الحكومات في كل بلدان العالم تواجه الفشل مثلما تحقق النجاح في تنفيذ اهدافها وبرامجها التي وعدت بها ناخبيها وغالبا مايكون السبب في الفشل هو سوء التخطيط او الادارة واحيانا يكون نتيجة ازمات طارئة تمر دون سابق انذار فيسعى الشعب الى تغيير تلك الحكومة وانتخاب وجوه جديدة قادرة على تحقيق النجاح.. بعض الشعوب لا تنتظر الكوارث تحصل حتى تغير حكوماتها فحالما تشعر عبر مجساتها المعروفة مثل الصحافة وجهات المعارضة ان الحكومة عاجزة عن ادارة شؤون البلاد وتحقيق او صيانة التقدم فتقوم باجراء التغيير والبدء من جديد.. هذا السيناريو ليس بدعة او اختراعا او شيئا جديدا فهو حدث ويحدث في كل بقاع العالم وهو ايضا حق دستوري للناخبين في كل بلدان العالم ومنها العراق ، فلماذا لايستطيع العراقيون تغيير حكومتهم؟..
حين يكون الشعب موحدا يكون قادرا على الفعل.. حين يكون واعيا يكون قادرا على تحديد معطيات النجاح والفشل، وحين يمتلك الشعب ارادته يكون هو صاحب القرار وسيد نفسه ، اما اذا فقد الشعب تلك المؤهلات فلن يكون سوى لقمة سائغة بيد كل من هب ودب سواء من داخل او خارج الحدود، والعراقيون اليوم وللاسف ليسوا موحدين والغالبية العظمى ليست بقدر كاف من الوعي لمعرفة طبيعة مايجري وافاق المستقبل القريب او البعيد، وايضا لايمتلكون الارداة نحو بناء حاضرهم وتامين مستقبلهم، ولكل ذلك فقد تكالبت القوى الاقليمية الطامعة والقوى الدولية المتجبرة الحالمة بالهيمنة على نهش هذا الشعب وسلب ثرواته وتحطيم روحه الوثابة التي ازعجت قوى التخاذل العربي المحيطة به على مدى اربعة عقود خلال العهد الوطني الذي يسمونه الان بالعهد البائد.. وجعل هذا الشعب يعيش مع الفشل حتى يصبح جزءا من سلوكه اليومي ونمطا لمعيشته ليشكل قاعدة لانهيار تام بعد ان يمارس هذا الشعب تمارين مقارنة السيء بالاسوأ فلم يعد امام انظاره مشهدا براقا للنجاح ليعتز به ويضعه قاعدة لمقارنة السلوك الحكومي او الديني او الاجتماعي. والامثلة على ذلك كثيرة، فحين يسمع العراقيون ان رئيس الكتلة الفلانية قد تسلم اموالا من الدولة الفلانية فالامر لم يعد يثيرهم لان كل السياسيين الحاكمين الان هم عملاء لهذه الدولة او تلك، وحين يسمعون عن فساد بقيمة مليون دولار فالامر عادي جدا فهم يعرفون ان ملياراتهم سرقت اصلا دون حساب او رقيب، وليس غريبا عليهم الان ان يسمعوا ان السياسي الفلاني زار اسرائيل، ففلسطين لم تعد تهمهم اصلا لعمق مأساتهم متناسين مآثرهم البطولية في مواجهة الصهيونية واطماعها، ويفرحون كثيرا حين يسمعون عن عملية خطف واستلام فدية واطلاق سراح المخطوف لان اغلب عمليات الخطف تنتهي بقتل المخطوف رغم استلام فديته،لم يعد العراقي ولا مرجعيته التي يتغنى بها ويعول عليها (واهما موهوما بوطنيتها الزائفة) يهتم ولن يهتم ايضا لاغتيال هادي المهدي او اختطاف جلال الشحماني وهما يمثلان روح واصالة العراقي الثائر وامل المستقبل والثورة المطلوبة، كما لم ينتفض العراقيون حين شاهدوا الميليشيات الايرانية المجرمة وهي تهاجم متظاهري الناصرية، بل لم يهتم شيوخ الناصرية ذاتها الذين يتغنون رياءا بالرجولة والشرف وهم يشاهدون ابناء عشائرهم يضربون بالعصي الايرانية وامام قوى الشرطة والامن
الداخلي، هؤلاء الشيوخ كغيرهم في كل ارجاء العراق يسعون الى الفصول العشائرية ان حصل حادث شتم او عراك بسيط او تصادم سيارة باخرى، فتراهم يظهرون رجولة ما بعدها رجولة ولكن حين يضيع الوطن ويضرب شبابهم بعصي الميليشيات العفنة تراهم خانعين ساكتين كالنساء..
ولم يعد هناك داع للاكتراث حين يسمع العراقيون تصريحا من السياسيين الكرد يدعو الى الانفصال، فهم لم يلمسوا من هؤلاء سوى التآمر والحقد على العراق ومحاولة الحصول على اية مكاسب ممكنة حتى ولوكان ثمنها دماء العراقيين كافة، دون ان يفكروا ويعوا ماذا يعني الانفصال وماهي طموحات الكرد واية جهة ستفاوضهم وهم يحلمون بحدود تتجاوز كركوك لتصل الى بدرة وجصان،وبعد ذلك اصبح من السهل تماما الحديث عن اقليم السنة واقليم البصرة واقاليم المحافظات فلم يعد لدى الشعب مايخسره وربما يعتقد ان تغييرا مثل هذا قد يعود عليه بنفع ما، لم يعد هذا الشعب يفكر كثيرا، ولم يعد يتسائل كثيرا ولم يعد يرى الصورة واضحة امامه، وليس المشكلة في شعوره بانه قد خسر كل شيء بل الطامة الكبرى انه فقد الامل بمستقبله وهو يرى الفارق الكبير والفجوة العظيمة بين الحضارة الكونية القائمة وبين التخلف والتردي الذي يعيشه والذي يقوده رجال الدين الدجالون والسياسيون العملاء الجهلة، واصبحت غالبية الشعب وللاسف اتكالية فهي ترجوا المرجعية ان تقوم بالتغيير نيابة عنها متناسيا ان المرجعية وحسب اعترافات رامسفيلد هي التي باعت العراق للاميركان بمبلغ لن يغطي نفقات الاحمق محمد الدراجي او احد الشياطين من عائلة الكربولي حاليا، وتحول هذا الشعب من التغني والتفاخر بحضارته وبنجاحاته المعاصرة الى التغني ببواسير همام حمودي واسنان كمال الساعدي وجنون الجعفري وحريم السلاطين عمار الحكيم وباقر صولاغ، اتجه الشعب ومثقفوه اليائسون الى تسفيه معاناتهم ومحاولة خلق فرص للتندر والتنفيس عوضا عن استحضار الغضب واستنهاض الهمم ومقارعة الظلم والظالمين..
حين تفشل الحكومات تستعجل الشعوب تغييرها، ولكن اذا فشل الشعب فهل هناك من تغيير؟..
2
العراق مر بظروف واوضاع يكاد يكون متفردا بها دون بقية شعوب الارض، حتى وصل الحال في الكثير منها الى مايشبه حاله اليوم تماما من الشعور بالعجز والياس التام والاتكال على قوى اخرى وانتظار انتصار قوة دولية على اخرى وايضا الشعور باننا بذلنا كل جهدنا دون ان نصل الى مبتغانا، جيل اليوم عليه ان يقرأ تاريخ الحركة الوطنية العراقية منذ تاسيسها في فترة الحكم البريطاني والى الان ليكتشف ان التغير الوحيد وعدم التطابق الوحيد القائم هو الفارق الحضاري بين الحقبتين الزمنيتين، اما الدوافع الاستعمارية والنضال الوطني اتخذ في كل الحالات ذات الوتيرة ، فاهداف بريطانيا عام 1914 لم تختلف مطلقا عن اهداف اميركا عام 2003 وشعار بريطانيا (جئنا محررين لافاتحين) لايختلف عن شعار بوش لنشر الديمقراطية في العراق، ونتائج الاحتلالين كانت واحدة وهي تدمير هذا الشعب واخضاعه وبث سموم الفرقة والتناحر وكلنا يعرف الاسلوب البريطاني ( فرق تسد) لفرض هيمنة مطلقة على مقدرات الشعوب
وثرواتها، وايضا فان نتائج النضال نحو الحرية في العراق واسلوبه ظل متشابها فبين الشعور بالعجز والاتكال على قوى اخرى الى النهوض تارة واخرى حتى يركع الظالمون الى ارادة الشعب، فمن ثورة العشرين الى انقلاب بكر صدقي عام 1936 والذي يعد اول انقلاب في الدول العربية وثورة رشيد عالي الكيلاني عام 1941 ثم ثورة قاسم عام 1958 لم يكن الشعب هادئا ولكنه ايضا لم يكن ثائرا على الدوام وبعد كل انتكاسة كان الشعور بالعجز والياس يصل الى منتاه، غير ان روح الثورة والطليعة الوثابة كانت موجودة دائما لتحرك الدماء وتصحح المسار، وبعد ثورة قاسم حاول الكثير من ضباط الجيش واحراره تصحيح مسار الحكم في العراق عبر انقلابات كتب النجاح لبعضها بقدر ما كتب الفشل للبعض الاخر، ان هذا الايجاز للحركة الوطنية العراقية يقودنا الى تجديد الامل والى التوقف عن الشعور بالياس وعن عدم الاتكال على هذه القوة او تلك مع ملاحظة ان التحدي الذي يواجهه العراقيون اليوم هو اكبر بكثير مما يمكن لشعوب الارض احتماله، فلم يحصل في اي مكان سوى العراق ان تتكالب عليه قوى الرجعية والتخلف والسلفية في الداخل متحدة مع قوى الاستعمار والهيمنة الاقليمية والدولية ، حتى في فترة الحكم البريطاني كان السياسيون العراقيون المشاركون في الحكم رغم خنوعهم وخضوعهم للانكليز الا انهم عملوا قدر مستطاعهم لخدمة البلاد وتقدمها وتحقيق التنمية الممكنة بالموارد الضئيلة انذاك ولم تسجل طيلة الحكم الملكي حالات فساد ونهب للمال العام كما نشهده الان، بل سجلت حالات كثيرة وقف السياسي العراقي فيها ضد الارادة البريطانية، اما المعارضون المناضلون فلم يكن همهم سوى الحرية والعدالة التي لم تنتهك انذاك مثلما هي منتهكة هذا اليوم، وعراق اليوم يشبه تماما اسدا جريحا غارقا في دمائه ومن حوله تحوم الذئاب والدواب، إلا ان للاسد زأرة ستهز في القريب عروش المفسدين الظالمين ورجال الدين اللصوص الدجالين الذين ابتعدوا عن روح الاسلام وجعلوه وسيلة للثراء والتسلط والذين لعبوا دورا بالغ الخطورة في تجهيل الشعب وتغييبه وشل قدراته وسلب وعيه وجعله شعبا اتكاليا يرجو ويدعو وينتظر الفرج من الغيب ويلطم ويبكي ويشكي ويحمد الله على كل شيء، حتى ترى العامل البسيط الذي يكدح اناء الليل واطراف النهار دون ان يسد افواه اطفاله ويلبي ادنى الاحتياجات التي هي دون العيش الكريم ولكنه في النهاية يعلق لوحة في غرفته تقول( هذا من فضل ربي) ، رجال الدين هؤلاء الذين مهدوا الساحة للميليشيات الاجرامية التي زادت من فرقة الشعب وارهبته وارتكبت من الجرائم مالايمكن تخيله، وساعدت بطريقة او باخرى الى احداث تغيير نوعي في السلوك الاجتماعي العراقي الودود الى سلوك اجرامي فاسد طال العائلة العراقية ذاتها، فلك ان تتخيل كم من اخ قتل أخته واخيه وكم من اب قتل ابنه وامراته وغير ذلك الكثير حتى صدمنا جميعا بالجريمة البشعة التي يمكن اعتبارها اول جريمة من نوعها في تاريخ العراق وهي تلك التي ارتكبت في منطقة الوردية ببابل حيث خطف رجل ابن اخيه الطفل في السابعة من عمره بسبب خلاف مع زوجة اخيه، ثم جمع ستة من اصدقاءه ليمارسوا جميعهم الجنس القذر مع هذا الطفل ثم يقتلوه نكاية بامه، لم يعرف العراقيون على مدى تاريخهم مثل هذا السلوك الاجرامي لولا السلوك الميليشياوي المنحرف وانتشار المخدرات وحبوب الهلوسة التي كانت بعيدة كل البعد عن المجتمع العراقي الذي لم يقترب على مدى تاريخه منها باعتبارها تصرفا مشينا ولااخلاقيا ومدمرا للمجتمع والعائلة العراقية الا ان دور رجال الدين وميليشياتهم كان كبيرا في نشر الحشيش والمخدرات بهدف تدمير الشباب ودفعهم نحو الشذوذ والفشل وفقدان الامل الذي دفع الكثير منهم الى الهجرة للبحث عن حياة حرة كريمة آمنة والنأي عما يحصل للبلاد..
ومع كل ذلك فهناك نقاط ضوء وهناك بصيص امل سرعان ما سيتسع ليكشف عورات النظام السياسي والديني والاجتماعي القائم فالطليعة التنويرية الثورية موجودة على الدوام والفارق يبقى كبيرا بين طيش واستهتار السياسيين ورجال الدين وبين الروح الاجتماعية التي تحاول مقاومة التغيير الممنهج للتقاليد العراقية العريقة وروح التحضر والمدنية التي جبل عليها هذا الشعب يساعد في ذلك وبشكل كبير الدور الفعال الذي تلعبه بعض القنوات الاعلامية الحرة المساندة للتغيير كالبغدادية على سبيل المثال والتي لعبت وستلعب دورا مهما في استنهاض روح الشباب والطليعة والثائرين وحملهم على التحدي وعلى مقارعة اوكار الشر والعمالة ،وكذلك بعض رجال الصحافة والاعلام الذين لم يبعوا اقلامهم الحرة للجهلاء والعملاء وبعض المثقفين الذين مازالوا يحملون روح العراق وعروبته وكرامته بين اضلعهم ولم ترهبهم عصي الميليشيات وعصابات السلطة.
وقد يتصور البعض ان السلطة الفاسدة بما تملك من اجهزة قمعية مسلحة هي صاحبة القوة والسطوة الا ان هذا قد ثبت خطأه بالدليل القاطع، ولنا ان نتذكر ماحدث في مطلع اب الماضي حين زحفت الجماهير مطالبة بالاصلاح وكيف ارتعدت فرائص حكومة العبادي وجوقة البرلمان الذين اعدوا حاجاتهم الشخصية وبدأوا بترتيب اوضاعهم للهروب وسارعوا جميعا باعلان خطوات للاصلاح، ولو كانت الجماهير على وعي بخطواتها واهدافها ولو استمرت بالتظاهر فقط ليومين متتاليين لتغير الكثير في العراق ولشاهدت خلو المنطقة الغبراء من ساكنيها، ولكن غياب التخطيط والقيادة للجماهير واعتماد التظاهر لساعات قليلة في يوم الجمعة فقط جعل اللصوص الخائفون يستردون انفاسهم ويمارسوا الاعيبهم الشيطانية في تفتيت روح الثورة ونهضة الشعب، وهاهم اليوم رغم خفوت حدة المطالبات والتظاهرات الاحتجاجية إلا ان الخوف قد سرى بين اوصالهم، فاهم خائفون حتى من صوت طفلة نادت بحريتها فهرعوا بعد ست ساعات فقط الى حرق دارها وارهابها في محاولة لاسكات صوت الاجيال الحرة متناسين ان الزمن قد عفى على تخلفهم وسفالتهم فصوت الطفلة البابلية (روان ) قد صدح عاليا وتناقلته وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وسيظل هذا الصوت مثل منبه جبار يرن في اذان الطغاة المجرمين الاغبياء حتى تقوم الساعة، وسيظل ايضا دافعا معنويا للاجيال الشابة والثائرين الذين سيزدادون ثقة بانفسهم وبابناء شعبهم وقوة ارادته، السلطة بكل جبروتها والميليشيات بكل اجرامها خافت وهزمت امام طفلة لم تطلب سوى مناظرة بين مواطن ومسؤول فتخيلوا مقدار رعبهم وخوفهم وفشلهم وهم يدركون انهم انما فقدوا التواصل مع الشعب بعدما اعاثو في الارض فسادا لايمكن تجاوزه فتراهم يتخبطون في تحركاتهم ، وهاهم يحاولون اللعب والالتفاف على مطالب الجماهير بالاعلان عن تغيير وزاري محكوم مسبقا بالفشل لانه لن يكون سوى عملية تدوير بعض الوجوه من وزارة لاخرى،
ان مايبقى الفاسدين اليوم في السلطة ليس القوة التي يمتلكونها المتمثلة بالميليشيات المجرمة وليس لانهم منتخبون من قبل الشعب، فالشعب بثائريه وبصامتيه يعرف تماما انهم شلة من العملاء ونهاب المال العام وانهم الذين وضعوا البلاد على حافة الانهيار والتردي ولكن بقائهم كبقاء عصابة تحاول ان تحمي وجودها المحكوم بالموت الى اي امد ممكن، ومهما حاولت هذه العصابة بما انجزته لغاية الان وما ستحاول فعله مستقبلا فانها في النهاية لن تستطيع تغيير الروح العراقية الجمعية القائمة على التسامح والاخوة وعلى التجانس رغم الاختلافات المذهبية او العرقية التي اثاروها خلال السنوات الماضية والتي كانت احد اهم عوامل بقائها في السلطة وتمكنيها من رقاب العراقيين ودمائهم ولعلنا جميعا نتذكر باجلال واكبار التضحية
التي قام بها الشاب عثمان العبيدي ابن الاعظمية الذي ضحى بنفسه من اجل انقاذ غرقى جسر الائمة ومعه ايضا اعظميون اخرون استشهدوا في نفس المهمة، والى السيدة التكريتية (ام قصي ) التي انقذت مايقرب من خمسة وعشرين من جنود سبايكر،وغيرهما الكثير ، وغرقى جسر الائمة وجنود سبايكر من مذهب مختلف عن مذهب عثمان وام قصي، ولكنهم عراقيون ابناء بلد واحد عاشوا معا بهوية واحدة وروح واحدة ولم يشعروا يوما ان احدا منهم عدوا للاخر..
فالشعوب اذن حتى وان مرت بفترات يمكن تسميتها بالمظلمة الا انها في النهاية لن تفشل في ايجاد طريقها نحو الحرية ونحو التقدم وما يمر به الشعب العراقي هو جزء مما تمر به المنطقة ككل من صراع حضاري بين التخلف وبين التحضر، بين السلفية الفكرية والاجتماعية والدينية وبين الحداثة والتمدن والتواصل الحضاري واعود الى الطفلة البابلية (روان) وانظروا الى مطلبها الحضاري وهي تتحدث عن الثقافة والمعرفة ومعارض الطفولة والادب هذه الاشياء التي لايفهما الرعاع الذين جعلتهم الصدفة في مواقع المسؤولية في وقت كان جلهم لايعرفون شد ربطة العنق ولا التنسيق بين الوان ملابسهم ولايفرقون بين حذاء الجلد وحذاء البلاستيك، ولم يعرفوا اسما واحدا من اسماء العطور، ولكنهم الان يملكون المليارات ويركبون افخم السيارات ويسكنون في قصور فارهة ويتملكون العقارات في اجمل واغلب عواصم الدنيا فهم كما وصفهم محمد حسنين هيكل (مجموعة لصوص استولوا على بنك).. وفي النهاية فان مايحصل وماسيحصل في العراق قريبا سيؤثر بشكل واضح على المنطقة برمتها وامتداداته ستطال دول الجوار التي تتصارع فيما بينها الان من اجل حماية اسوارها عبر اغراق العراق في صراعات لايراد لها نهاية مثلما لايراد لشعبه النهوض ليضع قواعد جديدة في المنطقة، ولكن العراقيين كغيرهم من شعوب الارض قادرين وان طالت ظلمة الليل على النهوض وعلى القصاص من كل الذين تسببوا بتدميره وتشريد وتهجير ابناءه وترميل نساءه وتيتيم اطفاله.. يوم قريب سنراه مشرقا وستكون فيه نهاية مفجعة للظالمين وتقطيع ايادي دول الجوار التي استباحت دم وكرامة وحرمة البلاد.