزلة غير مسبوقة
ولا تحظي بأي تأييد حقيقي في أوساط اقرب الحلفاء إليها حتى من حزبه الدعوة ، فنصف وزرائها إما مهمشين رسميا ،
أو مقاطعين لأسباب متعددة .أو ليس لهم وجود غير العنوان والاسم . أو تم سحبهم من الوزارة .
وهذه حكومة من المفترض أن تحقق المصالحة الوطنية وتعكس جميع ألوان الطيف السياسي العراقي أو معظمها .
هناك شبه إجماع في أوساط ساسة هذا العالم اليوم على فشل السيد المالكي في مهمته ، فجميع وعوده في تحقيق الأمن ، وانجاز المصالحة الوطنية ، ودفع عجلة التنمية والخدمات الأساسية لم تترجم عمليا على الأرض ، بل ما حدث هو العكس تماما ، فإلى جانب انسحاب الكتل السياسية الفاعلة من الحكومة وأخرها القائمة العراقية ، تزايدت الهجمات التي تستهدف المدنيين المعتصمين والمتظاهرين بطريقة حضرية وديمقراطية تم رميهم برصاص حكومي ، وتجلي فشل القوات الأمنية التي من المفترض إن تستلم المسؤولية بكل همه بعد انسحاب قوات الاحتلال من العراق نهاية عام 2011 ، في هروب نصف منتسبي الجيش الأمريكي الخائب المكسور على الأقل، وبيعهم أكثر من 190 إلف قطعة سلاح تسلمها هؤلاء من القوات الأمريكية ،
ذهب معظمها إلى القوات المرتزقة الإيرانية أو الميليشيات الطائفية باعتراف القيادة العسكرية الأمريكية نفسها .
قوة دولة رئيس الوزراء العراقي السيد المالكي تتجسد في ضعفه اليوم ، وعدم وجود إي بديل مناسب أو حتى غير مناسب له ، وهذا هو سبب الارتباك الأمريكي تجاهه وذهبت الادارة الأمريكية والكونغرس تضرب أخماس في أسداس ، وخرج بعض قادة الأمريكان اليوم بتصريحات علنية قال فيها إن التقدم السياسي في العراق مخيب للآمال ،
وان الدعم الأمريكي لحكومة المالكي ليس صكا على بياض ، ولكن هؤلاء جميعا لا يملكون غير الكلام وترديد ما يردده معظم المراقبين، ويبدون عاجزين تماما عن فعل إي شيء .
الرئيس اوباما قال قبل أيام أن إسقاط حكومة المالكي شأن خاص بالعراقيين يقصد المتظاهرين في محافظات العراق ولا يخص الساسة الأمريكيين ، سبحان الله ،
وكأن العراقيين هم الذين وضعوا أسس العملية السياسية الحالية التي جاءت بحكومة المالكي الطائفية ، وهم أيضا الذين يديرون شؤون بلادهم، واختاروا وجود مئتي ألف جندي أجنبي على تراب بلاد الرافدين معظمهم من الأمريكيين وحلفائهم البريطانيين .
الطريقة الوحيدة لإسقاط حكومة المالكي هي في إجراء انتخابات تشريعية جديدة ، وهذا أمر شبه مستحيل ، لعدة أسباب أبرزها فقدان ثقة العراقيين بالعملية السياسية الحالية برمتها وكل ما تفرع عنها من مؤسسات، فالديمقراطية المزعومة باتت مرتبطة في أذهانهم بالخديعة وانعدام الأمن ، وتصاعد إعمال العنف والإرهاب ،
والحرب الأهلية الطائفية والتطهير العرقي، والميليشيات الدموية ، وفرق الموت ، والتعذيب والبطالة ومليوني قتيل على الأقل منذ قدومها مع قوات الاحتلال الأمريكي حتى أصبحت الديمقراطية اخطر من الدكتاتورية لان ديمقراطيات الربيع الهمجي أصبحت لها أنياب أكلت أبناءها في تونس وليبيا ومصر واليمن وسورية والعراق الحالي .
العراقيون في الماضي كانوا ينخدعون بكلمة الديمقراطية والانتخابات العامة الحرة ، التي أدمن المسؤولون الأمريكيون ترديدها ، لأنهم اعتقدوا أنها ستجلب لهم الأمان والرخاء ، ولكن بعد إن شاهدوا ما حل في بلادهم من خراب وتمزيق ، وبعد أن رأوا الساسة الفاسدين الذين أنجبتهم هذه الانتخابات وعمليات النهب العلنية التي مارسوها لثروات البلاد ، كفروا بهذا المصطلح ، وباتوا يحنون ، أو معظمهم إلى أيام الدكتاتورية ،
ولعل ما قاله الرجل الذي كان الأكثر حماسا في إطاحة تمثال الرئيس العراقي الأسبق الراحل صدام حسين في ساحة الفردوس ، من انه لو كان يعلم بان الأوضاع ستتدهور في بلاده إلى هذا الحد لما كان أقدم على ما أقدم عليه ،
فالشيطان الذي تعرفه أفضل من الذي لا تعرفه مثلما قال بالصوت والصورة في فيلم وثائقي بثته القناة الرابعة البريطانية المستقلة قبل بضعة أشهر .
فإذا كانت الأوضاع في العراق تتحسن ،
والانتصار بات وشيكا مثلما يردد الرئيس الأمريكي الأسبق الابن في خطاباته ،
فلماذا يتشرد خمسة ملايين عراقي نصفهم لجأ إلى الأردن وسورية ويعيشون في ظروف صعبة ومؤلمة ، ويغادر 50 ألف عراقي شهريا حسب إحصاءات الأمم المتحدة .
وإذا كان الأمريكيون والأوروبيون والإيرانيون ودول الخليج الذين أيدوا احتلال العراق وتغيير نظامه حريصين فعلا على الشعب العراقي مثلما كانوا يرددون دائما ،
فلماذا لا يفتحون أبواب بلادهم لاستيعاب هؤلاء، أو تخصيص معونات كافية لتوفير لقمة العيش والخدمات الأساسية لهم في الدول المجاورة ؟
الرئيس الأمريكي اوباما يبحث عن كبش فداء لسياساته الفاشلة في العراق ،
ولذلك يلقي بالمسؤولية على السيد المالكي،
وعلى الشعب العراقي نفسه ، وكأن هذا الشعب في أفضل أحواله ويملك أدوات التغيير، مثله مثل الشعب الأمريكي، الذي يملك مؤسسات دستورية راسخة، وحريات ديمقراطية متعذرة ، وصحافة حرة .
ارتباك الرئيس اوباما ، بين سحب الثقة بحكومة المالكي ، ثم تجديدها ، هو بمثابة رصاصة الرحمة على الرجل وحكومته ، لأنه سيدفع الجماعات المعارضة له ،
مثل التكتل السني والجماعات الصدرية وحزب الفضيلة ورهط البطاط إلى التشدد في مواقفهم ، ورفع سقف مطالبهم ، كما سيعطي انطباعا لفصائل المقاومة العراقية بان انتصارها بات وشيكا ، وهو كذلك فعلا .
الأرجح أن الحكومة الأمريكية تحاول المناورة .
انتظارا لصدور تقرير أممي جديد تدخل القوات الأمريكية في العراق من جديد وللمرة الثانية ، المتوقع خلال الأشهر القادمة إكراما وتقديرا لأبناء عمومتنا في كافة دول الخليج ليس من اجل زرقة عيون العراقيون إنما الخوف من إيران .
وهذه الحقيقة المرة التي لا يتحدث فيها احد ، ومن المؤكد انه سيؤشر إلى انهيار مشروع الاحتلال الأمريكي في العراق،
وسيؤكد هزيمة الحكومة الأمريكية وإدارتها الفاشلة في الشرق الأوسط الجديد.