22 مايو، 2024 5:24 ص
Search
Close this search box.

قوة القرآن…احمد القبانجي اسئلة قديمة في منهج خاطيء

Facebook
Twitter
LinkedIn

الدين في توسع والفكر في ضيق مايستدعي السؤال عن سر استمرار الفيدا والتوراة والانجيل والكنزربا والقران والكتب المقدسة لدى ديانات اخرى.
تصنع الهند القطارات والسيارات والطائرات وبرامج الكومبيوتر والهنود هم الذين نتعالج عندهم الان وهم الذين اسسوا لعاصمتنا المجاري فاخذها للهندوسية بالتاكيد لايعود الى عامل الجهل او ان الدين قد لايصنع التخلف بالضرورة.
اوروبا هي القارة الاكثر تطورا في الاجتماع والصناعة والزراعة وكافة العلوم وهي ذات الوقت مركز عقيدة التثليث وهي زعيمة المسيحية اليهود هم الاكثر حصادا لجوائز نوبل في العلوم وهم اهل التوراة والسبت.
كما قلنا في ( الثابت الطبقي) فان مراكز الدين لو اضيئت على شكل نقاط مصباحية لرايت الارض من السماء اشبه بشمس ساطعة. هذه خواطر وحسب لاعلاقة لها بالعنوان.
ينشط السيد احمد القبانجي وهو مفكر مخلص مع نفسه ومع مخاطبيه ولا توجد لديه اية دوافع خارج روح البحث والا لو كان ذلك لطلب المنفعة عبر علاقاته الاسريه وايضا فان مايقوم به انما يجر عليه الضرر وهذا شان الناس الذين يملكون فكرتهم الخاصة، ينشط السيد في نقد القران وعندنا هنا ملاحظات على عمله.
منذ ظهورة في جزيرة العرب دعا القران الناس لنقده ودخل معهم في تحد وحاججهم في اثبات مصدره ونزل معهم الى مستوى الاية ياتون بها لتماثله وبصرف النظر عن النتيجة فان نقد القران ليس بجديد وقد ظهر افراد وجماعات تخصصوا في ذلك وكان اكثر الناس تشبه اسئلة السيد احمد القبانجي اسئلته هو ابن الراوندي نسبة الى راوند مدينة بين قم واصفهان وهوعلى نفس المذهب الذي عليه السيد القبانجي وقد اشتهر عنه نقد طبيعة الجنة فقال ان اللبن لايشرب الا على الجوع
والعسل لايمكن الاكثار منه والاستبرق غليظ الديباج والزنجبيل ليس بطيب وذهب الى ضعف الملائكة الذين لم يستطيعوا قتل سوى ٧٠ شخصا في معركة بدر فهذه المقولات ليست بجديدة انما اضاف اليها السيد القبانجي ( طولة مطايا) و ( حظيرة اغنام ) في وصفه للجنة.
هناك ثلاث مدارس في نقد القران بعصرنا الحاضر
مدرسة الناقدين من وجهة نظر دينية مخالفة
مدرسة الناقدين من وجهة نظر اجتماعية
 مدرسة الناقدين بحثا عن الحقيقة المجردة
يقع السيد احمد القبانجي بين المدرستين الثانية والثالثة وهو محسوب بصورة محسوسة على المدرسة الثانية اذ يظهر على الدوام يربط بين القران وحركة الحياة واغلب مقولاته تقع في علم الاجتماع رادا مايعتور المجتمع من ظواهر الى مايمكن تسميته (المشكلة القرانية).
بهذا لايمكن الرد على اي مقولة للسيد احمد القبانجي اولا لانه شفاهي ومن مسلمات البحوث العالية ان تكون مكتوبة وثانيا لان مقولاته موزعة على اشرطة غير مكتملة فلا يدرى اخر الكلام بعد اوله وثالثا لايميز السيد القبانجي نفسه فيما اذا كان امام مشكلة اجتماعية ام انه في خضم بحث عن حقيقة كتاب اسمه القران.
بحث القران بحث متخصص لايمكن النزول به الى مستوى العامة وهو لايختلف عن اي بحث اخر في الشروط اذ لايوجد عالم احياء او كيمياء او فيزياء او فلك يجلس وسط جمهور لكرة القدم ويجري بحوثه والذي يظهر من كل بحث هو النتائج التي تنشر على العامة فياخذون بها لتحسين شروط حياتهم.
مع ذلك يمكن ذكر التالي كدليل على ان السيد احمد القبانجي لايمكنه هزيمة القران بالبساطة الظاهرة التي يمارسها في تفكيك النص القراني الى حد السخرية من ركاكة سور بعينها كما يفترض.
عملت ثلاثة اجيال المانية مشهورة برصانتها على كتاب تاريخ القران الصادر باسم ثيودور نولدك وهو واحد من اعظم الكتب التي صدرت حول القران قديما وحديثا وربما لالف سنة قادمة وقد تضمن الكتاب الاشارة الى جهود جولدتسيهر وفايل وبحاثة غربيين اخرين وكان العمود الفقري لاي قراءة متانية لهذا الكتاب هو سؤال من اين جاء القران؟
تعمل وفق ماافترض لجنة اوروبية من زبدة العلماء على دراسة مصادر القران اي ان القضية ليست كما ذهب السيد القبانجي تنتهي بمقولة ان القران مستحيل ان يكون من الله او مقولة ان محمد بن عبد الله جاء بالقران من عنده.
ان السؤال اليوم في عالم البحث الرصين
القران من اين؟
عندما يدرس السيد احمد القبانجي وليم شكسبير وفيكتور هوغو ودستوفيسكي وماركيز وعندما يلم بلغات العالم والكتب المقدسة ويلم بامهات الكتب القرانية مثل معاني القران للنحاس واعجاز القران للباقلاني وجمع القران للسيوطي والتفاسير السرية والعلنية ومعاجم اللغة العربية وربما حين يلتقي فاضل صالح السامرائي بالتاكيد سوف يجد نفسه قد تسرع كثيرا وانه انزل البحث العالي الى مستويات لا تختص بذلك.
سقت للسيد احمد القبانجي امثلة على خطأ مقولاته بشأن الجنة في القران لكنه اعتذر عن سماعها بحجة ان تعارفنا ليس للبحث ومن بين مااذكره قولي ان البحث هو هدف لاي تعارف بين العقلاء.
المبنى الاساس  عند السيد الموقر ان الجنة في القران هي عبارة عن مكان للذات الحسية فلا عواطف ولا عمل وانها مجرد اكل وشرب.
فنقول
لايوجد اي قيد على اية ( قل اعملوا) بانها مختصة بالدنيا، ذكر القران عاطفة الصداقة فقال ( ولا صديق حميم) وذكر عاطفة الاخوة فقال (‬اخوة على اسرة متقابلين) وذكر عاطفة الابوة فقال ( الحقنا بهم ذريتهم) وفي دفن ابنه قال النبي محمد ان له مرضعة بالجنة فكيف يكون رضاع بدون امومة وبعد فان الارض كرة لاتعدل ذرة رمل الى المجرة وعليها مليارات البشر فهل تضيق الجنة بسكانها ان يتكاثروا ويكون لهم ذرية ثم ان الجنس في الجنة لايتم عبر نساء جالسات على قارعة الجنة بل هو زواج ( زوجناهم) لكن لانعلم شيئا عن كيفية هذا الزواج والجنة مكان والنار مكان  والجنة فيها عمل بدليل ( وفاكهة كثيرة لامقطوعة ولاممنوعة) اي ان جهدا يبذل فيها ومع ان هذه ليست رسالة في الجنة الا ان جنة القران ليس كما ذهب السيد طولة مطايا بل مكان شديد التطور الى درجة انها تحتاج الى دورة تعريفية (  ويدخلهم الجنة عرفها لهم) على ان اعظم مافي الجنة هو اعظم ماتبحث عنه البشرية اليوم وهو السلام فالانسان يقضي عمره خائفا من الاعداء من حيوان وبشر وامراض وجوع واذا قدر له ان ينعم بالامان فسيظل خائفا من الموت والسيد الجليل يعلم قاعدة ان اللذة هي دفع الالم فليس في حياتنا لذة انما سلسلة الام نحاول التخلص منها واكبر تنظيمات في عصرنا كالامم المتحدة ومجلس الامن الدولي لاحظ اسمه مجلس الامن فاول مايجده صاحب الجنة السلام ( ادخلوها بسلام امنين) ومع السلام والامن الخلود والذي لم يقف عليه سماحة السيد ان الجنة درجات اي منازل العالم مع العالم والنبي مع النبي وكل فئة مع فئتها وهذا منصوص عليه قرانيا فالمكان يخضع لشروط نوعية المماكنين على ان  اللذة التي اغفلها السيد وهي منتهى مطلب البشرية من اولها الى اوسطها حتى اخرها هي الرؤية فالبشرية كانت على الدوام مشغولة بالسؤال عن الخالق وفي الجنة هناك لذة المعرفة ( الى ربها ناظرة) ونحن لانعلم كيفية الرؤية وقد افترض علماء بخيال خصب على ان حاسة جديدة تضاف الى الحواس الخمس وقد تكون مليارات الحواس فمن يعلم مايجري في الجنة وابن عباس يقول ليس في الاخرة من الدنيا سوى الاسماء.
لو درسنا القران لعرفنا ان الجنة ليست غابة متشابكة من الحشائش والاشجار بل هي بناء عمودي ( غرف من فوقها غرف مبنية) واخر افقي وثالث على شكل خيام وفيها نظام اجتماعي متكامل يسوده الحياء والخجل والشرف  والعفه ( مقصورات في الخيام).
ان الذي اوهم السيد احمد القبانجي في الجنة هي الرسومات المسيحية التي تصورها على شكل رجل وامراة يجلسان عريانين تحت شجرة تفاح او التي تصورها
كتابات الشراح المسلمين على شكل بوفيه مفتوح من الاكل والشرب والنسوان.
كان على السيد احمد القبانجي ان يدرس صورة الجنة في القران وليس في ماتخيله هو عبر خيال الاخرين .
يملك القران قوته الخاصه وهو ليس بحاجة لدفاع الشراح المسلمين بل ان بعض الشروحات هي التي ادخلت الوهم على الاذهان وهذه الطاقة الخاصة خضعت ايضا لملاحظة المستشرقين فوضعوا فيها نظريات منها تاثر القران بالمستوى العمري للنبي واذا كان جولدتسيهر وفايل راحوا يبحثون عن كتب اسمها اساطير الاولين وصحف ابراهيم وموسى ليعرفوا مصادر القران فكيف تسنى للسيد القبانجي ان يقول لنا بكل هذه البساطة ان القران ليس من الله دون ان يتعب نفسه بالبحث عن مصدر جديد يضعه مقابل السؤال الذي استمر خمسة عشر قرنا القران من اين؟
وهل لبشر بمفرده وبتلك الظروف ان ياتي بالف الف كلمة اي مليون كلمة كما يقول عمر بن الخطاب في رواية عالجها السيد ابو القاسم الخوئي ولايمكننا التفصيل فيها وسواها لان بحث القران كما قدمنا بحث الخاصة مع الخاصة ومهما كانت المقولات فانه ليس بالضرورة ان تشرك العامة في كل الامور ففي ذلك كمن ناتي بالجماهير الى مفاعل نووي ونقول لهم اننا نحترم حقكم بالمعرفة فتفضلوا شاركونا بهذا العمل.
اجد هذا السيد الفاضل طارح اسئلة قديمة بدون اي منهج بحثي انه شخص مخلص يحاول اصلاح جماعة فسدت حياتها وارواحها ودعوات الاصلاح قد تدوس على جسد الحقيقة واكاديميا لايجوز الخلط بين البحث العلمي المجرد وبين وجود مشكلة في الخارج.
ان مدرسة الحقيقة للحقيقة هي اللائقة فقط بدراسة القران اما بقية المدارس فليس لها اي قيمة وسيظل ماتقوم به منقوصا تبعا لخضوع البحث الى الغايات علما ان العالم الاسلامي يخلو هو الاخر من اي مدرسة تتبنى منهج البحث عن الحقيقة في دراسة كتب الاخرين والبحوث والدراسات كلها تصدر عن منهج عقائدي.
القران موجود مستقل بذاته يملك قوته الخاصة وهو بين ايدي الناس يطلب الحوار وفيه من الخصائص الذاتية مايغني عن دفوعات الاخرين والتعرض له بالنقد يفترض ان يكون ضمن منهج علمي فما هي الفرضية التي يضعها السيد القبانجي لتفسير وجود القران واستمراره والعجز عن تفنيده ولماذا يظل حيا في وقت يموت اي كتاب بعد صدوره بعشرة سنوات كاعلى تقدير؟
هل تتامر الناس على فهمها مثلا ام ان هناك قوة بوليس تفرض القران على الحياة بالقوة؟ ام ان هذا الكتاب له شان سماوي بالفعل وان السيد احمد القبانجي يتعامل معه بانتقائية شديدة فهو يشرح مثلا سورة الهمزة ليلمزها بينما لايتطرق الى البناء الكلي ومعلوم ان فهم اي ظاهرة يتم عبر وضع نظرية شاملة تفسرها.
ان الاخلاص للحقيقة غير الاخلاص للجماعة.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب