23 ديسمبر، 2024 6:17 م

قوة الرجل السياسي في العراق

قوة الرجل السياسي في العراق

يعتقد أغلب الناس بأن هناك قوي وضعيف ، فالقوة هي صفة الأقوياء والضعف صفة الضعفاء وهناك من كان قويا وهناك الضعيف ، فالقوي هو قوي المواقف والصمود بوجه التحديات والتمسك بالرأي والضعيف هو ضعيف المواقف ومهزوز الرأي ، هذه النظرة للأسف في بواطنها الكثير من الأسرار ولكن الناس لا ينظرون لبواطن الأمور وأغلبنا من يرى ظواهر الأمور ولكن في بواطن الأمور أسرار دائما تكون عكس ظواهر الأمور ، فأكثرنا يؤمن بنظرية إن هناك من الرجال وبالذات رجال السياسة أقوياء أشداء يقابلهم رجال ساسة ضعفاء بائسين دون أن نهتم بنظرية تسمى نظرية ( الدعم ) فهذه النظرية هي السر في قوة فلان وضعف فلان.

لا تتوقعوا إن هنالك رجل قوي وآخر ضعيف ، سياسي كان أو موظف أو حتى رجل الشارع فهذه نظرية بالية قديمة كلاسيكية لا قيمة لها الآن فالمؤشرات كلها تدل على إن القوة التي يمتاز بها فلان من السياسيين والضعف الذي يمتاز به غيره من السياسيين مربوط بقوة الدعم ، القوة هي قوة الظهير الساند لنا ، قوتي من قوة من يقف خلفي ، ضعفي هو ضعف من يدعمني ، لا وجود للضعف في نفوس الناس ولا وجود للقوة المفرطة عند أحدنا ، قوتنا تأتي من دعم الأقوياء لنا ، ضعفنا مرهون بضعف من يدعمنا من الضعفاء ، السياسي ( س) قوي نراه وهذه القوة جاءت من دعم دولة مجاورة له بكل قوة ، السياسي ( ص) نراه ضعيف لا يجرؤ على رد مظلمة أو يقف صامدا بوجه الفرقاء لأنه ضعيف ، القوي يتكلم كثيرا ، الكلام يحتاج الى دعم يؤيد فكرة هذه الأقوال وما دام القوي مسنودا فهو يتكلم بقوة ، أما الضعيف أقرب ما يكون للأخرس ليس لأنه لا يعرف أن يتكلم ولكن يعرف إن ظهره خاوي .

بعد السقوط رأينا وسمعنا وشاهدنا بعض الساسة فقسما منهم أقوياء والآخرون ضعفاء ، القوي في العراق مسنود من دولة إقليمية أو دولة جاءت من وراء البحار ، لنأخذ مثلا حيا وهو السيد محمد الشهواني المدير السابق لجهاز المخابرات الجديد ، هذا الرجل عندما كانوا الأمريكان في العراق كان جهازا عصيا حتى على أكبر رأس في الدولة ، لا يستطيع من كان على رأس الهرم أن يزور الجهاز إلا في حالة موافقة الشهواني مسبقا وإن جاء بدون موافقة مسبقة يبقى واقفا في الباب الرئيسي ينتظر رحمة الله ونادرا ما يدخل وفي أغلب المرات يطرد بأدب  وكثيرين من ساستنا حاولوا الدخول لهذا الجهاز في فترة سفر السيد الشهواني ولكن دون جدوى لأن الدخول كان إلا بموافقة خاصة من السيد الشهواني ، بالمقابل كان دخول الأمريكان يسيرا لا يحتاج إلى موافقات والدخول لهم كأنهم داخلون في معسكرهم الدائمي ، بعد نقل ملكية هذا الجهاز من الأمريكان إلى حكومة المالكي أصبح الشهواني قاب قوسين أو أدنى من ترك المنصب لأنه فقد القوة ، وفعلا تم ما كان يتوقعه فورقة الاستقالة مكتوبة ومركونة في جرارات مكتبه دون أن يدون فيها التاريخ وبعد حادثة تفجير الأربعاء الدامي ( تفجير وزارة الخارجية ) قدم الشهواني استقالته وترك العراق خلال 24 ساعة ، إذن نعود لفكرة ( الدعم ) فلو كان الدعم موجودا للسيد الشهواني لما فكر مطلقا بالاستقالة ، إذن قوة الرجل مرهونة بقوة من خلفه ، لنأخذ مثال آخر حين صرح علنا الدكتور صاحب 2 شهادة دكتوراه ( مشكوك بصحتهما ) خضير الخزاعي ( معلم بائس في قضاء المجر الكبير ) وهو يصرخ علنا بأنه سيحصل على منصب نائب رئيس الجمهورية ومن لا يعجبه فهناك الكثير من ( الحيطان) ليضربوا رؤوسهم به وفعلا أستطاع الخزاعي من تحقيق ما قاله وأصبح نائبا لرئيس الجمهورية وهو أفشل وزير تربية في تاريخ العراق والشرق الأوسط وفي العالم أجمع منذ يوم هابيل وقابيل وإلى يوم خروج المخلص ، إذن الرجل مسنود من إيران وهي من تقف خلفه وتدعمه قولا وعملا وما دام مسنودا فهو قوي لا يخشى أحدا وهذا ما حصل علنا وعلى الملأ، وتاريخ الساسة الجدد كفيل بدعم نظرية ( الدعم ) وعليه لا تتوقعوا إن هناك رجل قوي ورجل ضعيف بل عليكم أن تتيقنوا بأن هناك رجل مسنود وآخر غير مسنود وليس هذه النظرية ( الدعم ) تشمل المعترك السياسي فحسب بل إنها تشمل كل الجزيئات الكونية وحتى في محيط الأسرة هناك طفل مسنود من الأبوين يفعل ما يشاء دون حساب أو رقيب لآنه ضمن الحماية من الكبار ، عندما كنت صغيرا كنت مسنودا من قبل الجد والجدة أفعل ما أشاء دون أن يستطيع أحدا من الأخوال والأبوين أن يحاسب الفواز لأنه قد يفتح عليه باب جهنم ومن منا يريد أن يفتح باب جهنم عليه ، لكن بعد وفاتهم أصبحت فاقد القوة ( الدعم ) اتحاشى مواجهة الكبار لأني فقدت قوتي بوفاة الأجداد ، هكذا هي الحياة تعمل وفق نظريات لا تتبدل بالمكان ولا بالزمان ولا بالموروث الاجتماعي .

إذن القوة هنا هي قوة من يقف خلف ظهرك وكلما كنت مسنودا بقوة كبيرة نرى انك الأشجع والأقوى وغيرك الأضعف وهذه هي سنة الحياة تظهر لنا مكامن قوة الإنسان وفقا بنظرية ( الدعم الأزلية ) أدعمني وسترى ماذا أفعل ، اتركني بلا دعم وسترى كيف لا أجرؤ على الكلام، من هذه السطور البسيطة نستطيع أن نعرف من هو السياسي المسنود من إيران ومن غيرها عندما يتكلم ومن منهم يبحث عن أقصر الطرق للهرب من المواجهة وعليه نعود لنقول لا قوي ولا ضعيف في هذا الكون وإنما قوتنا وضعفنا مرهون بالمعطيات الموجودة على الأرض  .