22 ديسمبر، 2024 7:17 م

يبدو ان “الخط المستقيم” شاب طائش، ما ان يبدأ لا يعرف كيف ينتهي، في حين الانسة” دائرة” تملك من القوة ما يجعلها تبدأ وتنتهي في ذات الوقت، فالعجلة هي اداة الحركة وبها تتقدم الاشياء وتمضي الى الامام، فهي اكسير التغيير.

رغم ان التغيير لا يأتي دفعة واحدة، بل يتسرب خلسة وبهدوء ويدب دبيب النمل شيء فشيء، حتى يصبح أمرآ واقعا ومسلم به، لكن هناك مايسمى” ليلة وضحاها” وهي “النقاط المفارقة” والاعلان الصريح للتغيير، لكنه مشهد لا يأتي فجأة كما اسلفنا، فلا بد يتبعه غزو ناعم وحرب باردة، قد مهدت وهيأت البيئة المناسبة، حتى اعلن عن وجودها في “ساعة الصفر” هكذا تتمظهر امامنا فعاليات ونشاطات كانت باﻷمس القريب ابعد ما تكون عن الواقع.

لكنها اليوم تعلن عن نفسها بجرأة ملفته، ان الحملة التي اطلقها العبادي” مكافحة الفساد” هي اعتراف صارخ ان الفساد آفة بدأت تتحرك على السطح، بشكل واضح ولا بد من ايجاد طرق جدية في القضاء عليه، كأي حشرة ضارة لكن كما هو معروف ان”الوقاية خير من العلاج” وهذا ما تعمل عليه الدول المتقدمة، وتقيد مواطنيها بقوانين تنص على اجراء فحوصات طبية بصورة دورية منتظمة، لضمان تمتعهم بصحة جيدة اولا، ولمعالجة اي مرض في حالة اكتشافه مبكرآ ثانيآ.

كذلك الحكومة لا ننكر انها قامت باجراءات وقائية، لحالات الفساد عن طريق استحداث” المفتش العام” كعين تراقب اداء كافة مؤسسات دوائر الدولة، لكن عندما يفسد الطعام نعالجه بالملح، فكيف اذا فسد الملح!

ان الشعور بان المنصب الحكومي لمسؤول ما انما هو أرث عائلي يجب الحفاظ عليه وتوريثه للعائلة، او هبة من السماء، جعل “المسؤول” عن أمور البلاد والعباد في سباق مع الزمن، لملئ حسابه المصرفي من جهة، ولتعطيل سير عجلة العملية السياسية من جهة اخرى، للحفاظ على وجود الهبة السماوية والارث العائلي، فالتغيير هو اقصى ما يخشاه ذلك الملعون” المسؤول”

بعد انتصار العراق على قوى الظلام، ما زالت خفافيش السياسة التي تهوى الفوضى واللانظام، تطمح الى وضع العصى في طريق عجلة التقدم، بأفتعال الازمات والمبررات لتأجيل الانتخابات، او حتى بث سموم الاحباط من المشاركة فيها كأضعف الايمان.

ان شعار ” مكافحة الفساد” شعار كبير كالقضاء على داعش، لا تصنعه يد واحدة، ولا يقوى عقل واحد على رسم خارطه نصره، بل هي عملية مجتمعية تعاونية، وثورة بشرية حقيقية على مؤشرات وبوادر الاخطاء ومواضع الخلل اينما وجدت، فالتغيير الكبير لا يحدث الا بمشاركة كبيرة، لان الفساد لا يمكن تلخيصه بصورة” المسؤول الفاسد” بل يتفرع اخطبوط الفساد لتمتد خراطيمه وتشمل الجانب السياسي والاقتصادي والاجتماعي، والتربوي وحتى اللغوي فالسكوت عن خطأ املائي، دون الاشارة الى تصحيحه ” هو فساد بحق اللغة العربية” ما ينتج عنه ضياع وموت بطئ للتراث والحضارة، لذلك على الجميع ان لايبخل بوضع بصمته في حربنا ضد الفساد والمفسدين، كل واحد منا من موقعه، شيء فشيء حتى تتحرك عجلة المجتمع بأكملها نحو القضاء على الفساد، ويحدث ذلك التغيير الهائل المرتقب!